شؤون العرب والخليج
الجزائر: مرسوم حكومي يفرض قيوداً على الإضرابات في 11 قطاعاً
وقّع رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبدالرحمن مرسوما حكوميا تضمن تنظيما جديدا للحق في الإضراب، وحدد فئات جديدة يمنع عليها ممارسته بدعوى مواقعها الإستراتيجية في مؤسسات ومفاصل الدولة، وهو ما كانت نقابات مستقلة قد حذرت منه بدعوى التضييق على الحريات وتهديد واحد من المكاسب الديمقراطية في البلاد.
وبات القضاة والدبلوماسيون والأئمة ممنوعون من ممارسة الإضراب عن العمل، وينضافون بذلك إلى سلكي قوات الجيش والأمن والدفاع المدني، كما باتت بعض المهن والمناصب محظورا على شاغليها الانخراط في أيّ حركة إضراب، رغم أن قطاعاتها استثنيت في المرسوم الجديد.
وحدد المرسوم الموظفين والوظائف في القطاعات التي يحظر فيها الإضراب. ويشمل ذلك “القضاة، والموظفين العموميين المعينين بمرسوم أو المتمركزين في الخارج، وأفراد الأجهزة الأمنية، وأعوان الأمن الداخلي المكلفين بحماية المواقع والمنشآت، وموظفي الحماية المدنية ( الدفاع المدني)، وأعوان تشغيل شبكة النقل الوطنية التابعة للوزارات المسؤولة عن الداخلية والخارجية، وموظفي الجمارك العاملون، وهيئات إدارة السجون”.
وتتضمن اللائحة أيضا “أئمة المساجد، مراقبي الملاحة الجوية والبحرية، أعوان المؤسسات المكونة للمنشآت الحساسة والإستراتيجية، أعوان مراكز مراقبة المنشآت، التحكم عن بعد في النظام الكهربائي الوطني وشبكات الطاقة، الأعوان المنتمين إلى هيئات محددة لإدارة الغابات، ومدراء التربية الوطنية العمومية، كما يُمنع على المنشآت وموظفي التفتيش في قطاعات التربية والتكوين والتدريس المهني الإضراب”.
ولفت المرسوم الصادر في غضون هذا الأسبوع إلى أن قائمة القطاعات المعنية بحظر اللجوء إلى الإضرابات تشمل مجالات الدفاع والأمن الوطنيين، فضلا عن القطاعات الإستراتيجية والحساسة من حيث السيادة أو الحفاظ على الخدمات الأساسية ذات المصلحة الحيوية للأمة.
وأكد على أن القرار “يرمي إلى الحفاظ على استمرارية الخدمات العامة الأساسية وضمان توفير الاحتياجات الأساسية للبلاد والسكان، والتي قد يؤدي انقطاعها إلى تعريض المواطن لمخاطر على حياته أو أمنه أو صحته، أو قد يؤدي الى أزمة خطيرة”.
وشدد على أن هذه المجالات، تتعلق بقطاعات ومصالح القضاء والداخلية، والحماية المدنية، والخارجية، والمالية، والشؤون الدينية، والطاقة، والنقل، والزراعة، والتربية والتكوين المهني والتدريس.
ووضع القرار لائحة أخرى بأسماء القطاعات والمصالح المطالبة بتوفير الحد الأدنى من الخدمات خلال الاضراب، والتي حددها بـ30 في المئة من مجموع العاملين المعنيين بالإضراب، ويتعلق الأمر بـ”الصحة العمومية أثناء الخدمة، والطوارئ، وصرف الأدوية وتوزيعها، ومختبرات التحاليل الطبية، والخدمات المسؤولة عن إنتاج وتوريد وتوزيع المنتجات الصحية، وخاصة المنتجات الصيدلانية والأجهزة الطبية”.
وشمل أيضا مصالح الإدارة العامة المسؤولة عن الأنشطة الدبلوماسية للدولة، وإقامة العدل، وخدمات المناولة في الموانئ والمطارات، ونقل المنتجات المعترف بها على أنها خطيرة أو سريعة التلف أو مرتبطة باحتياجات الدفاع الوطني والدفن والمقابر، والخدمات المرتبطة بتشغيل الشبكة الوطنية للاتصالات، الإذاعة والتلفزيون والبث، والخدمات المرتبطة مباشرة بإنتاج الطاقة المخصصة لتزويد شبكة الاتصالات.
هذا فضلا عما أسماه، بـ”الخدمات الأساسية لتشغيل مراكز عبور الاتصالات الوطنية وصيانة شبكة النقل الوطنية، والخدمات المرتبطة بإنتاج ونقل وتحميل وتوزيع الكهرباء والغاز والمواد الهيدروكربونية والمنتجات البترولية والمياه، وخدمات إزالة النفايات البلدية داخل الهياكل الصحية والمسالخ، وخدمات الرقابة الصحية، بما في ذلك خدمات الصحة النباتية والبيطرية العاملة على الحدود وفي الموانئ والمطارات والخدمات البيطرية العامة والخاصة وخدمات التطهير”.
وكان القانون الجديد قد أثار جدلا واسعا في الأوساط العمالية والنقابية، ووصف بـ”التراجع الخطير عن واحد من الحقوق الأساسية المكرسة في الدستور”، غير أن الحكومة استطاعت تمريره بدعم من البرلمان الذي تحوز فيه على الأغلبية الموالية للسلطة، وهو ما سينهي عمليا الحق في الإضراب بدعوى المصالح الإستراتيجية والسيادية، فيما تعيش الطبقة الشغيلة وحتى الفئات النخبوية أوضاعا تتراوح بين المأزومة وغير المريحة.
وسبق لأئمة المساجد شن سلسلة من الاحتجاجات تجسدت في وقفات وحتى مسيرات رمزية، وهددوا حتى بالإضراب، لكن الوزارة الوصية ظلت تماطل في الاستجابة إلى مطالبهم، إلى غاية مجلس الوزراء الأخير، الذي أقر حزمة من الإجراءات لفائدة الفئة المذكورة من أجل استمالتها خاصة وأنها تشكل ذراعا روحية تساهم في تمرير خطاب السلطة وتعبئة المجتمع لصالح الخيارات التي تملى عليها.
وسبق للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أن عبر عن امتعاضه من إضراب مفاجئ شنه عمال البريد والمواصلات، واتهم أطرافا بحشد عمال القطاع من أجل أغراض سياسية مبيتة، وهو ما أوحى إلى أن السلطة بصدد التحضير لتشريع جديد يعيد تنظيم وتحديد الحق في الإضراب، وأنها غير مبالية بما يتردد في الأوساط العمالية والحقوقية حول القرار الذي أنهى إلى حد بعيد واحدا من المكاسب الديمقراطية في البلاد وهو الحق في الإضراب.