شؤون العرب والخليج
تمويل تكيّف البلدان النامية مع تغير المناخ يتراجع
انخفض التمويل الدولي المخصص لتكيّف البلدان النامية مع تغير المناخ بنسبة 15 في المئة عام 2021 وفق ما أظهر تقرير للأمم المتحدة نُشر الخميس.
والدول الصناعية هي المسؤول الأول عن انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، ومع ذلك، فهي لا تفعل ما يكفي لمساعدة الدول الفقيرة – الأكثر مُعاناة من تداعيات ظاهرة الاحتباس الحراري – على مواجهة أزمة المناخ.
ورغم وجود أدلة واضحة على “تسارع الأخطار المناخية وتبعاتها في كل أنحاء العالم، فإن نقص تمويل التكيف يتزايد وأصبح يتراوح الآن بين 194 و366 مليار يورو سنويا”، وفق التقرير الذي أعده برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن هذا النقص بمثابة دليل على أن المعركة ضد تغير المناخ “تراوح مكانها”.
وأشار برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن النقص في التمويل يتزايد “رغم الوعود التي قدّمت خلال مؤتمر الأطراف السادس والعشرين (كوب 26) في غلاسغو بمضاعفة تمويل التكيف بين عامَي 2019 و2025، ليصل إلى 40 مليار يورو سنويا” وهو أمر “مثير للقلق”.
وكان التكيف، أي التدابير الرامية إلى الحد من تعرض البلدان والسكان لتبعات تغير المناخ، نقطة أساسية في اتفاق باريس الذي يهدف إلى حصر الاحترار بـ”أقل بكثير من درجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية”.
وفي العام 2009، وعدت الدول الغنية بتقديم 100 مليار دولار لتمويل التكيف مع احترار المناخ العالمي وخفض الانبعاثات في البلدان النامية بحلول العام 2020.
لكن هذا المبلغ لم يتجاوز في نهاية المطاف 83 مليارا وفق أحدث الأرقام التي قدمتها منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
وبحسب تحليل برنامج الأمم المتحدة للبيئة، بلغ التمويل العام للتكيف 21.3 مليار دولار عام 2021، مقارنة بـ25.2 مليار دولار عام 2020.
لكن رغم ذلك، اعتبر بول واتكيس المؤلف المشارك للتقرير، أنه “من السابق جدا لأوانه” تحديد اتجاه تمويل التكيف على المدى المتوسط بسبب عوامل لا يمكن توقّعها مثل الحرب في أوكرانيا أو جائحة كوفيد – 19.
وحدد التقرير سبع طرق لزيادة التمويل بما في ذلك ما يمكن أن يتم عبر الإنفاق المحلي والتمويل الدولي وتمويل القطاع الخاص.
وتشمل السبل الإضافية التحويلات المالية، وزيادة التمويل وتخصيصه للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتنفيذ المادة 2.1 (ج) من اتفاق باريس بشأن تحويل التدفقات المالية نحو مسارات تنمية منخفضة الكربون وقادرة على الصمود أمام تغير المناخ، وإصلاح الهيكل المالي العالمي.
وأشار التقرير أيضا إلى أن صندوق الخسائر والأضرار الجديد سيكون أداة مهمة لتعبئة الموارد، ولكن لا تزال هناك مشكلات، مضيفا أن الصندوق سيحتاج إلى التحرك نحو آليات تمويل أكثر ابتكارا للوصول إلى الحجم اللازم للاستثمار.
والتمويل المناخي هو تمويل محلي أو وطني أو عبر الوطني الهدف منه دعم الإجراءات في وجه تغير المناخ، بداية من السياسات وحتى العمل الميداني على أرض الواقع، في المجالات التي يمكن فيها تحقيق فروق ملموسة في حياة السكان ورفاههم. ويمكن أن تأتي هذه الأموال من مصادر عامة أو خاصة أو بديلة.
وهناك حاجة إلى التمويل المناخي من أجل تخفيف الانبعاثات المتسببة في تغير المناخ. وإذا لم يجرِ الحد فورا من انبعاثات غاز الدفيئة وعلى نطاق واسع، فلن يكون من الممكن الحد من الاحترار في حدود 1.5 درجة مئوية، أو حتى درجتين مئويتين، مما يضع العالم على مسار كارثي.
ولتغير المناخ آثار مدمرة بالفعل على السكان والطبيعة والبنية التحتية. ويتعيّن مساعدة المجتمعات المحلية والاقتصادات من أجل التكيف مع التغيرات التي لا مفر منها.
ويؤكد خبراء أنه إذا كنا نأمل في الحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية، فنحن في حاجة إلى خفض الانبعاثات العالمية إلى الصفر صاف بحلول منتصف القرن من خلال التسريع بتقليل الاعتماد على الفحم تدريجيا، ووقف إزالة الغابات والتشجيع على إعادة التشجير، والتحول إلى استخدام المركبات الكهربائية والاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة. وسيتطلب هذا التحول الحيوي تريليونات من الدولارات من التمويل العام والخاص.
ويتسبب تغير المناخ في ازدياد ظواهر الطقس تواترا وتطرفا، وارتفاع درجات الحرارة، وتغير هطول الأمطار. وهذا يضر بسبل العيش ويعطل النظم الغذائية للسكان الذين لا يملكون أيّ قدر يذكر من وسائل التحوط ضد الصدمات الشديدة.
وبعد ثماني سنوات على اتفاق باريس، لامس الاحترار في العام 2023، 1.5 درجة مئوية إضافية على مدى سنة في ما تسجل المحيطات مستويات حر قياسية منذ ستة أشهر. وعلى اليابسة تكثر موجات الحر والحرائق والأعاصير والفيضانات مع ما تحمله من تداعيات على المواطنين.
وفي إطار هذه الظروف، تتركز التطلعات والمعارضات على اجتماعات “كوب 28” التي تستضيفها الإمارات العربية المتحدة بين الثلاثين من نوفمبر الجاري والثاني عشر من ديسمبر المقبل.
وينتظر مشاركة أكثر من 80 ألف شخص وخمسة آلاف صحافي وهو أمر غير مسبوق، في المؤتمر، إذ يضاف المشاركون في المعرض الاقتصادي الضخم، الذي يقام على هامش المفاوضات المناخية، إلى العلماء والمنظمات غير الحكومية والمندوبين من 198 دولة موقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيّر المناخي.
وتأمل الرئاسة الإماراتية للمؤتمر في استقطاب عدد قياسي من قادة الدول في الأول من ديسمبر والثاني منه. ويتم الحديث عن حضور الرئيس الصيني شي جينبينغ وهو أمر نادر، والبابا فرنسيس وهي مشاركة غير مسبوقة.