شؤون العرب والخليج
انطلاقة هادئة لحملات دعاية منافسي السيسي في الانتخابات المصرية
أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر الخميس عن القائمة النهائية لمرشحي انتخابات الرئاسة المقرر عقدها في ديسمبر المقبل، في وقت بدأ فيه بعض المرشحين حملاتهم الدعائية على استحياء، ونظموا مؤتمرات صحفية أعلنوا فيها برامجهم في أجواء داخلية تتسم بالبرود السياسي بسبب التطورات في الحرب على قطاع غزة واهتمام القاهرة بتفاصيلها.
وأعلنت الحملة الانتخابية للرئيس عبدالفتاح السيسي الخميس أن القيمة المالية لدعايته سيتم التبرع بها لشعب غزة، وتوجيهها لشراء مساعدات يحتاجها سكانها حاليا، وقد تؤثر هذه الخطوة على حرارة الدعاية الانتخابية بشكل عام، وتعزز من برودتها.
ويتنافس في انتخابات الرئاسة المصرية أربعة من المرشحين، هم: الرئيس السيسي، ورئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريد زهران، ورئيس حزب الوفد عبدالسند يمامة، ورئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر.
وبدت مؤتمرات نظمها مرشحون فاترة مع غياب الاهتمام الشعبي بانتخابات الرئاسة التي هي شبه محسومة لفائدة السيسي، وأهدر منافسوه الفرصة التي كانت أمامهم للتعبير عن أنفسهم وتوضيح برامجهم وطرحها للنقاش، وإيجاد حالة من الزخم حول ما يقدمونه من أفكار ربما تسهم مستقبلاً في جذب فئات من المصريين إليهم.
ولم يعد الكثير من المصريين يهتمون بما يقدمه المرشحون مع اقتناعهم بأن بلدهم يمر بظرف صعب، كما أن أسماء هؤلاء لا تساعد على جذب تيارات شعبية كانت تعول سابقا على انتخابات الرئاسة لإحداث إصلاحات تخفف من حدة الأزمات الاقتصادية، وتشكل الكاريزما الغائبة عائقا أيضا أمام مساعي إحداث تحول في الوضع الراهن.
ويركز المرشح فريد زهران في إدارة البلاد خلال المرحلة المقبلة على تشكيل حكومة جديدة برئاسة شخصية اقتصادية وسياسية مرموقة، ومنحها صلاحيات لوضع خطة إنقاذ عاجلة وإرجاء أي مشروعات قومية جديدة، ودراسة الموقف التنفيذي للمشروعات الجارية، والدعوة إلى عقد قمة أفريقية لمناقشة مشكلات القارة وهمومها المشتركة.
وضم برنامج رئيس حزب الوفد عبدالسند يمامة مقترحات لمعالجة أزمات مصر، وعلى رأسها أزمة سد النهضة والتضخم وارتفاع الأسعار، مع وضع رؤية إصلاحية شاملة وتقديم حلول واقعية قابلة للتنفيذ، معتبراً أن الإصلاح السياسي هو المدخل إلى الإصلاح الاقتصادي الشامل، وهي شعارات وأفكار لا تختلف كثيراً عما قدمه رئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر خلال لقاءاته الصحفية التي أجراها مؤخرا.
وأصبحت قدرة المرشحين على تنظيم فعاليات جماهيرية جذابة محدودةً بسبب عدم التحمس للانتخابات، فالغوص في تفاصيل الحياة المعيشية وسط المخاطر الداهمة لن يلقى صدى شعبيا إيجابيا، والوصول إلى حالة السخونة السياسية التي كان يعول عليها البعض للتأكيد على وجود انتخابات تعددية عملية مضنية.
وقال نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي إيهاب الخراط إن الحياة السياسية المصرية تواجه تحديات مع إجراء انتخابات تعددية قوية في اللحظة الحالية بعد أن طغت حرب غزة على الأوضاع في الداخل وتسببت في حالة شعور باليأس من المستقبل وغضب مكتوم مما يتعرض له أهالي القطاع من تنكيل.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “تحجيم الحياة السياسية في السنوات الماضية يلقي بظلاله حاليا. وعلى الرغم من حدوث قدر من الانفتاح، إلا أن عملية التغيير لن تحدث بين عشية وضحاها. والأحزاب تجد صعوبات في أن تحجز لنفسها مكاناً في الشارع وتشتبك مع المواطنين بشكل طبيعي”.
وأشار إلى أن الحملة الرئاسية لفريد زهران تحاول تطوير أساليب تواصلها مع الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي وخلق مساحات جديدة يمكن أن تساعد في توصيل الأفكار إلى أكبر عدد من الجماهير خلال فترة الدعاية القصيرة، لكن ذلك تعترضه صعوبات مع وجود اقتناع لدى بعض المواطنين بأن ما تمر به البلاد يتطلب تواجد رئيس لديه خلفية عسكرية.
وحددت الهيئة الوطنية للانتخابات مجموعة الوسائل التي يمكن للمرشحين إعلان برامجهم من خلالها، أبرزها الاجتماعات المحدودة والعامة، والحوارات، ونشر وتوزيع مواد الدعاية الانتخابية، ووضع ملصقات ولافتات، واستخدام وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمطبوعة والإلكترونية.
وواجهت هيئة الانتخابات انتقادات لقصر فترة الدعاية الانتخابية التي تستمر شهرا واحدا فقط، بدأت في التاسع من الشهر الجاري وستنتهي في الثامن من ديسمبر المقبل.
ومن المقرر أن تجرى انتخابات المصريين في الخارج أيام الجمعة والسبت والأحد 1 و2 و3 ديسمبر المقبل، وتجرى الانتخابات داخل مصر أيام الأحد والاثنين والثلاثاء 10 و11 و12 ديسمبر، وتُعلن نتيجة الجولة الأولى في الثامن عشر من ديسمبر.
وذكر المحلل السياسي جمال أسعد أن “منافسي الرئيس السيسي فشلوا في تحقيق مواءمة تتماشى مع الأخطار والتحديات الخارجية التي تواجهها البلاد والأزمة الاقتصادية الصعبة، بجانب محاولات استدراج مصر للدخول في حرب لا تريدها”.
ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن “المواطنين أنفسهم نسوا أنهم يواجهون مشكلات اقتصادية وارتفاعات جنونية في الأسعار واصطفوا خلف القيادة السياسية، فيما يتجه مرشحو الانتخابات إلى الدخول في تفاصيل فرعية لا تمثل أهمية عاجلة حاليا، وتقتضي المواءمة السياسية تعاملا يناسب المخاطر التي تواجهها البلاد. ولن تجد المؤتمرات الانتخابية من ينصت لها إذا استمرت في توجيه انتقادات سياسية داخلية”.
وشدد على أن الواقع السياسي يشير إلى صعوبة الاتجاه نحو انتخاب أي من الشخصيات التي ستخوض الانتخابات، وهو أمر يقتنع به مواطنون لا يفضلون الدخول في تفاصيل داخلية واهتمامهم الأكبر منصب على الحفاظ على أمن واستقرار بلدهم.
ويخشى متابعون أن تؤدي الحالة الراهنة إلى عزوف الناخبين عن المشاركة في الاقتراع، ويقدر عددهم بـ67 مليون ناخب، وبالتالي قد تواجه الانتخابات مأزقا يتعلق بعدم ثقة المواطنين في جدواها أصلا، ما يجعل هناك حاجة إلى الحفاظ على قدر مهم من المنافسة، وسيبقى ملف الانتخابات ضمن أولويات المصريين في الشهر المقبل، ويعود ذلك أساسا إلى أنها تفتح الباب أمام انتخاب رئيس يستمر في منصبه لمدة ست سنوات أخرى.