شؤون العرب والخليج
الأجهزة الأمنية في سوريا تشدد قبضتها على المنظمات والوكالات الأممية
تفرض الأجهزة الأمنية السورية في مناطق سيطرتها قيودا على المنظمات والهيئات حتى تلك التابعة للأمم المتحدة، ولا تتوانى عن التدخل في عمل المنظمات ليشمل ملف التعيينات، والتي يقول نشطاء إنها تجري وفق المحسوبية والوساطات.
وكشفت مصادر خاصة تحفظت على ذكر اسمها أن الأجهزة الأمنية في سوريا أوقفت عددا من موظفي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عن العمل وأجبرت الوكالة على فصلهم بداعي أنهم يشكلون خطرا على الأمن السوري.
ونقلت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” عن المصادر قولها إن الأجهزة الأمنية أوقفت خلال شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين ثلاثة موظفين تابعين للأونروا بدمشق، واثنين آخرين في المنطقة الشمالية، وموظفا واحدا في المنطقة الوسطى، بعد أن جاءت دراستهم ضمن ما يسمى “التريث” وإيقاف العمل.
وأشارت المصادر إلى أنه بعد المتابعة والتدقيق تبين أن فصل الموظفين كان لدواع أمنية بحتة، وليس لشخص الموظف، وإنما بسبب انتماء أحد ذويه إلى أطراف معادية ومعارضة للسلطات السورية.
ولطالما كان العمل المدني مقيدا في سوريا، ويخضع لمراقبة لصيقة من الأجهزة الأمنية قبل اندلاع الأزمة في العام 2011، لكن الوضع ازداد سوءا بعد هذا التاريخ، الأمر الذي أدى إلى خنق العمل المدني.
وقال مسؤول قسم الإعلام في “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” فايز أبوعيد إن هيمنة النظام وصلت إلى قطاع التوظيف في وكالة الأونروا التي من المفترض أن تكون أممية من حيث القرارات والمرجعية.
وأضاف أبوعيد في تصريحات لموقع “عنب بلدي” أن النظام أجبر الوكالة على فصل ستة موظفين بحجة انتماء فرد من عائلة أحد الموظفين إلى المعارضة السورية، كما يقيد النظام عمل الوكالة في سوريا ويمنعها من القيام بأي نشاط دون الرجوع إليه.
واشتكى عدد من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا من الوساطات والمحسوبيات في عملية قبول الموظفين في وكالة الغوث، وتسلط وهيمنة الأجهزة الأمنية، مشيرين إلى أن الوظائف في الوكالة أصبحت حكراً على المتنفذين وعلى بعض الأسر.
ولوحظ في الآونة الأخيرة قيام الأونروا بتوظيف أشخاص ليسوا فلسطينيين ومن طوائف معروفة في سوريا ولديها نفوذ داخل أجهزة الأمن وخاصة فرع فلسطين الذي أصبح يعين موظفين من قبله أكثر من المدير العام للأونروا.
وقال أبوعيد إن الوكالة ليست صاحبة قرار في تعيين موظفيها، إذ تقوم الأجهزة الأمنية بدراسة لأي موظف في الوكالة قبل السماح لها بتوظيفه.
وكانت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية ذكرت في تقرير لها في وقت سابق من العام الجاري أن الأمم المتحدة وظفت ابنة رئيس المخابرات السياسية في سوريا، حسام لوقا، المعاقَب من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا لارتكابه انتهاكات لحقوق الإنسان، لدى أحد مكاتبها في دمشق.
وكشفت وثائق مسربة في العام 2016 أن الأمم المتحدة سبق أن وظفت أقارب لمسؤولين رفيعي المستوى لدى النظام في منظمات إغاثية، وذكر أحد العاملين في مجال الإغاثة بالشرق الأوسط “لا يمكنني أن أخبركم عن عدد المرات التي دخل فيها أحد المسؤولين لدى الحكومة السورية إلى مكاتبنا وضغط علينا لنوظف ابنه”.
ويقول نشطاء إن أعين النظام في كل مكان، وإن هناك حالة من عدم الثقة المتزايدة تجعل النظام يشدد قبضته على الجميع، بمن في ذلك اللاجئون الفلسطينيون ووكالة الأونروا.
ويتعرض اللاجئون الفلسطينيون إلى ضغوط شديدة من قبل النظام السوري منذ اندلاع الأزمة في البلاد، ويربط البعض ذلك بمواقف الفصائل الفلسطينية من الصراع السوري حينما اتخذت حركة حماس موقفا مناوئا للحكومة السورية واصطفت سياسيا مع المعارضة، في المقابل تبنت حركة فتح موقفا حياديا.
وقال مسؤول قسم الإعلام في “مجموعة العمل” إن النظام يفرض قبضته الأمنية على جميع المخيمات والتجمعات الخاصة باللاجئين الفلسطينيين ويضيق عليهم الخناق من خلال ممارسة سياسة الترهيب والتخويف عبر حملات الدهم والاعتقال، وذكر أن حملات اعتقال النظام طالت الآلاف من الفلسطينيين.
وبلغ عدد المعتقلين الفلسطينيين الموثقين لدى “مجموعة العمل”، منذ عام 2011 حتى شهر نوفمبر الحالي، أكثر من ثلاثة آلاف معتقل، من بينهم نساء وأطفال.