شؤون العرب والخليج
تبون يشحذ خطابه لتحريك عجلة اقتصاد يأبى الإقلاع
رفع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قبل نحو سنتين شعار “الإقلاع الاقتصادي” الذي بقي مجرد شعار لم يتحقق منه شيء على أرض الواقع، وهو ما دفعه إلى تصعيد خطابه لتحقيق هذا الشعار.
يأتي ذلك فيما استنفد تبون أربعة أعوام من عهدته الرئاسية، ولم يبق إلا تقديم الحساب الذي إما أن يُقنع الجزائريين بوجوب تجديد الثقة به إن كان إيجابيا أو يصرفهم عن ذلك إن كان سلبيّا.
وأكد الرئيس الجزائري على مرافقة الدولة لكل المشاريع الاستثمارية المدرة للثروة والموفّرة لمناصب الشغل، وحرصها على الدعم الكامل للمتعاملين الاقتصاديين وحاملي المشاريع، وذلك ضمن الكلمة التي ألقاها في ختام ما عرف بـ”أيام المقاولاتية”، المنتظم من طرف المجلس الوطني للتجديد الاقتصادي، لفائدة مؤسسات حكومية وخاصة وشبابية.
ولم تخل رسائل تبون من الإفصاح عن شراكة السلطة مع رجال الأعمال، دون غيرهم من الفواعل المهنية، في تلميح إلى الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية التي انتقدت خيارات الحكومات المتعاقبة في التعاطي مع الملفات الاقتصادية والاجتماعية، عبر الرسالة التي وجهتها رئيستها سيدة الأعمال سعيدة نغزة إلى الرئيس تبون عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ولفت في هذا الشأن إلى أنه “لا توجد قوة في العالم تستطيع الضغط على الجزائر، وأن البلاد وصلت إلى نقطة اللارجوع للدفاع بشراسة عن سيادتها، وما عدا القوة الإلهية القاهرة، لا توجد قوة في العالم تضغط على الجزائر”. وأضاف “الدولة تقف بالمرصاد لكل أشكال الانحرافات التي أضرت بالاقتصاد الوطني في السابق وكلفت الخزينة العمومية المليارات من الدولارات”.
وفضلا عن ممارسات الفساد المالي الذي طبع الحقبة السياسية السابقة، فيما بات يعرف بـ”العصابة” (المحيط الاقتصادي والمالي الذي كان يستحوذ على فرص التمويل الحكومي للاستثمارات)، كرر الرئيس تبون محتوى الرد الوارد في برقية وكالة الأنباء الرسمية على ما جاء في رسالة سيدة الأعمال سعيدة نغزة.
وقال “بعض الناس يحنون إلى الماضي الأليم الذي عاشته البلاد وأنه يمكن لهم أن يضغطوا على الدولة وعلى سياساتها الاقتصادية، وإن هذه الفئة التي تحاول المساس بصورة الجزائر في الخارج هي قليلة جدا، ولا تمثل الأغلبية المنسجمة مع السياسة الاقتصادية الحالية، وهي الأغلبية المفعمة بروح الوطنية والرغبة في إبراز الجهود التي تبذلها الدولة للنهوض بالاقتصاد الوطني”.
وكان رد الوكالة الرسمية قد اتهم رئيسة الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية بـ”الفساد والاستفادة من الحقبة السياسية السابقة”، رغم أن السيدة كانت في سجال دائم مع رمز اللوبي المالي والاقتصادي رجل الأعمال المسجون علي حداد، خاصة ما تعلق بالاستحواذ على فرص التمويل العمومي للاستثمارات الحكومية.
ويتداخل الشأن السياسي في الجزائر مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي، باعتبار أنه مصدر الاستقرار الأول في البلاد، وهو ما لم يتحقق رغم مرور أربعة أعوام من عهدة الرئيس تبون، لأسباب مختلفة منها تأثيرات جائحة كورونا وتذبذب أسعار النفط وفشل الحكومات في تحريك عجلة الإنتاج المحلي، مقابل اللجوء إلى الاحتكار وحظر الاستيراد لتوفير عائدات أكثر في صندوق احتياطي الصرف، رغم ما يثيره من احتقان وغضب اجتماعي بسبب الندرة وغلاء الأسعار.
ويبدو أن الرئيس الجزائري بصدد لعب آخر أوراقه، من أجل تحقيق أرقام عالية في سلم الشرعية الشعبية، عبر تحريك عجلة الاقتصاد وضبط التحالفات المالية والاقتصادية الداخلية، خاصة وأن اتهامات طالت سيدة الأعمال سعيدة نغزة، حول وقوف جهات مناوئة للرئيس تبون خلف الرسالة المنتقدة واستغلال الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لأغراض سياسية.
وفي تلميح إلى مراجعة السلطة لحساباتها الاقتصادية والمالية أكد تبون في كلمته أنه “لا يوجد أي طرف يمكن له أن يفرض ضغوطا أو شيئا غير معقول، وأن البلاد دخلت مرحلة تم فيها طي ملف الماضي والممارسات السابقة نهائيا”، في إشارة إلى ما عرف بـ”لجنة مراجعة الحسابات مع رجال المال والأعمال”.
وكانت وكالة الأنباء الجزائرية شنت هجوما حادا على سعيدة نغزة رئيسة الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، بسبب كشفها مناخ الأعمال والاقتصاد في الجزائر الذي بات طاردا للمستثمرين، في رسالة موجهة إلى رئيس الجمهورية نشرتها على حسابها في فيسبوك.