شؤون العرب والخليج

البرهان يتمسك بسلطة شكلية عبر مراسيم غير دستورية

مسكون بسلطة وهمية

الخرطوم

يحاول قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان الإيحاء بأن مفاتيح السلطة لا تزال بين يديه، عبر إصدار قرارات ومراسيم غير دستورية، مستغلا في ذلك غياب المحكمة الدستورية العليا وكذلك الهيئة العليا للقضاء. وأصدر البرهان مرسوما قضى بإعفاء رئيس تجمع تحرير السودان الطاهر حجر من عضوية مجلس السيادة في خطوة هي الثانية من نوعها التي تستهدف الحركات الموقّعة على اتفاقية جوبا للسلام، بعد أن أعفى هادي إدريس من عضوية المجلس في الثالث من نوفمبر الجاري.

وجاء المرسوم على خلفية موقف رئيس تجمع قوى تحرير السودان الذي أعلن تمسكه بالحياد ورفضه الانحياز للجيش، وتبرّؤه من مشاركة ممثل التجمع صلاح الولي في مؤتمر صحفي عقد ببورتسودان (شرق السودان) الأسبوع الماضي أعلنت خلاله الحركات المسلحة المشاركة ومن بينها حركة تحرير السودان جناح مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة جناح جبريل إبراهيم التخلي عن الحياد والمشاركة في الحرب بجانب الجيش.

ويرى نشطاء حقوقيون وسياسيون سودانيون أن البرهان يحاول استغلال شرعية مهزوزة إن لم تكن مفقودة بعد انقلابه في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021، من أجل الإيحاء بأنه لا يزال الطرف الأقوى في المعادلة القائمة، مع أن التطورات الميدانية التي تصب في صالح قوات الدعم السريع تقول عكس ذلك. ويلفت النشطاء إلى أن البرهان يعمد إلى استغلال سلطته الشكلية من أجل تحييد أو إقصاء الأصوات الرافضة لنهجه، وهو ما حصل مع حجر وقبله إدريس.

وقال المحامي والناشط الحقوقي المعز حضرة إن البرهان فقد شرعيته في اتخاذ أيّ قرارات تخص مجلس السيادة منذ انقلاب المكون العسكري على السلطة المدنية في الخامس والعشرين من أكتوبر والذي بمقتضاه جرى حل الحكومة الشرعية التي شكلت إلى جانب مجلس السيادة مجلساً تشريعياً بيده اتخاذ القرارات بمقتضى الوثيقة الدستورية التي جرى العمل بها بعد ثورة ديسمبر، وبالتالي فإنه لا يحق لرئيس مجلس السيادة الحالي أو أعضائه اتخاذ قرارات الإقالة أو التعيين حيث أصبحت جميع تلك المناصب شرفية.

وأضاف حضرة في تصريح لـ”العرب” أن البرهان أدخل تعديلات عديدة على الوثيقة الدستورية ذاتها والتي أضحت معطوبة وتعاني خللاً واضحاً، ومن بين تلك التعديلات إدخال بنود اتفاق جوبا للسلام والتي بمقتضاها قام بتعيين الهادي إدريس يحيي والطاهر حجر كعضوين بمجلس السيادة، وأن الاعتداءات المتكررة على الوثيقة الدستورية جعلها في حكم غير الموجودة وبالتالي لا يمكن الاعتداد بمرجعيتها.

وأشار إلى أن الناشطين الحقوقيين يجدون استحالة في تقديم دعاوى قضائية لوقف تنفيذ تلك القرارات والمراسيم مع غياب المحكمة الدستورية العليا والهيئة العليا للقضاء، ولا يمكن التعويل على النيابات الموجودة في بورتسودان والتي تسيطر عليها الحكومة. ورفض عضو مجلس السيادة المقال قرار قائد الجيش، واعتبر الطاهر حجر أن إعفاءه من عضوية مجلس السيادة يخالف اتفاق جوبا لسلام السودان، ويعرّضه للانهيار الكامل، وهو ما ستكون له تداعيات سياسية وأمنية خطيرة على الأمن والاستقرار في البلاد.

وقال حجر إنه بعد حرب 15 أبريل انفرد قائد الجيش بإصدار مراسيم غير دستورية، باسم مجلس السيادة الذي لم يجتمع منذ أكثر من عام لعدم وجود نصاب قانوني لاجتماع المجلس. وأضاف أن الوثيقة الدستورية لم تمنح رئيس مجلس السيادة سلطة إصدار مراسيم وقرارات بشكل منفرد.

وتنص المادة الحادية عشرة من البند الثاني للوثيقة الدستورية على أن "يُشكل مجلس السيادة من أربعة عشر عضواً، خمسة أعضاء مدنيين تختارهم قوى الحرية والتغيير، وخمسة أعضاء يختارهم المكون العسكري، وعضو مدني يتم اختياره بالتوافق بين المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير، وثلاثة أعضاء تختارهم أطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان، ويجوز للجهات التي قامت بالاختيار حق تعيين ممثليهم واستبدالهم".

وبموجب انقلاب 25 أكتوبر 2021 تم إعفاء الأعضاء المدنيين الذين تمت تسميتهم بموجب نص المادة المذكورة، وأثناء حرب 15 أبريل قام قائد الجيش بإعفاء ثلاثة أعضاء من المجلس بمراسيم غير دستورية. ودعا حجر الأعضاء التسعة الذين جرى إعفاؤهم لعقد اجتماع عاجل لمجلس السيادة “لتحمل المسؤولية الوطنية في هذا الظرف التاريخي ولوقف العبث الدستوري الذي يمارسه قائد الجيش، تلبية وتنفيذًا لأجندة النظام البائد، الذي أصبح يكتب ويوقع باسم رئيس مجلس السيادة".

وأوضح حجر أن توليه عضوية مجلس السيادة كان من ضمن حصة أطراف اتفاق جوبا لسلام السودان، وهؤلاء وحدهم لهم الحق في تعيين ممثليهم واستبدالهم في المجلس، مشددا على رفضه الاعتراف بقرار البرهان. وجدد رئيس تجمع تحرير السودان التزامه بالحياد ورفضه للحرب متوجها برسالة إلى البرهان “الطريق الذي تسير عليه، والنهج الذي تتبعه، لا يقودانك إلا للمزيد من هلاك الأنفس، وخراب البلاد ودمارها، وفوق ذلك تدمير القدرات العسكرية، وإهدار موارد البلاد في حرب عبثية، أشعلها النظام البائد، أملاً في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء”.

ودعا قائد الجيش إلى فك الارتباط بأجندة النظام البائد، والذهاب للتفاوض بنية التوصل لاتفاق حقيقي وشامل يحقن دماء السودانيين، ويحافظ على مكتسبات ثورة ديسمبر. ويشهد السودان منذ الخامس عشر من أبريل نزاعا مسلحا بين الجيش وقوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي). واندلع الصراع بتحريض من فلول النظام السابق للجيش، على أمل قطع الطريق على وصول السلطة إلى المدنيين، وإعادة خلط الأوراق. وقد انقسمت القوى السياسية المسلحة حيال الصراع الدائر بين أطراف فضلت البقاء على الحياد وأخرى ارتأت دعم أحد طرفي الصراع.

وتميل التطورات الميدانية الحالية لصالح قوات الدعم السريع التي نجحت في التمدد في عدد من أقاليم السودان وولاياته، الأمر الذي دفع الجيش إلى محاولة الضغط على القوى المترددة أو تلك الرافضة للحرب للانخراط معه في النزاع، مستغلا سطوة فلول البشير وتأثيرهم على عدد من الحركات المسلحة، لكن متابعين يرون بأن مثل هذه التحركات اليائسة لن يكون لها تأثير على المجريات في الميدان.

نواب أوروبيون يدعمون المقاومة الإيرانية ويؤكدون على دعمهم لمستقبل ديمقراطي في إيران


إيران ..جولة سابعة من عمليات شباب الانتفاضة: إشعال النار في مقرات مراكز القمع


قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد النظام: خطوة ضرورية كان يجب اتخاذها في وقت أقرب


إعدام ما لا يقل عن 145 سجينا، من بينهم ثلاث نساء، خلال شهر في إيران