شؤون العرب والخليج
الأردن أمام حتمية إقرار قانون جديد لتحفيز الطاقة البديلة
أقرت الحكومة الأردنية بضرورة اعتماد خطط أكثر تحفيزا خلال المرحلة القادمة لزيادة إنتاج الكهرباء من الطاقة المستدامة لتنويع مزيج الطاقة بما ينسجم مع الدعوات العالمية للإسراع في التحول النظيف.
وتراهن عمّان على تحسين ظروف العمل في هذا القطاع، وسط ضغوط من أوساط الخبراء للإسراع في إقرار قانون جديد بعدما أثبت القانون السابق أنه لم يضف نتائج واضحة.
ومنذ فترة تدفع أوساط اقتصادية محلية باتجاه حث السلطات على القطع مع السياسة الحالية في تنمية قطاع الطاقة المتجددة حتى تكون أكثر جذبا للاستثمارات لزيادة المشاريع في القطاع.
وقال وزير الطاقة صالح الخرابشة خلال ترؤسه اجتماع مجلس الشراكة في مجال الطاقة الخميس الماضي إن “المرحلة الحالية تتطلب إصدار تشريع جديد يواكب التطورات والتغيرات المتسارعة الحاصلة في مجال الطاقة المتجددة”.
وأوضح أن التشريع الجديد يجب أن يتواءم مع المستجدات التي يشهدها القطاع والنظرة المستقبلية وأهداف رؤية التحديث الاقتصادي، في تطبيق مبادئ الاستدامة على النمو الاقتصادي وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
وأشار في كلمة بالاجتماع أوردتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى أن هذه الخطوة أصبحت أمرا ملحا في ظل ارتفاع فاتورة الطاقة في البلاد.
ويتجه البلد الذي يعتمد بشكل كبير على المساعدات الدولية لتنمية اقتصاده الهش لزيادة حصة الطاقة من المصادر المتجددة إلى النصف بنهاية العقد الحالي، مقارنة مع واحد في المئة في عام 2014.
وتطمح الحكومة إلى زيادة نسبة الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المستدامة للوصول إلى أكثر من 50 في المئة بحلول 2030، في إطار سياسة الاعتماد على الذات وتعزيز المصادر المحلية من الطاقة.
وتعتبر مشكلة الطاقة بالبلاد أحد أبرز التحديات الأساسية التي تواجه الاقتصاد، إذ تبلغ فاتورتها في المتوسط 6.4 مليار دولار سنويا، وهي في ارتفاع مستمر مع الزيادة الاضطرارية في عدد السكان واحتياجات المنشآت والمصانع للكهرباء والمشتقات النفطية.
ويشكل بند الطاقة في الموازنة السنوية من أكبر هواجس الحكومة بسبب كلفة الاستيراد المرتفعة، وأثرها على عجز الميزان التجاري وارتفاع أسعار السلع.
وتعكف وزارة الطاقة على مراجعة التشريعات الناظمة لعمل القطاع لمواكبة أفضل الممارسات العالمية، بما فيها تطوير قانون الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة الصادر في 2012 بصورة تضمن المحافظة على الريادة والإنجازات التي حققها القطاع.
وأكد الخرابشة أن مراجعة القانون تهدف إلى تعزيز ممارسات ترشيد الطاقة وتحسين كفاءة استخدامها، ووضع تعليمات ناظمة تراعي مصالح كافة القطاعات من جهة ومتطلبات النظام الكهربائي من جهة أخرى.
كما شدد على ضرورة إعادة النظر في آلية التعامل مع مشاريع تغطية الاستهلاك، وتعزيز وتعظيم أهمية تصنيع المكون المحلي في مجال الطاقة المتجددة، وتعزيز العائد منه على الدخل المحلي.
والتحدي الأكبر الذي يواجه قطاع الطاقة المتجددة حاليا هو تخزين الطاقة، وهناك حلول توصلت إليها دول متقدمة وأبدت استعدادها لمشاركة الأردن هذه التجربة لتعزيز المصادر المحلية من الطاقة المتجددة.
ويتعاون الأردن في الوقت الحاضر مع ألمانيا، والتي أبدت استعدادها لدعم الجهود الحكومية لرفع نسبة الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المستدامة.
وكان البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية قد أعلن في أغسطس 2019 أنه سيساهم في تمويل بناء حقول لإنتاج الطاقة النظيفة في الأردن بحزمة مالية تصل إلى 35 مليون دولار.
وتشير التقديرات إلى أن طاقة التوليد من المصادر البديلة تقترب من 1500 ميغاواط، ويصل حجم الاستثمارات الخارجية فيها إلى أكثر من 2.3 مليار دولار.
وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، تحرك الأردن لجذب المزيد من الاستثمارات في الطاقة النظيفة، لتتصدر رهانات إنعاش هذا النشاط الاقتصادي وتخفيف اعتمادها الشديد على استيراد النفط والغاز وتعديل الاختلالات الكبيرة في التوازنات المالية.
ويرتبط الأردن بشبكة كهرباء مع كل من مصر وسوريا ولبنان ويعمل على الربط مع العراق والسعودية ودول الخليج العربي في المستقبل.
وحاليا، تعمل السلطات على توسعة الشبكة المحلية لتعزيز قدرتها على استيعاب الإنتاج المتسارع لمشاريع الطاقة البديلة، التي ما تزال قيد التنفيذ ونقل هذه الطاقة من مواقع الإنتاج إلى مراكز الأحمال.
وتشجع الحكومة الأردنية السكان على اعتماد أنظمة إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة الشمسية في المنازل ضمن إستراتيجيتها طويلة المدى للسيطرة على فاتورة الطاقة بشكل أكبر.
وكان صندوق الطاقة المتجددة الحكومي قد أطلق العام الماضي المرحلة الثانية من برنامج دعم المنازل بأنظمة الخلايا الشمسية والسخان الشمسي عبر تقديم تسهيلات ائتمانية للأسر.
وتقدم الحكومة الدعم للأسر بشكل مباشر وبقيمة 30 في المئة من كلفة الأنظمة المعتمدة وهي السخان الشمسي والخلايا الشمسية مع تسهيلات ائتمانية من البنوك.
وجاء إطلاق هذه المرحلة من البرنامج بعد تحقيق المرحلة الأولى أهدافها وتركيب أنظمة خلايا شمسية لأكثر من 4500 منزل، إضافة إلى أنظمة السخان الشمسي بحجم تمويل إجمالي بلغ نحو 15 مليون دينار (21.2 مليون دولار).