شؤون العرب والخليج
العراق: المالكي والصدر يستنفران أنصارهما في معركة هامشية جديدة
لا يزال رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي ورجل الدين الشيعي مقتدى الصدر يستنفران ما بقي لهما من أنصار ويستقطبان الأضواء عن طريق الخصومات السياسية والإعلامية التي يخوضانها من حين إلى آخر ضد بعضهما البعض في ظل حالة الإفلاس السياسي التي وصلا إليها معا، بعد أن فشل الأول في قيادة العراق خلال فترتي ترؤسه للحكومة واللتين استشرى فيهما الفساد والطائفية والانهيار الأمني بشكل غير مسبوق واختتمتا سنة 2014 باحتلال تنظيم داعش لمساحات شاسعة من البلاد.
بينما فشل الثاني في الوصول إلى سدّة الحكم وتشكيل الحكومة إثر الانتخابات النيابية الماضية، لينضاف ذلك إلى خيبة أمله بشأن تقديم نفسه ضمن المراجع الكبار للشيعة في العراق والمنطقة استنادا إلى الموروث الكبير لعائلته في مجال التدين الشيعي.
وانطلقت شرارة خصومة جديدة بين الصدر والمالكي من سجال دار على مواقع التواصل الاجتماعي، وسرعان ما تحوّل إلى توتّر بالشارع عندما أقدم أتباع الصدر على مهاجمة مقرّات تابعة لحزب الدعوة الإسلامية بزعامة المالكي، وذلك ردّا على استهزاء أنصار الأخير بزعيم التيار الصدري إثر نشره بلاغا توعّد فيه بمعاقبة “الرواديد” (الذين يرددون الأناشيد الدينية الشيعية) والشعراء الذين يذكرون اسم عائلته في أشعارهم وأهازيجهم.
وقام الصدر بذلك على سبيل “الترفّع والورع”، لكن عضوا في المكتب الإعلامي التابع للمالكي في محافظة البصرة ردّ على بلاغ الصدر بتعليق ساخر عبر منصة إكس قال فيه إن “تغريدة السماحة مختصّة بمنع ردح ورقص منشدي التيار حصرا ولا تشمل رواقيص صلاة الجمعة تنفيذا لوصية السيد الوالد”.
ولا يستثني زعيم حزب الدعوة وزعيم التيار الصدري نقل عدائهما المستحكم إلى الشارع خصوصا وقد سبق لهما أن تواجها في معركة دامية عندما قاد المالكي عملية عسكرية واسعة تحت مسمّى صولة الفرسان استهدفت الميليشيا التابعة للصدر والمعروفة آنذاك بجيش المهدي.
واستهدف، الاثنين، مسلّحون يرجّح أنهم من أنصار مقتدى الصدر، مقرا لحزب الدعوة وسط محافظة النجف، وذلك بعد عدّة هجمات على مقار تابعة للحزب في محافظتي واسط والبصرة، تم تنفيذها يومي السبت والأحد.
ولم تسفر الهجمات عن أضرار بشرية، لكنّها أثارت المخاوف من صدام أوسع نطاقا بين أنصار الصدر والمالكي في ظل حالة الكراهية المستحكمة بينهما.
واستنكر حزب الدعوة في بيان ما سماه “أفعالا إجرامية” ورفض تحمليه مسؤولية آراء أشخاص قال إنّهم لا يمتون إليه بصلة “واستخدام تعليقات غير مسؤولة ومرفوضة ومستهجنة لأفراد مجهولين ذريعة لمهاجمة مكاتب الحزب في بعض المحافظات والمناطق والتي باتت تتكرر بنحو يثير الدهشة”.
كما حذّر في بيانه من “فتنة عمياء” واصفا الهجمات التي طالت مكاتبه وبعض مقرات ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي بأنها “أعمال تندرج في إطار الإخلال بالسلم الأهلي وترهيب الآمنين”.
ورغم بروز الطابع الشخصي في معارك الصدر والمالكي، إلاّ أن تلك المعارك التي بدأت بصراع على الزعامة لا تنفصل عن خلفيات سياسية.
وترتبط المعركة الجديدة بانتخابات مجالس المحافظات المقرّر إجراؤها في الثامن عشر من شهر ديسمبر الجاري، حيث يصر نوري المالكي على إجرائها في موعدها المحدّد سعيا لتمكين حزبه وائتلافه البرلماني من السيطرة على عدد من الحكومات المحلية بما تمتلكه من صلاحيات، وخصوصا ما يتعلّق منها بالتصرف في الموازنات الضخمة للمحافظات والأموال المرصودة للتنمية فيها والتي اعتادت الأحزاب على نهب القسط الأكبر منها.
وقال المالكي في وقت سابق إنّ “المراهنات على تأجيل موعد الانتخابات والتحشيد على عدم الإقبال على صناديق الاقتراع هي مراهنات فاشلة”.
واعتبر أنّ “من يتحدث عن إلغاء أو تأجيل الانتخابات يجهل أنّها استحقاق دستوري وجماهيري، وتعطيل الانتخابات وحل المجالس يعد تعطيلا لأحد أركان الديمقراطية”.
ويقصد المالكي بهذا الخطاب خصمه اللدود مقتدى الصدر الذي يعمل جاهدا على إفشال المناسبة الانتخابية التي يعلم أنّها ستصب في مصلحة خصومه السياسيين الذين منعوه من تشكيل الحكومة رغم تحقيقه نتائج هامة في الانتخابات التشريعية الأخيرة وحصوله على عدد كبير من مقاعد مجلس النواب.
وعلى هذه الخلفية دعا الصدر إلى مقاطعة انتخابات مجالس المحافظات “لتقليص هيمنة الفاسدين والتبعيين وعدم منحهم الشرعية الدولية والداخلية”، وقال مخاطبا أنصاره عبر منصة إكس “مشاركتكم للفاسدين تحزنني كثيرا ومقاطعتكم تفرحني وتغيظ العدا”.