شؤون العرب والخليج
الإعلان عن شراكة لتطوير مجالات التعاون الاقتصادية والاستثمارية والتجارية بين الإمارات والمغرب
وقّع العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال لقاء قمة بينهما في الإمارات إعلان “نحو شراكة مبتكرة ومتجددة وراسخة” بين البلدين، وذلك خلال زيارة رسمية يقوم بها العاهل المغربي إلى أبوظبي.
وأقر لقاء القمة سلسلة من الاتفاقيات المشتركة في عدة مجالات ضمن مقاربة تقوم على “ترجمة التكامل بين البلدين إلى تعاضد نوعي واستثمار مستدام، للرقي بعلاقاتهما الثنائية الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والصناعية إلى مستوى روابطهما السياسية والشعبية العميقة”.
وقال البيان الختامي للقاء القمة إن الملك محمد السادس والشيخ محمد بن زايد اتفقا على “توحيد الجهود نحو تحقيق الشراكة المبتكرة والمتجددة، والحرص على استكشاف الفرص للمساهمة في المشاريع الاقتصادية والإنسانية، ودعم برامج التنمية البشرية بما يعود بالفائدة على الشعبين والبلدين الشقيقين”.
وأبرز الملك محمد السادس الإنجازات التي يشهدها المغرب، لاسيما في مجال البنى التحتية، والإصلاحات البنيوية في مختلف القطاعات، وما واكبها من تدابير تشريعية وتنظيمية لتحفيز المبادرة والاستثمار.
وأكد العاهل المغربي الطموح الكبير للمملكة في مواصلة التقدم الاقتصادي والاجتماعي، حيث يشهد المغرب إطلاق عدد كبير من الأوراش والاستثمارات، ويطمح إلى تحقيق المزيد من المنجزات التنموية والاجتماعية، لاسيما في أفق تنظيم نهائيات كأس العالم 2030، ويحرص في كل ذلك على تمكين أشقائه وشركائه من المساهمة في إنجازها، ومن فرص الاستثمار المتعددة والواعدة التي يوفرها.
وعبر الملك محمد السادس عن شكره وتقديره “للمواقف الثابتة لدولة الإمارات العربية المتحدة تجاه المغرب، ولما يخص به سموه قضاياه الوطنية والتنموية من مساندة ودعم موصولين”.
وأشاد الشيخ محمد بن زايد بنجاح المشاريع الاستثمارية التي قامت بها دولة الإمارات في المغرب، مثمنا على وجه الخصوص ما يقدمه الاقتصاد المغربي من فرص وإمكانات في مجال الاستثمار، والمؤهلات الكثيرة والمتنوعة التي يتيحها، والمدعومة بتوفير مناخ محفز للأعمال، فضلا عن الأمن والاستقرار اللذين يميزان المغرب ويجعلان منه وجهة جذابة للاستثمار.
وفي تغريدة له على حسابه في منصة إكس قال الشيخ محمد بن زايد “أرحب بأخي الملك محمد السادس في بلده وبين أهله. أجرينا مباحثات بناءة حول سبل تعزيز العلاقات الأخوية والتاريخية بين بلدينا ووقعنا إعلانًا نحو شراكة مبتكرة وراسخة في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية التي تحقق النماء والرخاء للشعبين الشقيقين. الإمارات والمغرب يشتركان في العمل من أجل الاستقرار والازدهار والتنمية المستدامة لمصلحة شعوب المنطقة كافة”.
وتم خلال الزيارة توقيع اثنتي عشرة اتفاقية، أبرزها: إرساء شراكة استثمارية في مشاريع القطار فائق السرعة في المغرب، وأخرى في مجال الطيران والموانئ، وقطاعات الماء، والطاقة، والزراعة والصيد البحري، والسياحة والعقارات، بالإضافة إلى شراكة استثمارية مرتبطة بمشروع “أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا”.
ويرى مراقبون أن الاتفاقيات التي شملت مختلف مجالات التعاون الإستراتيجي بين البلدين تظهر حرص الإمارات على الوقوف إلى جانب المغرب من خلال تنويع الاستثمارات والتمويلات، وهو توجه يظهر عمق العلاقة التاريخية بين البلدين، فضلا عن أنه يؤكد البيئة الملائمة للاستثمار الموجودة في المغرب، الذي يتسم بالاستقرار وبوجود بنى تحتية جيدة وتسهيلات وقوانين مشجعة على الاستثمار.
واعتبر هشام معتضد، الخبير المغربي في العلاقات الدولية، أن زيارة الملك محمد السادس إلى الإمارات تعتبر ترجمة للعلاقات التاريخية الوطيدة التي تجمع البلدين والرغبة القوية بين قيادة البلدين في مواصلة التضامن والتلاحم الوثيق للدفاع المشترك عن المصالح الإستراتيجية للبلدين، حيث يتطلع البلدان إلى خلق شراكة إستراتيجية أعمق للرفع من حجم الاستثمارات خلال السنوات المقبلة.
وتطورت العلاقات المغربية – الإماراتية منذ عقود لتكون مثالا عربيا عن عمق الروابط التاريخية والسياسية والاقتصادية والدبلوماسية التي تجمع البلدين، وأيضا في مواجهة كافة التحديات الإقليمية والدولية أمنيا وصحيا وسياسيا.
واعتبر الشرقاوي الروداني، الخبير المغربي في الشؤون الأمنية والإستراتيجية، في تصريح لـ”العرب” أنه “تاريخيا وسياسيا المغرب والإمارات العربية المتحدة تجمعهما علاقات وطيدة”.
وتعتبر الإمارات الشريك الأول للمغرب من حيث حجم الاستثمارات العربية وحجم التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين، الذي يتميز بارتفاع مطرد بفضل تدفق الاستثمارات الإماراتية.
وبالإضافة إلى زيادة الاستثمارات الإماراتية في المغرب والنظر إليه كوجهة ملائمة ومحببة لإقامة المشاريع، اتسم موقف الإمارات بالوضوح الدائم في دعم وحدة أراضي المغرب.
ودشنت دولة الإمارات أول قنصلية عربية في مدينة العيون بالصحراء المغربية تعبيرا عن الدعم اللامشروط لسيادة المغرب على صحرائه. وفي نوفمبر من عام 2020 أعلنت الإمارات عن دعمها للتحرك العسكري الذي بدأته المملكة المغربية في معبر الكركرات الحدودي مع موريتانيا.
وأكد معتضد في تصريح لـ”العرب” أن استباق الإمارات لافتتاح أول قنصلية عربية بالعيون ترجمة لموقفها السياسي الثابت، على الميدان، تجاه وحدة المغرب الوطنية والترابية، وبمثابة آلية فعلية ورسمية للمساهمة في تقوية أواصر التعاون الثنائي بين البلدين.