تقارير وتحليلات

من كان خميني وكيف سرق الثورة الإيرانية (3)

الخلیج بوست

الظهور والانتهازية

‌في تشرين الثاني عام 1976 انتخب جيمي كارتر رئيسًا جديدًا للولايات المتحدة ‌الامريكية ‌حاملاً شعار «حقوق الانسان».‌

وكانت السياسة ‌الأمريكية ‌الجديدة ‌تعتمد على تحويل مسار التطورات المتفجرة ‌في مختلف بلدان العالم الى قنوات النقلة ‌المسالمة ‌قدر المستطاع.‌

ولهذا السبب اضطر الشاه وتحت ضغوط كارتر أن يتخلى عن سلاح الجلد والاعدام وأن يفتح أبواب السجون بوجه الصليب الأحمر.‌

وفور العزوف عن الجلد والاعدام سرعان ما انفتح مناخ سياسي حيث قام الشاه بعزل «هويدا» في بداية آب عام 1977 بعد تصديه منصب رئاسة ‌الوزراء ‌لثلاثة ‌عشر عامًا باعتباره كبش الفداء ‌الأول. وحتى هذا الوقت كان خميني صامتًا متربصًا ليحدد اتجاه الريح لأحداث الساعة .‌

بعد ذلك انتظر خميني خمسة ‌أشهر أخرى ليتأكد من ديمومة ‌السياسية ‌الامريكية ‌الجديدة ‌وبعد ما لاحظ أن أبناء ‌الشعب من كل الفئات والشرائح قد خرجوا الى الشوارع وفي كلمة ‌له بمناسبة ‌وفاة ابنه في 20 من كانون الأول (ديسمبر) عام 1977 ناشد خميني الملالي انتهاز الفرصة ‌المتاحة ‌قائلاً: «اليوم قد سنحت الفرصة ، وأقول لكم بان الفرصة ‌أصبحت مواتية ، فلو لم تكن الفرصة موجودة ‌لما كان الوضع في ايران كما هو الآن.

‌واذا تم انتهاز هذه الفرصة فستكون ذلك الفرصة ‌المطلوبة .‌

على السادة ‌رجال الدين أن يغتنموا هذه الفرصة .‌فعليهم أن يكتبوا ..‌ويحتجوا..وفي الوقت الحاضر يكتب الكتاب المنتمون الى الأحزاب ويجمعون التواقيع على مكتوباتهم،‌يوجهون النقد..وعليكم أن تكتبوا ايضًا .. واليوم هو اليوم الذي لابد التحدث فيه و تتقدمون.‌وأخشى أن تفوتكم هذه الفرصة لا سامح الله..». ثم وبصراحة ‌تفوق أعلى درجات الانتهازية يطمئن الملالي بالقول« أجل، شاهدنا بان عددًا وجهوا نقدهم.. ووقعوا الرسائل..‌ولم يتعرض عليهم أحد» !(كتاب «صحيفة ‌نور»‌المجلد الأول ص266) ألا ترون! هذه هي ذروة الدور القيادي لخميني ودعوته النضالية وذلك بعد مرور عام على بداية ‌انفتاح المناخ السياسي وفي ظروف كان ابناء ‌الشعب بكل شرائحهم قد خرجوا الى الشوارع حيث كان يدعو الى «توجيه النقد والتوقيع»‌دون مواجهة ‌خطر،‌ومع ضمان «عدم قيام أحد بالتعرض عليهم».‌هذا هو مفهوم «ركب الموج» و «‌الانتهازية »‌و «الحضور وقت جني المحاصيل دون عناء ‌الزرع»‌و«السير من وراء ‌الجماهير».

وبعد ذلك فاثناء ‌مظاهرة أهالي مدينة ‌قم (29 كانون الأول1977)، أو انتفاضة ‌أهالي تبريز (18 شباط 1978)‌أو خلال مجزرة ‌ساحة ‌«جاله» في يوم الجمعة ‌السوداء ‌في طهران (27 آب 1978)‌فأينما قام نظام الشاه بسفك الدماء ‌والقتل الجماعي وكان يبدي منه تشددًا فكان خميني يخاف ويحتفظ ويلتزم الصمت ولم يصدر بيانًا جديدًا الاّ‌بعد ملاحظته مدًا جديدًا لحركة ‌الجماهير الاحتجاجية وقلب موازنة القوى السابقة .

‌ولم يشاهد قط مرة ‌واحدة ولحالة ‌فريدة أن يتقدم خميني جماهير الشعب المنتفضة .‌بل انه كان ينتظر دومًا ليحدد اولاً الى اي‌اتجاه تهب الريح ليكيف نفسه معها بعد حين.‌- على عتبة ‌تسلم السلطة وفي تلك الفاصلة ‌الزمنية وفي فراغ ناتج عن القضاء ‌على الاحزاب السياسية ‌بفعل نصف قرن من الدكتاتورية ‌التي مارسها الشاه وأبوه،‌فضلاً عن تلاشي الحركة ‌التنظيمة ‌‌الثورية المسلمة الوحيدة ‌التي حصلت على قاعدتها الاجتماعية ‌اي بسبب الردة ‌التي واجهتها منظمة ‌مجاهدي خلق الايرانية ‌من قبل الانتهازيين المشدقين باليسار بعد أن كانت المنظمة المرادفة الوحيدة لخميني‌واعوانه من النواحي‌التاريخية والاجتماعية ‌و الثقافية ‌، فقد مرر خميني ومؤسسة الملالي العامة مخططهم من خلال التواطؤ والتساوم والتصرفات الغاشمة ‌وركبوا أمواج انتفاضة ‌الشعب ليستحوذوا على مقاليد السلطة: – صحيفة ‌«لوموند»‌كانت أول صحيفة ‌غربية ‌أجرت مقابلة مع خميني في 24 نيسان عام 1978. ‌وفي هذه المقابلة ‌طمأن خميني بانه لن يتعاون من المتطرفين المعاديين للشاه أعلن عن استعداده لتسوية ‌تقام على أساس دستور نظام الشاه. وسألته «لوموند»: هل العودة الى دستور عام 1906 (اي الملكية ‌الدستورية )‌تعد حلاً وجيهًا؟ وأجاب خميني: ان قوانين الدستور وملحقاته شريطة أن يتم التعديل لها قد تناسب للحكومة ‌والنظام اللذين ندعو اليهما.‌

كما سأله مندوب «لوموند»: هل تنوي جنابك شخصيًا أن ترأس الحكم والسلطة ؟

وقال خميني في جوابه: «‌أنا شخصيًا كلا‌،لا أنا، ولا عمري،‌ولا موقعي،‌ولا رغبتي وميولي تسوقني الى ذلك».‌

وفي‌غضون ذلك كانت انتفاضة ‌الشعب في مختلف مدن البلاد تثور وتتعاظم ودليل اتجاه الريح لخميني كان يحدد توجهه السياسي بصورة ‌يومية .‌وفي 21 من تموز انتفض طلبة ‌الجامعات.‌وبعد ذلك انتفضت اصفهان وفي 13 من آب 1978 أعلن الحكم العرفي.‌وفي 26 آب من العام نفسه تنحى «آموزكار»‌من رئاسة ‌الوزراء ‌ليحل محله «شريف إمامي»‌بمهمة تحقيق «الوئام الوطني».‌ولم تجد مجزرة الثامن من ايلول 78 نفعًا وعمت موجة ‌الانتفاضات والاضرابات ايران من اقصاها الى اقصاها.‌

كان واضحًا بان نهاية ‌نظام الشاه قد وصلت.‌فأزادت لهجة ‌خطاب خميني حدة ‌أكثر فأكثر ولم يكن يناسب العراق الذي كان قد وقع على اتفاقية ‌مؤخرًا انذاك وعندما لم يسمح له بالسفر الى الكويت توجه الى باريس في الخامس من تشرين الأول عام 1978.‌وهنا أكمل الشاه اكرامه له وكما كشف الرئيس الفرنسي آنذاك لاحقًا طالب الشاه فرنسا بمنحه تأشيرة ‌الدخول وتتخذ تدابير الأمن والحماية ‌لاقامته. بعد مرور عشرين عامًا قال جيسكار دستن في مقابلة ‌له مع صحيفة ‌«توس» في 14 ايلول عام 1998:«‌لقد ارسلت سفيري في ايران لمقابلة ‌الشاه فورًا وكلفته أن يسأل وجهة ‌نظر الشاه بصورة ‌مباشرة ويرفع الى التقرير حولها وقد بعث الشاه برسالة الى طالبنا فيها بعدم ازعاج آية ‌الله خميني باي شكل من الاشكال بل انه أكد على سفيري بانه لن يغفر للحكومة ‌الفرنسية إن لم تقم الحكومة ‌الفرنسية ‌باجراء ات الاستضافة ‌لخميني و رخائه».‌وفي تلك الأيام كان خميني وأعوانه منهمكين بشدة لإجراء ‌التواطؤ ‌والمضاربات لتمرير مشروع « الانتقال المسالم للسلطة ».

وراء ‌الكواليس

‌وكان خميني في حينه يراهن – على قدم وساق – على ماكان يطبخ وراء ‌الكواليس وحتى قبل بدستور النظام الملكي من أجل الانتقال الهادئ ‌للسلطة ‌،‌وليس ما حدث يوم 11 شباط من عام 1979.‌وبعد سنوات كشف بازركان بان خلال زيارته الى باريس والتي جرت بعد حوالي شهر واحد من وصول خميني الى باريس – اي في بداية ‌‌تشرين الثاني 1978،‌كان قد حسم تكليف بازركان برئاسة ‌الوزراء وتركيبة «‌مجلس الثورة ‌» لخميني والوزراء ‌الرئيسيين في حكومته.‌ولم يكن من قبيل الصدفة ‌إشارات بازركان في مقابلاته الصحفية في حينه الى دعمه لمشروع «الدستورية بدون السلطنة » والذي استكمل فيما بعد بتولي‌خميني ولاية ‌الفقيه.‌

وبعد مدة في نيسان عام 1981 كشف أحد من رؤساء ‌تحرير مجلة ‌«واشنطن»‌الفصلية ومعه ضابط من وكالة ‌اجنبية في كتاب «‌هزيمة ‌أميركا في ايران» الذي تم تأليفه بعد قضية ‌احتجاز الرهائن الامريكان في السفارة ‌الامريكية في طهران ان صانعي القرار السياسي الامريكيين كانوا يعبرون عن ارتياحهم لمشاهدة ‌اسماء ‌معروفة ‌بالنسبة ‌لهم ضمن المستويات الاعلى في تركيبة ‌الحكومة ‌الجديدة : بازركان الذي كان مرتبطًا بأميركا منذ سنوات،‌يزدي مستشار خميني «في شؤون الثورة ‌» الذي أسس «وارن زيمرمن»‌معه علاقة ‌مستمرة في باريس نيابة ‌عن الادارة ‌الامريكية ،‌سنجابي وفروهر وجهان معروفان جدًا من «الجبهة ‌الوطنية » وآميرال مدني وزير الدفاع الوطني،‌رجل مع اصدقاء ‌رفيعي المستوى في‌واشنطن..».

ويليام سوليفان و اشارات مطمئنة

كما اصبح «ويليام سوليفان»‌السفيرالأمريكي في طهران يبرق رسال حول «اشارات مطمئنة ‌» ‌عن «بعض الآيات من أمثال بهشتي الذي التقى به سوليفان قبل انتصار الثورة في محاولة ‌له للحصول على المساومة ».‌وكتب سوليفان بعد هلاك بهشتي عنه « ان كان بهشتي قد ظهر في ايران باعتباره أقوى شخصية ‌سياسية ‌‌بعد خميني و خليفته المقتدر،‌فقد حصل العالم فرصة تقييم لهذا الرجل ومؤهلاته عن كثب.‌وكان رجل تملأ المكان صلابة ‌حضوره ومتحدث يسحر مستمعيه..‌ومن خلال العلاقات التي تربط معه السفارة ‌،‌وصلنا الى القناعة ‌بانه رجل ذكي‌وبراغماتي» (نشرة باسفيك الاخبارية ). حكومة ‌ازهاري العسكرية ‌وتولى بختيار منصب رئاسة ‌الوزراء في الرابع من تشرين الثاني كانت جماهير محتشدة ‌من طلبة ‌المدارس وأهالي‌طهران متجهة ‌نحو الجامعة ‌لترافق الطلبة ‌الذين كانوا ينوون زياره‌آية ‌الله طالقاني بعد أن كان قد اطلق سراحه من السجن.‌وحوالي الظهر بدأ هجوم العسكريون وعملاء الشاه على الجامعة ليرتكبوا فيها مجزرة ‌جماعية .‌وفي الليل عرض التلفاز صورًا عن هذا الهجوم والتي هزت ايران برمتها.‌وفي صباح اليوم التالي استولى الطلبة ‌وأهالي‌طهران العزل على الجامعة ‌وانزلوا تمثال الشاه.‌هذا وتنصل شريف إمامي الذي لن تدوم حكومته حتى سبعين يومًا وفي العشرة ‌الأولى من تشرين الثاني عام 1978 تحدث الشاه و لأول مرة ‌عن «‌ثورة ‌الشعب»‌قائلاً «سمعت رسالة ‌ثورة الشعب الايراني».‌لكنه ورغم عبارات الاعتذار عن «‌الخطايا السابقة ‌وانعدام القانون والظلم والفساد»‌توسل بحكومة ‌عسكرية وتولى المشير أزهاري منصب رئاسة ‌الوزراء.

‌غير ان هذا الإجراء‌لم يكن سوى طبخ الحصى لان حاجز الخوف من القمع والكبت كان قد تحطم منذ مدة ‌ولم يكن بامكانه إعادة ‌الأمور الى سابق عهدها.‌والواقع انه في حكومة ‌أزهاري العسكرية التي دامت شهرين وبالرغم من استخدام المدافع والدبابات والرشاشات والمجازر اليومية ،‌ظل المناخ السياسي المنفتح يسود الشارع بسبب خروج ابناء ‌الشعب الى الشوارع وتحطم حاجز الخوف من القمع.‌وكان المواطنون و الشبان الثوار يرددون في كل مكان «لم يعد المدفع، ولا الدبابة ،‌ولا الرشاشة ‌،‌مجديًا بعد الآن».

‌وكل ما يقول أزهاري بان التجمعات الشعبية ‌ليست حقيقية وانها أصوات مسجلة فكان ابناء ‌الشعب يردون عليه بالهتاف «‌يا أزهاري المسكين، ليست للاشرطة ‌المسجلة أقدام تجوب بها الشوارع»! وأخيرًا عجز أزهاري وأنهار وأصيب بنوبة قلبية وبعد تصعيد كبير للانتفاضات والاضرابات الشعبية ‌التي‌عمت أرجاء ‌البلاد، في الخامس من كانون الثاني‌عام 1979 عين الشاه بختيار رئيسًا للوزراء.‌وفي حينه كان الخيار العسكري قد جرب وفشلت التجربة وقد اقتنع الشاه بالخيار السياسي‌في الوقت الضائع.‌

مؤتمر غوادلوب

غير ان مؤتمر «غوادلوب» لم يترك له مهلة أخري.‌مؤتمر «غوادلوب» وببالغ الاستغراب يضيف جسكار دستن الرئيس الفرنسي‌آنذاك في المقابلة ‌نفسها بعد مرور عشرين عامًا،‌في‌مؤتمر غوادلوب «‌ان الدولة ‌الوحيدة التي قرعت جرس نهاية ‌حكم الشاه خلال هذه الجلسة كانت أميركا حيث كان ممثل الادارة ‌الامريكية مقتنعًا بانه حان الوقت لتغيير النظام في ايران بحيث أثار استغرابنا وحيرتنا لانه وحسب معلوماتنا واطلاعنا كانت أميركا تدعم السلطة ‌الحاكمة ‌في ايران وتلعب دورًا رئيسًا في‌تعزيز شؤونها الدفاعية ‌والإشراف عليها وتعزيزها عسكريًا وتزويدها بما تحتاجه قواته المسلحة ‌الايرانية حتى ذلك الوقت… وكان هذا هو الرئيس الأمريكي انذاك الذي يعلن نهاية ‌حكم الشاه في جلسة ‌رسمية .. حيث فوجئنا بهذا الاعلان جملة ‌وتفصيلا وكان الأمر مباغتًا تمامًا بالنسبة ‌لنا…وكانت لألمانيا المتمثلة ‌بهلموت اشميت ولفرنسا المتمثلة ‌بي كانت وجهة ‌نظر أميركا مفاجئة وغير متوقعة ‌تمامًا…وخلال الجلسة ‌نفسها كانت بريطانيا وأميركا مجتمعتان كقوتين متحالفتين ومتفقتين في الآراء ‌تطالبان بمغادرة ‌الشاه من ايران».‌وقد كتب ابراهيم يزدي ‌وزير خارجية ‌خميني الذي كان مساعده له في باريس انه غداة ختام أعمال مؤتمر غوادلوب، ‌أي في الثامن من كانون الثاني‌عام 1979،‌التقى شخصان بخميني في «نوفل لو شاتو»‌وهما مبعوثان رسميان من الرئيس الفرنسي حيث قالا انهما يحملان رسالة ‌من كارتر(‌كتاب «‌آخر المحاولات وفي آخر الأيام من الصفحة ‌الى 95)‌وكان مضمون رسالة ‌كارتر يحتوي على ان الشاه سيغادر ايران حتمًا فعلى خميني أن يحتوي الثورة ‌والانتفاضة ‌باية ‌طريقة ‌كانت ومن غير ذلك هناك خطر لتدخل الجيش.‌وفي‌نهاية ‌رسالة ‌كارتر، كان وزير الخارجية ‌الفرنسي قد حرّر بأن «‌الرسالة ‌و مضمونها منطقيان جدًا وينبغي السيطرة على عملية ‌نقل السلطة ‌في ايران يرافقها شعور عالية بالمسؤولية ‌السياسية ». وكتب ابراهيم يزدي ان خميني قد أعرب عن شكره مطالبًا بالحيلولة ‌دون وقوع انقلاب عسكري في ايران حتى تستعيد ايران عافيتها وهدوئها وأن يستأنف تشغيل عجلة ‌الاقتصاد وعندئذ يمكن تصدير النفط الى الغرب و…».

الطبخة معدة وجاهزة

والآن لقد أصبحت الطبخة ‌معدة ‌وجاهزة وناضجة على أساس المبدأ ‌التالية : – ضمان يقدمه خميني لفرض السيطرة على الموقف والحيلولة ‌دون تفجر الموقف في ايران وعدم حدوث الانتفاضة ‌والثورة فيها

الاتفاق حول تركيبة ‌«‌مجلس الثورة » بحيث لا تجد العناصر الثورية طريقها اليه

الاتفاق حول توكيل اشخاص معروفين موثوق بهم بالنسبة ‌أميركا لوزارات ‌الخارجية والدفاع والنفط ورئاسة ‌الوزراء‌

التزام خميني‌بالحفاظ على هيكلية ‌الجيش

ديمومة سريان النفط

الموافقة ‌الامريكية على نقل الشاه الى الخارج ونبذ خيار الانقلاب العسكري – السماح لخميني وتوفير التسهيلات اللازمة له لاستخدام الطائرة ‌من أجل الذهاب الى طهران والذي تم تنفيذه يوم الحادي عشر من شهر شباط عام 1979.‌استخلاص النتائج.

المجزرة بحق الكلمات

اتضح كيف سرق الرجعيون الثورة وذبحوها.‌بل أكثر من ذلك فانهم دنسوا كلمة ‌الثورة ‌ولوثوها.‌فحقًا كان خميني قاتل الكلمة .‌انه لم يذبح سجناء فحسب بل ارتكب المجزرة ‌بحق الكلمات ايضًا.‌لم يحتجز ويكبل ابناء ‌الشعب الايراني فحسب بل داهم واقتحم القيم والثقافة الوطنية ‌والنضالية ‌ايضًا. فانظرو ما ذا فعل بحق كلمات الاسلام والثورة ‌والجمهورية حتى جعل بقايا الشاه و جلادي السافاك يطالبون بما فات بل يزايدون بعد كل ما فعلوا وارتكبوا في العهد البائد! ولاحظوا ما ذا فعل خميني بمفاهيم منها «الاستكبار»‌و«الاستضعاف»‌و«الثورة ‌الثقافية » ‌و«عملية ‌تطهير المؤسسات من الفساد»‌وعلى مفردات كـ «الشعب»‌و«الامة »‌و«الإمام»‌و«الرسالة »‌حيث صارت كلها تثير الاشمئزاز والكراهية .‌لقد حول القيم التقدمية ‌والنضالية الى ما هو ضد القيم من الرذيلة ‌وجعل الرذائل تشمت بالقيم السامية . لانه وكما شاهدنا في خلفيات خميني وشرح ماضيه لم تكن هناك دوافع أو أفكار تقدمية ‌في منطلقاته اطلاقًا.‌ولم يكن يشارك في اي نضال وطني‌وشعبي قبل بلوغه 60 عامًا من عمره.‌لم تكن له معرفة ‌عن العمل الجماعي المنظم والعمل التنظيمي من قريب ولا من بعيد.‌واذا ما استمعتم الى تفاسيره عن القرآن فانها تجسد عقلية ‌تقشفية ‌بعينها بل إنها تشبه بالشعوذة الى حد كبير.‌وفي السلطة ‌لم يخطو قدم صدق واخلاص في اي وقت وحتى في لحظة ‌واحدة ‌ابدًا.‌وكان يتسم بالشقاوة والدموية ‌لا حصر لها واللتين كانتا تجعلانه في عداد ابن ملجم وحجاج بن يوسف.‌ولم يكن له مثيل في المراوغة والكذب.‌وعلى سبيل المثال وخلال تلك الأشهر الأولى من حكمه ادعى زورًا وبهتانًا وبصورة ‌خسيسة ‌وأكثر من مرة ‌بان المجاهدين يضرمون النار في بيادر الفلاحين.‌وفي يوم 25 من تموز عام 1980 انفلت جامحًا ليجاوز كل احراج وحياء ‌وينفس عن أحقاده تجاه مؤسسي‌منظمة ‌مجاهدي خلق بوصفهم بقراصنة وتوجيه تهمة تبعية الأمريكان الى المجاهدين. ولا أعتقد انه كان يؤمن بالله في أية ‌لحظة ‌من لحظات عمره ويؤمن باليوم الآخر ايمانًا خالصًا.‌

وكان تشدقه بالاسلام غطاءًا لجاهليته ووثنيته بعينهما، بل إن دينه من تلك الأديان والعبادات التي يقول فيها القرآن «على دين آبائهم».

قضية ‌احتجاز الرهائن الامريكان في السفارة الامريكية

في تشرين الثاني عام 1979 افتعل خميني قضية ‌احتجاز الرهائن الامريكان في السفارة الامريكية ‌بطهران باثارة ‌ضجيج وتطبيل إعلامي واسع ليتفرد في الساحة ‌السياسية ‌حتى يضرب العصفورين بحجر واحد أي احراج المجاهدين والقوى الثورية ‌الأخرى من جهة والتخلص من الليبراليين و حكومة ‌بازركان من جهة أخرى وهي‌الحكومة ‌التي كان قد وصفها بعبارات واضحة ‌بأنها «حكومة ‌إمام العصر».

ولكن بعد مرور 14 شهرًا وعندما أصبح ريغان رئيسًا للولايات المتحدة ، وبعد ما وجد خميني بان العصا الغليظة ‌قادمة ‌إليه تجرع كأس السم وفي تراجع متدحرج وقبيل دخول ريغان البيت الأبيض أرسل بهزاد نبوي الى الجزاير ليوقع على اتفاقية ‌عار وشين تجاري في الأدب السياسي الايراني تماثل اتفاقية ‌«تركمان جاي»‌ومعاهدة ‌«كولستان». .وبعد مرور 20 عامًا كشفت الرؤوس المدبرة ‌لقضية ‌احتجاز الرهائن في السفارة ‌الامريكية من أمثال الحرسي «سيف اللهي»‌(القائد الأسبق لقوى الآمن الداخلي والرئيس لهيئة ‌شؤون العراق في مكتب خامنئي «ان أول ثمار أمنية لعملية احتجاز الرهائن في السفارة الامريكية هو تحقيق التلاحم الوطني وروح المؤازرة وذلك في ظروف كانت فيها مجاهدي‌خلق تحاول المساس بمقومات النظام من كل مكان.‌(وكالة ‌انباء ‌النظام 30تشرين الأول 2001). كما قال الحرسي أفشار القائد السابق لقوة ‌البسيج التابعة ‌للحرس «ان الكشف عن حقيقة الليبراليين وإقصاءهم عن مناصب السلطة يعد من أهم المكاسب والنتائج المترتبة على عملية ‌اقتحام وكر التجسس وكذلك يعد تجريد التيار المسمي باليسار من حرابه من النتائج المهمة ‌لها بحيث تم الكشف عن حقيقة ‌(المجاهدين) وحزب توده وبعد ذلك تمت ازاحتهما عن الساحة».‌ويقال داخل النظام بان حجاريان كان أحد المخططين الرئيسيين لعملية ‌اقتحام السفارة في حينه. (مركز الابحاث التابع لمكتب خامنئي). – بعد مرور شهر على قضية ‌احتجاز السفارة ‌الأمريكية المثيرة للضجيج ‌أعلن خميني اجراء ‌الاستفتاء ‌العام لدستور ولاية ‌الفقيه حيث استبدل سلطة ‌الشعب بولاية ‌الملالي وسلطتهم جملة ‌وتفصيلاً ومنذ ذلك الحين بدأت صرخات «الموت لمعارضي ولاية ‌الفقيه»‌التي تصم الآذان ترفع في كل مكان.‌وكان خميني يقول منذ البداية وبصورة ‌واضحة :«‌ان الملا يعني الاسلام..‌ورجال الدين مندمجون مع الاسلام.‌ومن يعارض رجال الدين والملا فهو عدو لنا»‌(25 أيار 1981).‌وهكذا استحوذ خميني على حق الشعب في السلطة وقد سلب هذا الحق خلال السنة ‌الأولي، كما فرض مجلس خبراء ‌الرجعيين بدلاً‌عن المجلس التأسيسي وبهذه الطريقة أعد غطاء ‌التشريع لولاية ‌الفقيه وألبسها لباس القانون وهذا القانون اليوم يتصدر الشعار الذي يرفعه خاتمي عندما يتحدث عن «حكم القانون».

‌وفي إحدى المرات قال خميني بصريح العبارة .‌اذا أبدى الشعب رأيا ووجهة ‌نظر يعارض رأيه ووجهة ‌نظره فانه يتحدى لرأي الشعب بمفرده ولابد من الأخذ بوجهة ‌نظره هو. وكتبت خميني عن ولاية ‌الفقيه والحكومة ‌الاسلامية «ان الحكومة ‌مسموح لها ‌بأن تلغي ومن جانب واحد العقود الشرعية ‌التي أبرمتها مع ابناء ‌الشعب».‌كما وقال المدعو «آذري قمي»‌المدعي العام الأسبق للعاصمة ‌طهران ومؤسس صحيفة ‌«رسالت» «ان ولاية ‌الفقيه هي ولاية ‌مطلقة .. .وهي الولاية لما هو في العالم وتشمل كل ما يوجد في العالم من الكائنات الموجودة ‌في‌الارض وفي السماء ‌ومن الجمادات والنباتات وعلى كل ما تتعلق بالحياة الجماعية أو الفردية للناس».

الثورة الثقافية

وفي‌نيسان عام 1980 صبغ خميني الجامعات والمعاهد بالدم وأغلقها وأطلق على فعلته هذه «‌الثورة ‌الثقافية !»‌و كان يقول في تلك الأيام «لقد بدأت معاناتنا من الجامعات.‌وكانت للجامعات مرارة لا تداوي في أمد قصير.‌وفي 20 من نيسان من العام نفسه قال: «اننا لا نخشى من الحصار الاقتصادي،‌ولا نخشى من التدخل العسكري..‌بل اننا نخشى من الجامعات الاستعمارية ».‌و في يوم 21 من آذار عام 1981 كان يقوم بتهيئة الأجواء ‌في خطابه لمناسبة ‌عيد نوروزمؤكدًا: «ان معظم الضربات الفتاكة ‌التي وقعت على المجتمع يقف وراءها أغلبية ‌المثقفين الخريجين من الجامعات الذين يتسمون بالأنانية والتعجرف».‌ثم في 13 من حزيران عام 1980 اعترف بلسانه «بان الجامعة كانت تخضع لسيطرة (المجاهدين)». وأضاف يقول: «كل ما يصيب بالبشر من الشر فان السبب هو العلم.‌العلم الخالي من التهذيب».

وبقيت الجامعات مغلقة ‌طيلة ‌ثلاث سنوات وعندما اضطر عام 1983 الى إعادة ‌فتحها، قرر أن تكون نسبة ‌% من الذين يدخلونها كطلبة ‌من العملاء ‌التابعين لأجهزة ‌القمع كالحرس والبسيج ولجان خميني.

‌سابقة ‌مشؤومة ‌ظلت مستمرة ‌حتى الآن يحرسها المجلس الأعلى للثورة ‌الثقافية ‌(اي الانقلاب الأسود ضد الثقافة )‌والذي يرأسه خاتمي. وخلاصة ‌القول، ان نظام خميني الذي يتسم بالخصائص الدجالة واللاإنسانية ،‌نظام يعود الى عصور الظلام وينحدر من مرحلة ما قبل الرأسمالية ‌ولا يستطيع الاستمرار في حياته الاّ‌باعتماد كبت مباشر وقمع عسكري بوليسي.‌ان الجوهر الرجعي لهذا النظام لا يترك له مجالاً للإصلاح والترميم. ان شماتة بقايا الملكيين والملكية ‌المقبورة ‌بثورة ‌الشعب الايراني المعادية ‌للملكية تنطلق من أن خميني والملالي الخمينيين جعلوا المجتمع الايراني يتقهقر الى الوراء لمرحلة ‌تاريخية ‌كاملة ‌مقارنة ‌مع نظام‌الشاه الديكتاتوري الصنيع الذي‌كان يمثل الرأسمالية ‌التابعة .

 

هيومن رايتس ووتش: الإعدامات وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران خرق للقوانين الدولية


إيران ..الأمم المتحدة: اعتماد القرار الـ71 لإدانة نظام الملالي بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان


مركز أبحاث حکومی: تصاعد الفقر والتضخم في إيران


شباب الانتفاضة في إيران: إضرام النار في مواقع ومقرات اجهزة قمعية في عشرات المدن