تقارير وتحليلات
إيران ..التصدع داخل فصيل خامنئي: ضربة استراتيجية
تصاعد تبادل الاتهامات بين الملاعليرضا بناهيان، الخطيب البارزفي النظام ، وحسين شريعتمداري، الجلاد سيئ السمعة والمعين من قبل خامنئي كرئيس تحرير صحيفة كيهان، يكشف عن انقسامات عميقة داخل المؤسسة الحاكمة في إيران. وكان هذان الشخصان حلفاء في السابق، لكنهما الآن في مواجهة علنية، حيث تعكس خلافاتهما العلنية توترات أوسع داخل النظام. هذا الانقسام يعرض شرخاً مهماً في ما كان يعتبر جبهة موحدة تحت سلطة خامنئي.
كان عليرضا بناهيان وحسين شريعتمداري ذات يوم مقربين، يتشاركان هدفًا مشتركًا في تعزيز نظام خامنئي. كان بناهيان، رجل دین، يستخدم منبره للتأثير على قوات الباسيج، في حين كان شريعتمداري يوظف قوته الصحفية لإسكات المعارضين ومهاجمة الليبراليين والمتعاطفين مع الغرب والمعارضين للنظام. لعب كلاهما دورًا حاسمًا في الحفاظ على قبضة خامنئي على السلطة. وكان شريعتمداري يُشار إليه غالبًا بأنه “كلب حراسة” للنظام، جاهز دائمًا للهجوم على أي شخص يُعتبر تهديدًا لسلطة الولي الفقیة.
ومع ذلك، تدهورت العلاقة بينهما في الأشهر الأخيرة. إن إرجاع هذا الصراع المتزايد إلى خلاف شخصي بسيط أو اختلاف في الرأي سيكون خطأً في التقدير. ويبدو أن هذا الانقسام ينبع من معركة أيديولوجية أعمق داخل معسكر خامنئي، مما له تداعيات كبيرة على مستقبل النظام.
اندلعت الخلافات عندما دعا بناهيان، بحضور شخصيات مثل مسعود بزشكيان ومحمد باقر قاليباف، إلى سن قوانين ضد “الاستقطاب”. واتهم عدة صحف بتمويلها من قبل الحكومة لتعزيز هذا الانقسام، وكانت صحيفة “كيهان” التي يرأسها شريعتمداري هي الهدف الرئيسي. وذهب بناهيان إلى حد وصف أفعالهم بأنها أسوأ من نشر الأكاذيب، قائلاً إن هذه الوسائل الإعلامية “تدمر أمل المجتمع”.
وفي رد فعل سريع، انتقد محمد إيماني، وهو شخصية رئيسية أخرى في صحيفة “كيهان”، تصريحات بناهيان عبر قناته في تليغرام، قائلاً: «مراجعة وسائل الإعلام التي استقبلت تصريحات السيد بناهيان الطائشة وغير المؤسسة تُظهر أن هذا الخطيب المحترم قد ارتكب خطأ فادحاً وهو الآن يوجه نيرانه نحو رفاقه» (5 سبتمبر 2024).
وأما صحيفة “كيهان” نفسها، فقد ردت بمقال بعنوان «السيد بناهيان، في أي جانب تقف؟» نُشر في 6 سبتمبر 2024. انتقدت الصحيفة بناهيان لتكراره أهداف أعداء النظام. وأعربت عن دهشتها من أن بناهيان، الذي دافعت عنه الصحيفة ضد الهجوم الإعلامي قبل أربع سنوات، قد ينحاز الآن، سواء بوعي أو عن غير قصد، إلى صفوف أعداء النظام.
وأبرز موقع “مشرق” تداعيات أوسع لهذا الصراع، محذراً من احتمالية تكرار سيناريو الثمانينيات، وهي فترة مضطربة واجهت فيها إيران تحديات داخلية وخارجية كبيرة. وذكر الموقع أن “تصرفات أولئك الذين يعززون الانقسام، أو ما يُسمى بالاستقطاب، قد تهدد وحدة النظام نفسه وتضعهم في مواجهة مع مبدأ ولاية الفقيه”.
وأشار المقال إلى أن الاستقطاب في الثمانينيات كان أداة استخدمتها “مجاهدي خلق” لتقسيم المجتمع والقضاء على خصومهم السياسيين من خلال تفاقم الصراعات الاجتماعية والسياسية.
وخلصت الوسيلة الإعلامية إلى أن مثل هذه السلوكيات التقسيمية ليس لها نتيجة سوى تقويض وحدة النظام والتحدي لسلطة الوليالفقیة.
وكان لهلاك إبراهيم رئيسي تداعيات واسعة داخل النظام. فقد أدى موته إلى انقسام واضح في فصيل خامنئي، حيث بدأ أعضاء الدائرة المقربة منه في مواجهة بعضهم البعض. الآن، ومع هلاك رئيسي، بدأت تظهر التصدعات، حيث ينخرط رجال أصدقاء مثل بناهيان وشريعتمداري في خلافات علنية، مما يقوض تماسك النظام.
في الختام، فإن الصراع بين بناهيان وشريعتمداري ليس مجرد خلاف شخصي؛ بل يعكس تصدعات استراتيجية أعمق داخل النظام. هذا الانقسام، الذي تفاقم بهلاك رئيسي، يشير إلى تفكك أوسع وأكثر خطورة في فصيل خامنئي، مما يشكل تحديات خطيرة لاستقرار النظام الإيراني على المدى الطويل.