تقارير وتحليلات

إيران ..صراع على السلطة داخل نظام خامنئي: حكومات موازية

الخليج بست

في 23 سبتمبر 2024، وفي خطوة غير مسبوقة ومفاجئة، عيَّن علي خامنئي محمد مخبر، النائب الأول لرئيس النظام الهالك إبراهيم رئيسي، كـ «مستشار ومساعد للولي الفقيه وإمام الأمة». في مرسوم تعيينه، أشاد خامنئي بمخبر على “خدماته الملتزمة والمؤثرة في المجالات الإدارية والاقتصادية، وخاصة في حكومة الشهيد رئيسي”، مشيرًا إلى أن مخبر يجب أن يستمر في تنفيذ السياسات التي تهدف إلى “استثمار النخب الشابة والمتحمسة في تنفيذ الخطط المختلفة”. كما وجهه إلى “تحديد المواهب الشابة والتعاون معها باستخدام نهج منطقي ومدروس، للمساعدة في دعم المؤسسات الحكومية وغير الحكومية” (إيلنا، 24 سبتمبر 2024).

تم هذا التعيين في حين كان مسعود بزشكيان، رئيس الدولة الرسمي، في زيارة رسمية إلى نيويورك، مما أثار تساؤلات حول توازن القوى داخل النظام السياسي الإيراني، مشيرًا إلى إنشاء هيكل موازٍ للحكومة الرسمية.

المعاني الخفية وراء “مستشار” و”مساعد” خامنئي

لطالما ارتبطت الألقاب مثل “مستشار” و”مساعد” داخل بلاط خامنئي بمعاني كبيرة. عادة ما يكون المستشارون في الدائرة الداخلية لخامنئي من عناصر الحرس، ويلعبون دورًا محوريًا في قمع المعارضة والانخراط في الفساد وترويج السياسات القمعية. هؤلاء الأفراد يتمتعون بنفوذ واسع على الأجهزة الأمنية، ويتحكمون في سياسات النظام العليا ويشرفون على المؤسسات الاستخباراتية والأمنية.

خامنئي، الذي ورث القسوة والخبرة المضادة للثورة من خميني، يدرك تمامًا أنه لا يمكنه الحفاظ على سلطته ما لم يكن لديه قاعدة قوة مستقلة تتغلغل بعمق في مؤسسات النظام. فبينما يلعب الآخرون أدوارًا عابرة وثانوية، فإن القوة الحقيقية تكمن في خامنئي نفسه.

بروز “الحكومة الخاصة” لخامنئي

لطالما أدار خامنئي مجلسًا وزاريًا مستقلاً، وهذه البنية الخفية للسلطة تظهر في اللحظات الحرجة من تاريخ النظام. الرئيس السابق حسن روحاني أشار إلى هذا النظام الموازي بأنه “الحكومة المسلحة” مقابل “الحكومة غير المسلحة”. ويتغير وجه النظام العلني بمرور الوقت، ولكن الوسطاء والمستشارين والوسطاء الذين يديرون الأمور من وراء الكواليس يبقون كما هم. هؤلاء الأفراد هم من يحددون تشكيل الحكومة العلنية، ويقررون من يبقى ومن يذهب.

في دوره كـ “مقام معظم للولاية”، يُظهر خامنئي شخصيات معينة للانتخابات العلنية، مثل الرؤساء وأعضاء البرلمان، لكنهم مجرد واجهة للتعامل مع القوى الخارجية. وفقًا للمرسوم الأخير، الحكومة الحقيقية هي حكومة مخبر، بينما حكومة بزشكيان هي الحكومة العلنية. ما يُعرض تحت مسميات “جمهورية” و”رئيس جمهورية” و”انتخابات” هو مجرد ستار يهدف إلى تجميل واقع “السلطة المطلقة لخامنئي”.

الحكومات الموازية وصراعات الفصائل على السلطة

يؤكد هذا التعيين الأخير أن خامنئي يدير “دولة فوق الدولة”. في مرسومه، أشاد خامنئي بمخبر لدوره في “المجالات الإدارية والاقتصادية، خاصة في فترة حكومة رئيسي”، وحثه على الاستمرار في استقطاب “النخب الشابة الملتزمة والمجتهدة”. مصطلح “الشباب” في قاموس خامنئي هو تعبير مستعار عن العناصر الموالية والموثوقة التي تم إعدادها لتولي المناصب الحكومية الهامة.

ويشبه هذا النهج ما تم اتباعه عندما تم تنصيب رئيسي تحت شعار “حكومة حزب الله الشابة”. وتأتي الإشارة المفاجئة إلى “الأمير مجتبي” نجل خامنئي كمحتمل لخلافة والده لتكمل هذه الصورة، مما يشير إلى خطة مدروسة للحفاظ على السلطة داخل الأسرة.

ويُعقِّد النظام السياسي الإيراني أكثر بوجود “حكومة ظل” يرأسها سعيد جليلي، الشخصية المحافظة المتشددة. جليلي يصف حكومة الظل بأنها “فكر ونهج”، ويؤكد أن “كل فرد في المجتمع له واجب تتبع التطورات السياسية ودعم الإجراءات المناسبة، وتقديم حلول تصحيحية عند الضرورة”. في خطاب له في 9 أغسطس 2024، أكد جليلي أن نجاح الحكومة المنتخبة سيعزز البلاد، ولكنه أشار إلى أنه يجب تحديد الأخطاء وتقديم حلول لتصحيحها. وأعرب عن آراء مشابهة في اجتماعاته مع بزشكيان، مما يشير إلى أنه يعتبر حكومته المنافس المباشر للحكومة الرسمية.

هل نحن أمام صراع على السلطة؟

مع وجود ثلاث حكومات موازية الآن – حكومة بزشكيان الرسمية، حكومة مخبر الموازية، وحكومة جليلي الظل – يبدو أن الساحة مهيأة لصراعات إضافية على السلطة. وجود هذه الفصائل المتنافسة يثير تساؤلات حول مستقبل النظام، حيث يتنافس كل منها على السيطرة تحت مراقبة خامنئي. النتيجة النهائية لهذه الصراعات ستشكل على الأرجح مسار السياسة الإيرانية في الأشهر والسنوات المقبلة.

الصراعات المحتدمة بين هذه الحكومات الثلاث – الرسمية، الموازية، وحكومة الظل – تطرح تساؤلات جوهرية حول مسار النظام المستقبلي وكيف سيتم توزيع السلطة في نهاية المطاف بين الفصائل المتنافسة.

هيومن رايتس ووتش: الإعدامات وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران خرق للقوانين الدولية


إيران ..الأمم المتحدة: اعتماد القرار الـ71 لإدانة نظام الملالي بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان


مركز أبحاث حکومی: تصاعد الفقر والتضخم في إيران


شباب الانتفاضة في إيران: إضرام النار في مواقع ومقرات اجهزة قمعية في عشرات المدن