تقارير وتحليلات
إيران .. خامنئي والخسارة الاستراتيجية في الحرب الإقليمية
قبل عام، كان خامنئي، الذي أشعل فتيل الحرب في المنطقة، يشعر بالفرح الشديد لأنه ظن أنه قد وجد حلاً لإخراج النظام من الأزمة العميقة التي واجهها بعد انتفاضات عام 2022. بجانب القمع المتزايد وارتفاع عدد عمليات الإعدام، كان قد فتح جعبته لاستغلال الحرب لتصدير أزماته.
ومع اندلاع حرب غزة، كان النظام الإيراني هو الطرف الوحيد الذي لم يكن يستطيع كبح فرحه. قال خامنئي قبل عام: “يحاولون تقديم إيران بأنها تقف وراء هذه الحركة، إنهم مخطئون” (10 تشرين الأول/أكتوبر 2023). لكن الأدلة الدامغة على إثارة الحرب كواحدة من ركائز استراتيجية النظام على مدى أربعة عقود، وحقيقة “رأس الأفعى” كانت واضحة جداً، بحيث لا يمكن لحيل خامنئي ومساعدي أصحاب الاسترضاء إخفاءها.
في الأشهر الأولى بعد الحرب، استغل ممثلو خامنئي على منابر صلاة الجمعة وقادة الحرس منصات الحكومة، متجاهلين معاناة وآلام ضحايا الحرب الأبرياء، وعبّروا عن فرحتهم وتفاخرهم، مستغلين الحرب لإغلاق المجال السياسي، ومواجهة المطالب الاجتماعية، وزيادة حدة القمع.
الآن، وبعد مرور عام، ومع اقتراب نار الحرب من خيمة مُثيرها، تحطمت معنويات قواته ووكلائه لدرجة أن خامنئي سعى لإصلاحها من خلال المشاركة في صلاة الجمعة وإلقاء خطبة باللغة العربية، حيث أطلق جهاز الدعاية وقادة النظام البوق، معتقدين أنه سيكون العلاج الشافي لقواتهم الداخلية.
في 6 تشرين الأول/أكتوبر، قال قاليباف، رئيس البرلمان: “إن خطب الجمعة أرسلت رسالة قوة للعدو، وجلبت الهدوء للمجتمع، وبثت روح الأمل في جبهة المقاومة”. كما كتبت وكالة أنباء فيلق القدس في 4 تشرين الأول/أكتوبر: “كان الهدف الرئيسي لقائد الثورة من إلقاء الخطبة الثانية باللغة العربية هو منح الأمل والمعنويات للمقاتلين على الأرض في هذه اللحظة الحرجة، خاصة بعد اغتيال نصر الله”. وأشارت وسائل إعلام أخرى تابعة للنظام إلى أن المجتمع الإيراني كان بحاجة إلى إعلان رسمي من القائد لتعزيز المعنويات وكسر جو الحرب والقلق.
لكن أزمة فقدان المعنويات واحتمال الخسارة الاستراتيجية للخليفة تجعل هذا الاستعراض للقوة وتعبئة الدعاية غير فعالة للغاية. في هذا السياق، كتب فلاحت بيشة، الرئيس السابق للجنة الأمن البرلمانية: “نحن اليوم في مرحلة لا مجال فيها للدعاية والحركات المسرحية. وإلى أن تندلع حرب شاملة بين إيران وإسرائيل، لم يتبق سوى القليل من الوقت مثل سوء التقدير” (صحيفة ستاره صبح في 6 تشرين الأول/أكتوبر). كما حذر محسن هاشمي، نجل رفسنجاني، قائلاً: “يجب ألا نسمح للمتشددين بالتضحية بإيران” (جهان صنعت، 6 تشرين الأول/أكتوبر).
فيما يتعلق بحسابات خامنئي وأرباحه وخسائره من إثارة الحروب، كتبت صحيفة “ستاره صبح” (5 تشرين الأول/أكتوبر) ما يلي: “التاريخ لا يعرف حرباً ربحها أكبر من تكلفتها. لذا، من المناسب للجميع تجنب الحرب والانتقال إلى السلام والحياة السلمية. ستكون حرب واسعة النطاق بين إيران وإسرائيل غير متكافئة ومكلفة”.
بعيداً عن هذه الحسابات والمخاوف، ومع تزايد تبعات إثارة الحرب على النظام المحرض، كتبت صحيفة واشنطن بوست في 5 أكتوبر عن الوضع الحالي لنظام الملالي: “واجه النظام الإيراني انتكاسات متتالية، بما في ذلك فقدان قادته العسكريين وحلفائه في الهجمات الإسرائيلية، والموت والفوضى في صفوف حزب الله… ومع نزع سلاح حزب الله على الساحة العملياتية، أصبح لدى إسرائيل الآن فرصة لمهاجمة المواقع النووية الإيرانية مع خطر أقل من الانتقام من حزب الله”.