تقارير وتحليلات
تهديدات عسكرية وحملة دعائية إيرانية في ظل التوترات الإقليمية
في الذكرى السنوية لاقتحام السفارة الأمريكية في طهران في 4 نوفمبر 1979، نظمت الحكومة الإيرانية سلسلة من الفعاليات الرسمية التي غلب عليها التهديدات العسكرية والخطاب العدائي تجاه الولايات المتحدة و إسرائيل وحلفائهما. هذه التصريحات لم تكن فقط لتعزيز “المقاومة”، بل جاءت كذلك للتغطية على الأزمات الداخلية المتفاقمة، وخاصة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد.
ومع استمرار قادة الحرس النظام ومسؤولي النظام في إيران في توجيه انتقادات لاذعة، يبدو أن الاستراتيجية تهدف إلى إظهار صورة متماسكة وقوية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. وشهدت الفعاليات الرسمية، مثل المسيرات والتصريحات التي أدلى بها قادة الحرس الثوري، تركيزاً واضحاً على دعوات المواجهة مع الأعداء.
تهديدات قادة الحرس النظام: عرض للقوة أم تغطية على الفشل؟
خلال كلمته في 4 نوفمبر، أعلن الحرسي ، حسين سلامي، أن “حزب الله سيدفن إسرائيل في جنوب لبنان” وأن الشعب الإيراني “ماضٍ نحو تحقيق انتصارات كبرى”. عبر سلامي عن إيران كقوة ثورية لا تقهر في المنطقة، مشيراً إلى فشل الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها، وخاصة ما يتعلق باتفاقات أبراهام، كدليل على تراجع النفوذ الأمريكي. وشدد على أن “جبهة المقاومة” ستواصل مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل دون خوف.
وتبدو هذه التصريحات بمثابة محاولة لتوجيه مشاعر العامة نحو العداء للخارج. في ظل أزمات اقتصادية حادة، وتضخم مرتفع، وانخفاض قيمة العملة، يسعى المسؤولون الإيرانيون لتحويل اهتمام الجمهور عن المشاكل الداخلية من خلال إبراز القوة الإقليمية والإرادة الثابتة في مواجهة التهديدات الخارجية.
خطاب موجه للمجتمع الدولي وتحذير للدول العربية
في بيان ختامي لفعاليات 4 نوفمبر، والذي يعكس الموقف الرسمي للنظام، انتقد المسؤولون النظام بشدة بعض القادة العرب الذين “التزموا الصمت” إزاء ممارسات إسرائيل، محذرين من أن هذا الصمت “سيعود عليهم بالضرر عاجلاً أم آجلاً”. وأشار البيان إلى أن السكوت على “جرائم الصهاينة” لا يضر فقط بالشعب الفلسطيني، بل يؤذي أيضاً الشعوب العربية، واصفاً هؤلاء القادة بأنهم “شركاء في جرائم الصهيونية”.
ويهدف هذا الموقف إلى تعزيز نفوذ إيران في المنطقة وكسب تأييد الشعوب العربية. من خلال الترويج لخطاب “المقاومة” ضد إسرائيل والولايات المتحدة، تسعى إيران إلى توسيع “محور المقاومة” في الدول الإسلامية، حيث يخدم هذا الخطاب كوسيلة لحشد الرأي العام الإقليمي لدعم سياسات إيران.
خلال هذه الفعاليات، أشار رمضان شريف، رئيس لجنة ما مسمی انتفاضة القدس، وقادة آخرون في الحرس، إلى “تضامن محور المقاومة في العالم”، محاولين تحفيز المشاعر الدينية والوطنية لدى الشعب. ودعا شريف الشعب الإيراني إلى عدم الالتفات لتحركات “الأعداء” مؤكداً أن “الأعداء سيندمون قريباً على أفعالهم”. وتكررت تأكيدات القادة الإيرانيين على أن “أيام النصر قريبة” وأن الشباب الإيراني “مستعد لجهاد كبير”، مما يعكس جهودهم المستمرة لإثارة الحماسة الدينية وتعزيز الوحدة الوطنية.
من جانبه، أشار ممثل خامئي، موسى بور، إلى “الشهداء الإيرانيين الذين سقطوا بيد الأعداء”، داعياً إلى زيادة الدعم للنظام، ومحذراً من أن إيران ستوجه “رداً حاسماً وقاسياً” للأعداء، في محاولة لتعزيز الشعور بالوطنية وتعميق الولاء للقيادة الإيرانية.
بالرغم من محاولة النظام الإيراني استعراض القوة والصمود أمام الضغوط، إلا أن هذا النهج يزيد من مخاوف المجتمع الدولي، ويهدد بزيادة التوترات الإقليمية. الخطاب العدائي، إلى جانب استمرار تطوير البرامج الصاروخية ودعم الجماعات المسلحة الإقليمية، أثار ردود فعل قوية من الغرب، وخاصة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وفي المحصلة، يبدو أن النظام الایراني مستمرة في اتباع نهجها الصارم، مما يعزز من طبول الحرب والتهديدات. وفي خضم ذلك، تظل المخاوف قائمة حول مستقبل المنطقة وإمكانية اندلاع صراع شامل. بالنسبة للعديد من المراقبين الدوليين، هذه التصريحات والعروض العسكرية لا تساهم في تعزيز موقف النظام الإيراني داخلياً، بل تزيد من احتمالية عزلته الدولية وتشديد الضغوط الاقتصادية، مما يدفعه نحو مزيد من العزلة.