تقارير وتحليلات
قانون الحجاب الإجباري في إيران: ذريعة لقمع المعارضين
لقد أثار نشر النص الكامل لقانون “العفة والحجاب” في إيران موجة واسعة من الاحتجاجات بين المواطنين والخبراء القانونيين والناشطين الاجتماعيين. يُنظر إلى هذا القانون على أنه استمرار لسياسات النظام الإيراني الرامية إلى قمع الحريات الفردية، وخاصة حريات النساء، مما أثار انتقادات حادة سواء على الإنترنت أو خارجه.
ويُقدم القانون كأداة مستهدفة لتطبيق قوانين الحجاب الإلزامي، مما يتناقض مع وعود الانتخابات التي قطعها مسؤولون مثل مسعود بزشكيان، الذين اقترحوا مقاربات أكثر تساهلاً للقضايا الاجتماعية. بدلاً من ذلك، يدفع التشريع إطارًا عقابيًا إلى الأمام، مما يؤدي إلى تآكل الحريات الشخصية وفرض أعباء مالية كبيرة.
ـ المخالفات الأولية لقانون الحجاب الإلزامي يمكن أن تؤدي إلى غرامات تصل إلى 18 مليون تومان.
ـ المخالفات المتكررة تجلب عقوبات أثقل، تضاعف الغرامات الأولية.
ـ انتقاد أو الاحتجاج ضد تطبيق الحجاب يعاقب بغرامات تتراوح من 8 إلى 18 مليون تومان.
ـ الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 9 إلى 15 سنة اللواتي لا يمتثلن يواجهن غرامات وإجراءات تعليمية إجبارية.
يمتد القانون إلى الملابس التي تكشف أجزاء من الجسم مثل العنق والساعدين أو الكاحلين، سواء في الأماكن العامة أو في الصور عبر الإنترنت. بعد تحذيرين، تؤدي المخالفة الثالثة إلى غرامات تبدأ من 8 ملايين تومان، تزداد إلى 18 مليون تومان للمخالفات اللاحقة. الغرامات غير المدفوعة يمكن أن تؤدي إلى عقوبات قضائية، مما يخلق مخاطر قانونية إضافية للمخالفين.
كما يتطلب القانون إجراءات قاسية لعدم الامتثال لآليات التنفيذ:
– مديرو المجمعات السكنية الذين يرفضون تقديم تسجيلات كاميرات المراقبة للنساء المعارضات لقانون الحجاب يواجهون غرامات من 18 إلى 36 مليون تومان.
– يُطلب من سائقي سيارات الأجرة عبر الإنترنت الإبلاغ عن الراكبات اللواتي يتحدين قواعد الحجاب الإلزامي.
– عدم دفع الغرامات خلال 10 أيام يؤدي إلى تقييد الخدمات الأساسية، بما في ذلك إصدار جوازات السفر، تسجيل السيارات، وتجديد رخصة القيادة.
– يمتد نطاق القانون إلى المجالات الثقافية والإبداعية، حيث يحظر التصاميم والألعاب والأعمال الفنية والدمى التي تُعتبر أنها “تروّج لانتهاكات الحجاب”. يواجه المخالفون غرامات، وحظر سفر، وقيود على الأنشطة الرقمية.
الرجال الذين يدخلون أقسام النساء فقط في وسائل النقل العام أو يسخرون من الحجاب الإلزامي يمكن أيضًا معاقبتهم، مما يبرز النطاق الشامل لهذا التشريع.
يُكلف القانون مجموعة من الهيئات الحكومية بمسؤوليات التنفيذ، بما في ذلك:
ـ وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
ـ الاذاعة والتلفزيون الإيراني (IRIB)
ـ وزارة العلوم والبحوث والتكنولوجيا
ـ قوة الشرطة وميليشيا الباسيج
ـ البلديات المحلية ورؤساء القرى
تهدف هذه الشبكة الواسعة من التنفيذ إلى قمع المعارضة تحت ستار تعزيز “الثقافة الإسلامية”.
من بين المواد الأكثر إثارة للجدل:
المادة 22 تُكلف وزارة الطرق والتنمية الحضرية ببناء السكن “بما يتماشى مع الثقافة الإسلامية.”
يتطلب التفويض الإسلامي للملابس إنشاء متاجر دائمة للملابس “المناسبة”، ودعم إنتاج النسيج الإسلامي، وحظر الملابس المخالفة للقيم الإسلامية.
وعود فاشلة ورد فعل عام
اللافت أن القانون يتناقض مع وعود سابقة من مسؤولي النظام بتقليص دوريات التوجيه وإنهاء الاعتقالات بسبب انتهاكات الحجاب. لقد أثار هذا التحول غضبًا عامًا، وخاصة في ضوء التغيرات الاجتماعية الكبرى التي تلت احتجاجات 2022.
تمت الإشارة إلى هذه السياسات القمعية بوضوح في رسالة نشرتها مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في منصة إيكس، حيث وصفت القانون بأنه “القانون المعادي للمرأة “العفاف و الحجاب” الذي فرضه النظام هو قانون تعسفي ولا إنساني، ويُدان بشدة. خامنئي، من خلال هذا التشريع القمعي واستغلال الأجهزة القمعية مثل قوات الشرطة ووزارة المخابرات واستخبارات الحرس، يسعى إلى إخضاع المجتمع، خاصة النساء اللواتي يتصدرن النضال ضد الفاشية الدينية.
ومع ذلك، فإن الإعدامات اليومية والقوانين التي تستهدف النساء لن تنقذ هذا النظام المتهالك من أزماته المتفاقمة. أكرر مجددًا: «لا للحجاب الإلزامي، لا للدين القسري، ولا لحكم الجور». هذا الشعار يمثل التصميم الراسخ لجميع الإيرانيين على إسقاط نظام الملالي.
ويبدو أن قدرة النظام على تنفيذ مثل هذه القوانين الشاملة تصبح أكثر هشاشة. وقد شكلت انتفاضة عام 2022 نقطة تحول، حيث تحدت العديد من النساء والفتيات القواعد الإلزامية للزي بشكل علني. حتى المسؤولون في النظام يعترفون الآن بأن القوانين التي يتم تجاهلها على نطاق واسع من قبل السكان صعبة، إن لم تكن مستحيلة، للتطبيق.
ويبرز قانون “العفة والحجاب” جهود النظام الإيراني المستمرة للسيطرة على الحريات الشخصية وفرض القواعد الاجتماعية الصارمة. ومع ذلك، فإن إجراءاته القاسية وعدم شعبيته الواسعة تخاطر بتعزيز الاغتراب في مجتمع يشهد بالفعل حالة من التغير. مع توسع الفجوة بين الحكومة والشعب، تزداد احتمالية حدوث ردود فعل حادة وغير متوقعة. قد يؤدي هذا القانون، بدلاً من تعزيز قبضة النظام، إلى زعزعة استقراره أكثر من خلال إثارة انتفاضة جديدة.