تقارير وتحليلات
احتجاجات واسعة تجتاح المدن الإيرانية
في 22 ديسمبر، شهدت إيران موجة من الاحتجاجات في عدة مدن، منها طهران، أصفهان، شيراز، كرمانشاه، شوش، الأهواز، وکجساران. قاد هذه الاحتجاجات متقاعدو الضمان الاجتماعي، موظفو البلديات، وعمال شركات النفط والغاز، الذين أعربوا عن استيائهم من الأوضاع الاقتصادية المتردية، تأخر صرف الرواتب، تدني المعاشات، والتضخم المتزايد. هتف المحتجون بشعارات تندد بسوء الإدارة الاقتصادية والظلم الاجتماعي، ما يعكس عمق الأزمة التي تعصف بالبلاد.
نظم عمال شركة استثمار النفط والغاز في کجساران احتجاجًا واسعًا، مرددين شعارات مثل: “اليوم يوم عزاء للمجتمع العمالي”، تعبيرًا عن تدهور أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية.
وتجمع متقاعدو الضمان الاجتماعي في كرمانشاه للمطالبة بتنفيذ الوعود المؤجلة منذ فترة طويلة. ورغم البرد القارس، رفع المحتجون شعارات مثل: “من الشعارات إلى الأفعال، كفى بالوعود الفارغة”، و”الأموال العامة والخزينة أصبحت مرتعًا للصوص”. أظهر هذا التجمع إصرار المحتجين على إيصال رسالتهم رغم الظروف القاسية.
وفي شيراز، نظم موظفو شركة الاتصالات احتجاجًا للمطالبة بصرف مستحقاتهم المتأخرة، مما يعكس حالة الاستياء المتزايدة بين موظفي القطاع العام الذين يعانون من ظروف معيشية صعبة.
وخرج متقاعدو الضمان الاجتماعي في شوش في مسيرة احتجاجية ضد الفقر، الفساد، والرواتب المتدنية. هتفوا بشعارات تندد بالغلاء والظلم، مشيرين إلى حالة الفقر التي يعيشها ملايين المواطنين تحت حكم النظام الحالي.
وشهدت العاصمة طهران مظاهرتين رئيسيتين. تجمع موظفو البلدية وحراس المدينة أمام مجلس المدينة للمطالبة بتحسين أوضاعهم وحقوقهم. وفي نفس اليوم، احتشد متقاعدو قطاعي الصلب والتعدين أمام وزارة التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي، مطالبين بحل لأوضاعهم الاقتصادية المتدهورة.
وفي أصفهان، تجمع متقاعدو قطاعي الصلب والتعدين في شارع نشاط للمطالبة بحقوقهم وسط تصاعد الأزمات الاقتصادية. وأظهرت هذه الاحتجاجات مدى الإحباط المنتشر بين فئات المتقاعدين.
وفي الأهواز، تجمع متقاعدو الضمان الاجتماعي أمام مقر الإدارة العامة للمنظمة في خوزستان، احتجاجًا على الظروف المعيشية الصعبة والانتهاكات المستمرة لحقوقهم.
الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في إيران
تأتي هذه الاحتجاجات في ظل أزمة اقتصادية خانقة. تفاقمت المعاناة مع انقطاع الكهرباء والغاز في فصل الشتاء البارد، مما أثر بشكل مباشر على الحياة اليومية والصناعات في العديد من المناطق. كما أن التضخم المتزايد جعل السلع والخدمات الأساسية بعيدة عن متناول شريحة واسعة من المواطنين.
ومن جهة أخرى، ساهمت تدخلات النظام الإيراني الإقليمية في استنزاف موارد البلاد. حيث تشير التقارير إلى إنفاق أكثر من 50 مليار دولار لدعم نظام الأسد في سوريا، وتمويل الميليشيات والتنظيمات الإرهابية في العراق ولبنان واليمن. إلى جانب ذلك، يستنزف البرنامج النووي المكلف الموارد الوطنية، مما أدى إلى تعميق الفقر وتأجيج السخط الاجتماعي.
وتشير الاحتجاجات التي شهدتها إيران إلى تصاعد الغضب الشعبي تجاه النظام الحاكم. ومع تفاقم الفقر، وارتفاع معدلات التضخم، واستمرار الفساد، يبدو أن البلاد على وشك اندلاع انتفاضة واسعة. إن وحدة العمال والمتقاعدين وغيرهم في مطالبهم لتحقيق العدالة والمحاسبة تعكس تنامي الزخم نحو حركة شعبية قد تغير مستقبل إيران بشكل جذري.