تقارير وتحليلات
الدعم الدولي لحملة «لا للإعدام» في إيران
في ديسمبر 2024، أصدر أكثر من 250 عضوًا من مجلسي العموم واللوردات البريطانيين بيانًا مشتركًا أعلنوا فيه دعمهم لحملة «لا للإعدام» العالمية في إيران. وشملت قائمة الموقعين رؤساء أكثر من عشرة لجان برلمانية، وأربعة من زعماء الأحزاب السياسية السابقين، من بينهم زعماء الأحزاب المحافظة، والديمقراطيين الليبراليين، إضافة إلى قادة الأحزاب الحالية مثل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأيرلندي، وحزب «بلاد كمرو» الويلزي، ومجموعة الحزب الوطني الأسكتلندي البرلمانية. كما أيد البيان أكثر من 20 وزيرًا سابقًا، بينهم وزراء الدفاع، والقوات المسلحة، وشؤون اسكتلندا وويلز، والتجارة الخارجية، والداخلية، والعدل، والثقافة، بالإضافة إلى عدد من أساقفة اللوردات وخبراء قانونيين بارزين.
جاءت هذه الخطوة الجديرة بالإشادة في وقت يواصل فيه النظام الإيراني تصدر قائمة الدول التي تستخدم الإعدام بشكل منهجي لقمع المعارضين والمحتجين السياسيين. يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على أهمية هذا البيان في الحملة العالمية ضد الإعدام وتداعياته على السياسات الدولية تجاه النظام الإيراني.
السياق والإحصائيات المثيرة للقلق
بحسب تقرير منظمة العفو الدولية، كان النظام الإيراني مسؤولًا عن 74% من حالات الإعدام المسجلة عالميًا خلال عام 2023. وفي ذلك العام، تم تنفيذ أكثر من 670 حكم إعدام في إيران، من بينهم 25 امرأة. شملت هذه الإعدامات العديد من المعارضين السياسيين، مثل حالة رضا رسائي، الذي أعدم بعد اعتقاله خلال احتجاجات نوفمبر 2022.
وأكدت لجنة دولية مستقلة لتقصي الحقائق في تقريرها الصادر في مارس 2024 أن معظم هذه الإعدامات تمت بعد محاكمات متسرعة شابتها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. واعتبرت اللجنة أن هذه الأفعال ترتقي إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل، والتعذيب، والسجن، وأشكال مختلفة من العنف الجنسي.
دعم واسع في المملكة المتحدة
أعرب البيان المشترك للبرلمانيين البريطانيين عن دعمهم الكامل لدعوة السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، لإنهاء الإعدامات في إيران. وأشاد البيان بخطتها المكونة من عشر نقاط، التي تضمنت إلغاء عقوبة الإعدام وضمان حقوق الإنسان كأولوية أساسية.
وأشار الموقعون إلى أن الإعدام في إيران، وخاصة بحق المحتجين المعتقلين، يستخدم كأداة سياسية تهدف إلى نشر الخوف ومنع أي انتفاضات شعبية مستقبلية. وتطرق البيان أيضًا إلى تقرير جاويد رحمان، المقرر الخاص للأمم المتحدة، الذي وصف في 17 يوليو 2024 مذبحة 30,000 سجين سياسي في صيف 1988 بأنها «جريمة ضد الإنسانية» و«إبادة جماعية».
أهمية حملة «لا للإعدام»
تشكل حملة «لا للإعدام»، التي بدأت بإضرابات أسبوعية عن الطعام من قبل السجناء السياسيين في إيران منذ أوائل عام 2024، رمزًا قويًا للمقاومة الشعبية ضد القمع الوحشي الذي يمارسه النظام الإيراني. وأشاد البيان البريطاني بهذه المقاومة، داعيًا المجتمع الدولي إلى دعمها.
وفي هذا السياق، أكد البروفيسور اللورد ألتون من ليفربول، الرئيس المشارك للجنة البريطانية من أجل حرية إيران، على ضرورة اتخاذ إجراءات دولية عاجلة. وقال: «حان الوقت للتحرك لمنع المزيد من الجرائم ودعم نضال الشعب الإيراني من أجل العدالة والحرية. ندعو الحكومة البريطانية إلى جعل حقوق الإنسان والعدالة ومحاسبة النظام الإيراني أولوية في سياساتها لعام 2025».
تقاعس المجتمع الدولي وعواقبه
انتقد البيان تقاعس المجتمع الدولي عن محاسبة النظام الإيراني على الجرائم ضد الإنسانية. وأشار الموقعون إلى أن هذا التقاعس ساهم في تعزيز ثقافة الإفلات من العقاب، مما شجع النظام على تصعيد حملات القمع وزيادة عمليات الإعدام.
من جانبه، دعا النائب بوب بلاكمان، رئيس لجنة البرلمانيين الدولية من أجل إيران ديمقراطية، الحكومة البريطانية إلى فرض عقوبات حقيقية واتخاذ تدابير قانونية ضد النظام الإيراني. وأكد على أن دعم رؤية مريم رجوي لمستقبل ديمقراطي في إيران يمثل خطوة مهمة في هذا الاتجاه.
الحاجة إلى تحالف دولي
شدد البيان على ضرورة تشكيل تحالف دولي لإنهاء الإعدامات في إيران. ودعا الموقعون الحكومة البريطانية إلى قيادة هذا التحالف وإحالة انتهاكات النظام الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي.
من جهتها، أكدت البارونة أولون، إحدى الموقعات على البيان، أن إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب في إيران هو نقطة البداية للدفاع عن الديمقراطية والأمن في العالم. وقالت: «يجب على حكومتنا أن تدعم الضحايا الرئيسيين للنظام – الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة، المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية – لضمان تحقيق العدالة ومحاسبة قادة النظام».
محاسبة النظام أمام المجتمع الدولي
يحمل البيان الصادر عن أكثر من 250 برلمانيًا بريطانيًا أهمية خاصة لعدة أسباب. أولًا، يؤكد أن قضية الإعدامات في إيران ليست مجرد مسألة داخلية، بل هي قضية إنسانية وعالمية. ويبعث دعم هذا العدد الكبير من الشخصيات السياسية البارزة لحملة «لا للإعدام» برسالة واضحة للنظام الإيراني: أن جرائمه تحت المراقبة، وأنه لن يتمكن من مواصلة القمع دون دفع ثمن باهظ.
ثانيًا، يمكن لهذا البيان أن يؤثر بشكل كبير على السياسات الدولية. باعتبارها لاعبًا رئيسيًا في السياسة العالمية، يمكن أن تشجع مواقف بريطانيا الدول الأخرى على تصعيد الضغوط على النظام الإيراني. ومن شأن هذا البيان أن يضع النظام في موقف أكثر حرجًا ويضعف محاولاته لتطبيع علاقاته مع الغرب.
مثل هذه المبادرات يمكن أن تزيد من الضغط الدولي على النظام الإيراني، مما يحد من قدرته على مواصلة جرائمه ويجبره على تقديم إجابات للمجتمع الدولي. تمثل المطالبة بالمحاسبة خطوة حاسمة نحو تحقيق العدالة ودعم النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في إيران.