تقارير وتحليلات

الثورة الفكرية: الأساس للنضال المنظم من أجل الحرية

الثورة الفكرية: الأساس للنضال المنظم من أجل الحرية

الثورة الفكرية: الأساس للنضال المنظم من أجل الحرية

الخليج بوست

بالنسبة لأي شخص ملمّ بالنضال من أجل الحرية، من الواضح أن الكفاح بدون تنظيم وهيكل متماسك أمر مستحيل. يجب أن تستند الحركة الثورية إلى أيديولوجيا ثورية وتعتمد على كوادر مخلصة مستعدة للتضحية من أجل القضية. ولتوظيف الطاقات الجماعية لهذه الكوادر، يصبح من الضروري القيام بثورة فكرية وثقافية عميقة.

تُعدّ المقاومة الإيرانية، ولا سيما مع الدور الريادي للنساء، ظاهرة فريدة في تاريخ النضالات التحررية العالمية. فقد خاضت هذه المقاومة مواجهة طويلة ضد نظام ديني استبدادي، بالإضافة إلى البنى العميقة للاستغلال والتمييز التي يدافع عنها هذا النظام.

دور النساء في المقاومة الإيرانية

على مدى العقود الأربعة الماضية، لعبت النساء دورًا محوريًا في المقاومة الإيرانية. وقد أدى التحول التاريخي داخل منظمة مجاهدي خلق، والذي ركّز على قيادة النساء، إلى فتح آفاق جديدة في الكفاح من أجل الحرية. كان هذا التحول ردًا عمليًا على الأيديولوجيا المعادية للمرأة التي تبناها خميني ونظامه. ومن أبرز مظاهر هذا التحول إنشاء وحدات قتالية نسائية مستقلة، وتعيين النساء في أعلى مناصب القيادة في المنظمة، وتشكيل مجلس مركزي يضم ألف امرأة طليعية. هذه الخطوات لم تكن مجرد نظريات، بل كانت نتائج تجارب واقعية في ساحات القتال والمقاومة.

لقد صمدت النساء في المقاومة الإيرانية أمام التعذيب والسجن والقصف والهجمات العسكرية، مما أثبت أن النضال من أجل الحرية يتطلب مشاركة نشطة في التغيير الاجتماعي، وكسر القوالب النمطية المتعلقة بالجنس، وتحمّل المسؤوليات في الخطوط الأمامية للكفاح. وقد نجحن في تأسيس نموذج تاريخي باقٍ للمرأة الإيرانية، مؤكدات أن الحرية لا يمكن تحقيقها بدون مشاركتهن وقيادتهن.

تجاوز التمييز الجندري في الكفاح من أجل الحرية

أحد العوائق الأساسية التي واجهتها المقاومة الإيرانية هو التمييز الجندري، والذي يُستخدم كأداة قمعية. فالثقافة المعادية للمرأة، المتجذرة في الأنظمة الاستبدادية والاستغلالية، سعت دائمًا إلى دفع النساء نحو الخضوع والاستسلام. في ظل هذه الأنظمة، لا تُحرم النساء من حقوقهن في المشاركة في السلطة واتخاذ القرارات فحسب، بل يتم أيضًا إنكار هويتهن كأفراد مستقلين. وعلى مدار السنوات، سعى النظام الإيراني إلى تعزيز هذا التمييز عبر ترويج أفكار رجعية وسنّ قوانين قمعية لإبقاء النساء في موقع تابع.

غير أن المقاومة الإيرانية نجحت في كسر هذه المعادلة من خلال التأكيد على دور النساء في القيادة. فقد أثبتت النساء في هذه المقاومة أنهن قادرات على القيادة والإدارة واتخاذ القرارات المصيرية، وأنهن مؤهلات للوقوف في الخطوط الأمامية للنضال ضد الاستبداد. ولم يكن هذا التحول سياسيًا فحسب، بل كان أيضًا بمثابة ثورة ثقافية واجتماعية أوسع نطاقًا.

الفردية المدمرة كعائق أمام النضال الجماعي

إلى جانب التمييز الجندري، هناك تحدٍّ رئيسي آخر يواجه النضال من أجل الحرية، وهو النزعة الفردية التي تضعف الجهود الجماعية. فالفردية المدمرة تعزل الأفراد، وتغرقهم في الأنانية، وتمنعهم من تحمل المسؤوليات الجماعية. وعلى عكس الفردية الإبداعية التي تعزز النمو البشري، فإن هذه النزعة تؤدي إلى التفرقة وإضعاف التماسك الاجتماعي.

تستغل الأنظمة الاستبدادية، ومن بينها نظام الولي الفقيه، هذا الاتجاه للحفاظ على سيطرتها. فمن خلال تعزيز ثقافة التنافس غير الصحي، وانعدام الثقة، والأنانية، تسعى هذه الأنظمة إلى منع تشكيل قوة معارضة موحدة ومنظمة. أما المقاومة الإيرانية، فقد نجحت في التصدي لهذا التحدي عبر تعزيز قيم التضامن والعمل الجماعي. فالأفراد في هذه المقاومة لا يكتفون بتحمل مسؤوليات أكبر، بل يضعون أيضًا الطموحات الشخصية جانبًا للعمل ضمن هيكل منظم يخدم هدفًا مشتركًا.

أثبتت تجربة المقاومة الإيرانية أن الحرية لا يمكن تحقيقها دون التضامن. فالفردية المدمرة، التي تتجلى في الأنانية والغيرة، تعيق ظهور قوة موحدة. ولكن عندما يعرّف الأفراد أنفسهم ضمن جماعة متماسكة ومتعهدة بالقضية، تنطلق طاقات جديدة. وقد تم إثبات هذا المبدأ مرارًا وتكرارًا داخل صفوف المقاومة الإيرانية.

في هذه المقاومة، تعلم الأفراد أن القوة الحقيقية تكمن في التعاون والتضحية والالتزام بهدف مشترك. فالنساء والرجال الذين ساروا في هذا الدرب حرروا أنفسهم من قيود الفردية المدمرة، واستطاعوا بناء هيكل تنظيمي صامد أمام أشد أنواع القمع. وهذا التلاحم منح المقاومة الإيرانية القوة للاستمرار حتى في أحلك الظروف.

ضرورة الثورة الفكرية والثقافية في النضال المنظم

تُعدّ المقاومة الإيرانية نموذجًا فريدًا في تاريخ النضالات التحررية. فقد أثبتت هذه الحركة أن التغلب على الاستبداد لا يتطلب التضحية والصمود فقط، بل يحتاج أيضًا إلى ثورة فكرية وثقافية. إذ يُشكل القضاء على التمييز الجندري ومواجهة الفردية المدمرة عنصرين أساسيين في هذا المسار. وقد نجحت نساء المقاومة الإيرانية، من خلال صمودهن وتحمّلهن لمسؤوليات جسيمة، في تحطيم القوالب النمطية التاريخية وتقديم نموذج جديد للكفاح والحرية.

تحمل هذه التجربة رسالة واضحة لكل من يناضل ضد الظلم والاستبداد: الحرية لا تُنال إلا عندما يتجاوز الأفراد الأنانية والتفرقة، ويؤمنون بالتضامن والمسؤولية الجماعية. فمن خلال هذه الوحدة وحدها، يمكن هزيمة قوى القمع وبناء مجتمع حر.

قرار مجلس النواب الأمريكي رقم 166 يُقدَّم بدعم أكثر من 150 نائبًا – تأييد لمطلب الشعب الإيراني بإقامة جمهورية ديمقراطية


سروناز جيت‌ساز: النساء قوة التغيير في مواجهة النظام الإيراني


واشنطن تايمز: خلال جلسة استماع في الكونغرس الأمريكي، مريم رجوي تدعو إلى تغيير النظام في طهران


إيران"إسقاط النظام".. جلسة بالكونغرس الأميركي تناقش أوضاع إيران