أخبار
استعراض القوة في زمن الانهيار: كيف تعلن بروكسل عن جاهزية البديل الإيراني للحظة ما بعد السقوط؟
استعراض القوة في زمن الانهيار: كيف تعلن بروكسل عن جاهزية البديل الإيراني للحظة ما بعد السقوط؟
استعراض القوة في زمن الانهيار: كيف تعلن بروكسل عن جاهزية البديل الإيراني للحظة ما بعد السقوط؟
مأخوذ من موقع القرار- لبنان
في اللحظات التاريخية الفاصلة، عندما يترنح نظام استبدادي على حافة الهاوية، لا يصبح السؤال “هل سيسقط؟” بل “من سيملأ الفراغ؟”. وما سيشهده العالم في السادس من سبتمبر في بروكسل ليس مجرد مظاهرة ضد نظام الملالي، بل هو الإجابة الحاسمة والمنظمة على هذا السؤال. ففي الوقت الذي يعيش فيه النظام الإيراني حالة من الرعب الوجودي، محاصراً بين مطرقة الانهيار الاقتصادي الداخلي وسندان العزلة الدولية الوشيكة، تأتي هذه المظاهرة الحاشدة لتعلن للعالم أن البديل الديمقراطي ليس مجرد فكرة أو أمل، بل هو قوة منظمة، جاهزة، وذات تاريخ نضالي عميق، مستعدة لتولي زمام المبادرة ومنع انزلاق إيران نحو الفوضى. إن هذا الحدث ليس مجرد استعراض للقوة، بل هو إعلان عن الجاهزية للحكم.
سياق الانهيار: عندما يصبح الخوف من الشعب أكبر من الخوف من العقوبات
لكي نفهم الأهمية الاستراتيجية لهذه المظاهرة، يجب أن ندرك حجم الذعر الذي يسود طهران. إن تفعيل آلية “سناب باك” ليس مجرد عقوبات اقتصادية إضافية، بل هو الفتيل الذي يهدد بإشعال برميل البارود الاجتماعي. فالخبراء التابعون للنظام أنفسهم يحذرون من أن التضخم قد يقفز إلى 90%، مما سيدفع بالملايين من الإيرانيين إلى ما تحت خط الفقر المدقع. هذا ليس مجرد تحليل اقتصادي، بل هو توصيف دقيق لـ”الكابوس الحقيقي” الذي يواجهه خامنئي. إنه يدرك أنه محاصر في فخ قاتل: إذا تراجع واستسلم للمطالب الدولية، سيعتبر ذلك علامة ضعف وستنفجر الانتفاضة الشعبية. وإذا استمر في عناده، فإن الانهيار الاقتصادي سيؤدي إلى نفس الانتفاضة. لقد أصبح الشعب الإيراني هو المتغير الحاسم في المعادلة، وأصبح الخوف من الشارع أكبر بكثير من الخوف من مجلس الأمن.
بروكسل: حيث يلتقي التاريخ بالمستقبل لتقديم الحل
في قلب هذا المشهد المأزوم، تأتي مظاهرة بروكسل لتقدم نفسها ليس كجزء من المشكلة، بل كبداية للحل. إنها تبعث بثلاث رسائل قوية ومترابطة. الرسالة الأولى تتعلق بالشرعية التاريخية. فتزامن المظاهرة مع الذكرى الستين لتأسيس منظمة مجاهدي خلق الإيرانية هو تذكير للعالم بأن البديل الديمقراطي لم يولد اليوم، بل هو نتاج ستة عقود من الصمود والتضحية في وجه دكتاتوريتين. إنها حركة تجذرت في عمق التاريخ الإيراني، وقدمت 120 ألف شهيد، ولا تزال اليوم، عبر “وحدات الانتفاضة”، تمثل القوة المنظمة القائدة على الأرض. هذه الشرعية التاريخية هي التي تمنحها المصداقية لقيادة المرحلة الانتقالية.
الرسالة الثانية موجهة إلى المجتمع الدولي الحائر. إنها تقدم بوضوح “الحل الثالث” كبديل واقعي عن الخيارين الفاشلين: لا للمساومة مع نظام إرهابي أثبت أنه غير قابل للإصلاح، ولا للحرب التي ستغرق المنطقة في الفوضى. الحل يكمن في دعم نضال الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة لإسقاط هذا النظام بأيديهم. إنها دعوة للدول الأوروبية بشكل خاص للوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ، والاعتراف بالحق المشروع للشعب الإيراني في تقرير مصيره.
أما الرسالة الثالثة، فهي الأهم: إثبات الجاهزية. إن القدرة على حشد عشرات الآلاف من المتطوعين في قلب أوروبا هي استعراض للقدرة التنظيمية الهائلة التي تتمتع بها هذه المقاومة. إنها انعكاس مصغر لقدرتها الأكبر على تنظيم شبكتها الاجتماعية الواسعة داخل إيران. والأهم من ذلك، أن هذه الحركة لا تقدم فقط شعارات، بل تقدم برنامج عمل مفصل ومدروس لإيران ما بعد الملالي. إن خطة السيدة مريم رجوي ذات النقاط العشر هي بمثابة العقد الاجتماعي الذي سيتم على أساسه بناء جمهورية ديمقراطية، تعددية، وغير نووية، تعيش بسلام مع العالم.
إن ما سيجري في بروكسل هو أكثر من مجرد مظاهرة. إنه إعلان بأن الشعب الإيراني ليس ضحية تنتظر مصيرها، بل هو قوة فاعلة تملك قيادة ورؤية ومقاومة منظمة، ومستعدة ليس فقط لإسقاط الديكتاتورية، بل لبناء الديمقراطية على أنقاضها.