تقارير وتحليلات

الصحف الإيرانية تكشف تآكل النظام من الداخل

الصحف الإيرانية تكشف تآكل النظام من الداخل

الصحف الإيرانية تكشف تآكل النظام من الداخل

الخلیج بوست

تكشف الصحف الإيرانية الصادرة  ليوم الخميس 23 أكتوبر عن لوحة متناقضة ومعقّدة من أزمات النظام، تمتد من الدعوات إلى محاكمة حسن روحاني، مرورًا بانسداد المسار الدبلوماسي مع واشنطن، وصولًا إلى الفقر المتفشّي، والإفلاس المصرفي، وتآكل الثقة المجتمعية.

هجوم على روحاني ونهاية الاتفاق النووي

الصحف الأصولية، وعلى رأسها كيهان وفرهيختغان، أعادت فتح ملف حسن روحاني. فقد وصفت كيهان روحاني بأنه «المسؤول المباشر عن الخسائر الهائلة»، متسائلةً: لماذا لم يتدخل القضاء لمحاكمته بعد اعترافات ولي‌الله سيف، الرئيس السابق للبنك المركزي؟ واتهمت روحاني بأنه «هاجم خزينة الدولة» دفاعًا عن «برجام المزعوم بالفائدة» وباع 60 طنًا من الذهب.

أما فرهيختغان فكتبت تحت عنوان «نهاية مأساة عمرها عشر سنوات» أنّ الاتفاق النووي كان رمزًا لـ«الثقة الساذجة بالغرب»، وأن سقوط الاتفاق يعني سقوط تفكيرٍ يرى التنمية في انتظار «النية الحسنة للأجانب».

انسداد السياسة الخارجية وظلال موسكو

في ميدان السياسة الخارجية، تتحدث الصحف عن طريقٍ مسدودٍ على مستويين: الحوار مع واشنطن والعلاقة مع موسكو.
فرهيختغان قالت في مقال بعنوان «اقتراحات عبثية» إن تبادل الرسائل غير المباشرة مع أمريكا لم يتوقف، «لكن لا مفاوضات جارية»، مؤكدة أن «تعنّت واشنطن» يقابله «إصرار داخلي على التفاوض» بلا جدوى.
أما آرمان ملي فاعتبرت أن المواجهة العسكرية بين إيران وأمريكا «غير مرجّحة»، لكنّ المفاوضات متوقفة ما لم يتراجع أحد الطرفين عن مواقفه.

من جانب آخر، رأت صحيفتا شرق وهم‌ميهن أن موسكو المستفيد الأكبر من تصاعد التوتر بين طهران وواشنطن، لأن انشغال أمريكا بالشرق الأوسط يخفف ضغطها في أوكرانيا. وأشارت الشرق إلى زيارة علي لاريجاني إلى موسكو، معتبرة أن روسيا تسعى لأن تكون «وسيط التوازن» بين طهران ودمشق، على غرار دور الصين في المصالحة الإيرانية–السعودية.

انهيار اقتصادي شامل

الصحف الاقتصادية الموالية للنظام رسمت صورة قاتمة للوضع المعيشي.
جهان صنعت في تقرير بعنوان «نهاية طريق اليأس للعمال» ذكرت أن خط الفقر البالغ 6 ملايين تومان يُظهر أن أغلب العمال يعيشون تحته، وأن التضخم المرتفع أرهق حياة الناس.

آرمان امروز حذّرت من أن «الفقر تحوّل إلى أزمة وطنية» تشمل 36% من السكان، وترتفع إلى 50% في المناطق الريفية. كما تحدّثت عن فئة «العمّال الفقراء» الذين يعملون بدوامٍ كامل ولا يتجاوز دخلهم خط الفقر.

أما سياست روز فوصفت المشهد بـ«الموت الصامت على موائد الجياع»، مشيرة إلى أن 120 ألف إيراني يموتون سنويًا بسبب سوء التغذية، أي ثلث إجمالي الوفيات في البلاد.

في السياق ذاته، رأت بهار نيوز أن الحكومة «مرتبكة وخائفة» من تعديل الدعم على الخبز والوقود خشية الانفجار الاجتماعي، ما يعكس عجزها عن اتخاذ قراراتٍ حاسمة.
بينما كشفت هم‌ميهن في تقريرها «البنك بلا مستقبل» أن نسبة كفاية رأس المال في بنك «آينده» بلغت سالب 350%، وأن 98% من قروضه غير جارية، مع خسائر متراكمة تبلغ 500 ألف مليار تومان، مؤكدة أن الفساد البنكي مرتبط بشبكات سياسية نافذة.

أزمات اجتماعية وانهيار الثقة

الصحف الاجتماعية تناولت مظاهر التآكل الأخلاقي والتفاوت الطبقي.
كتب عباس عبدي في هم‌ميهن أن فيديو زفاف ابن شمخاني كشف «رياء السلطة»: فـ90% من كبار المسؤولين يسكنون في أحياء فاخرة، ويعيش أبناؤهم برفاهية، بينما يرفع آباؤهم شعارات «الزهد والبساطة» أمام الكاميرات. ووصف ذلك بأنه «أسوأ أشكال الاحتيال السياسي».

وفي مقالٍ آخر بعنوان «الحجاب والحياء والأخلاق» رأى حامد خانجاني أن فرض الحجاب ليس حلاً أخلاقيًا، لأن الجذر الحقيقي للانحلال هو الفقر والظلم وغياب العدالة الاجتماعية.

من جهتها، حذّرت جهان صنعت من أن بطالة الشباب الطويلة تولّد الإحباط والإدمان والطلاق وعدم الثقة بالنظام، ما قد يؤدي إلى اضطراباتٍ اجتماعية تهدد الأمن الوطني.

من الفيلترة إلى “المازوشية السياسية

في آرمان ملي جاء تقرير بعنوان «رفع الحجب ينتظر أمر پزشکیان»، تساءل فيه: لماذا لا يُرفع الحجب رغم موافقة السلطات الثلاث؟ وهل هناك «إرادة أعلى» تستفيد من تجارة VPN التي تدر 20 همت سنويًا؟

وفي مقالٍ لسيّد مصطفى هاشمي‌طبا في الشرق بعنوان «غياب الدفاع المدني وحضور الهجوم الذاتي»، شبّه الكاتب إدارة الدولة بـ«مازوخية جماعية» تُلحق الأذى بنفسها عبر قراراتٍ كارثية: من البناء غير الآمن إلى تلوث الهواء وحذف الأصفار من العملة، واصفًا النظام بأنه «يعذّب شعبه بإرادته».

تكشف خلاصة الصحف عن نظامٍ يواجه أزمة شاملة:

  • شرعيته السياسية متصدّعة بدعوات محاكمة قادته السابقين،
  • سياسته الخارجية عالقة بين واشنطن وموسكو،
  • اقتصاده غارق في الفقر والتضخم والإفلاس،
  • ومجتمعه منهك بفقدان الثقة والرياء والاضطرابات الاجتماعية.

حتى الصحف الموالية للنظام لم تعد قادرة على تكرار الرواية الرسمية؛ إذ أصبحت مقالاتها – وإنْ بلغة حذرة – اعترافًا ضمنيًا بانهيار منظومة الحكم في إيران.

لاريجاني: شرطُ الغربيين بشأن آلية «سناب باك» كان تقليص مدى الصواريخ الإيرانية


أسوشيتد برس: إيران تواجه “حالة أزمة دائمة” مع تضاؤل الوقت وتنامي ضغوط العقوبات


هل يتربص المجتمع الإيراني بشرارة؟


النظام الإيراني محاصر بين الانهيار الاقتصادي والغضب الشعبي