مجتمع الخليج بوست
وسط أزمة سيولة
لبنان: تنظيم جديد لسوق الصرف لإنهاء فوضى تسعير الدولار
يعكف مصرف لبنان المركزي على إنجاز تنظيم جديد لعمليات تداول العملات في سوق القطع بمشاركة مباشرة من الجهاز المصرفي، وبما يحد من فوضى التسعير التي شهدتها السوق الموازية وأسواق الاستهلاك خلال الأشهر الثلاثة الماضية، والتي أنتجت فوارق حادة بنسب تراوحت بين 40 و60 في المائة في تداولات الدولار النقدي. بينما التسعير الرسمي للدولار عند متوسط 1507 ليرات لدى المصارف، مصحوبا بتقنين قاس في الصرف، وبشروط أشد قسوة في تحويله للخارج.
وناقش حاكم المركزي رياض سلامة، فعليا، مع أركان جمعية المصارف في لبنان، إمكانية توليها مباشرة عمليات الصيرفة من خلال شركات متخصصة تابعة لها، على أن تقوم شركة لبنان المالية بتنسيق التسعير اليومي. ما يجعل «تنظيم أسعار الصرف أكثر ضبطا بكثير مما هو قائم حاليا، خاصة أن عددا كبيرا من الصرافين غير مرخص لهم؛ ما خلق الفوضى الحالية»، وفق محضر الاجتماع الذي اطلعت «الشرق الأوسط»، على نسخة منه.
ونقلت أمس قناة «إل بي سي»، عن وزير المالية اللبناني غازي وزني، قوله إن الحكومة تلقت تعميم مصرف لبنان (البنك المركزي) لتنظيم العلاقة بين المصارف وزبائنها وستقوم بدراسته والبت في الأمر خلال أيام.
وفرضت البنوك اللبنانية قيودا مشددة على سحب الودائع ومنعت معظم التحويلات إلى الخارج منذ أكتوبر (تشرين الأول) في محاولة لمنع خروج رؤوس الأموال بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية بفعل احتجاجات مناهضة للحكومة. لكن السلطات لم تحدد قيودا رسمية لرأس المال تنظم هذه الإجراءات.
وطلب سلامة، سلطات استثنائية الشهر الماضي من حكومة تصريف الأعمال وقتئذ بهدف صياغة إجراءات لضمان معاملة جميع العملاء على قدم المساواة. وصرح سلامة لقناة «إل بي سي» أمس، بأن التعميم قُدم لرئيس الوزراء حسان دياب ووزير المالية قبل عشرة أيام. وأضاف أنهما إذا وافقا على التعميم فإنه «لن يتضمن تدابير استثنائية».
وتابع: «الأعمال ستتواصل في المصارف كالمعتاد... الهدف هو إيجاد معاملة متساوية وعادلة بين جميع الزبائن». وأكد وزني تسلم التعميم، وأضاف: «سنقوم بدراسته وسنبت في الأمر خلال أيام».
ومرجعية تسعير مركزية يشرف عليها البنك المركزي مباشرة عبر شركة لبنان المالية، من شأنها إعادة تصويب عمليات العرض والطلب. وبذلك يمكن لشركات الصرافة المرخصة أن تكون شريكة فاعلة في إعادة تنظيم مجمل التداولات بالعملات والخروج من حال العشوائية وإمكانية تسرب أوراق نقدية مزورة عبر الصرافين المتجولين وغير المرخصين.
وتوقع مسؤول مصرفي لـ«الشرق الأوسط»، أن تفضي هذه الخطة إلى وجود سعرين فقط للدولار، الأول رسمي يحدده مصرف لبنان بمستواه المعلن عند 1507 ليرات، ويتم التزامه حصرا لتغطية اعتمادات السلع الرئيسية (قمح، ومحروقات، وأدوية، ومستلزمات طبية، ومواد أولية للصناعة والزراعة). والثاني في السوق الموازية من المرجح أن يكون عند عتبة 2000 ليرة في الفترة الحالية.
ومن شأن حصر عمليات التبادل ضمن نطاق السعرين فقط وبالمواصفات المحددة، أن يعيد الهدوء تدريجيا إلى سوق القطع ويوفر الدولار النقدي بأسعار «معقولة» ويحول دون المزيد من استغلال الفوضى السائدة، وفقا لتقديرات المصرفي المسؤول.
ووفق محضر الاجتماع الدوري بين هيئة حاكمية المركزي وجمعية المصارف منتصف الأسبوع الحالي، فقد أعلم سلامة الجمعية بأن التعميم المطلوب بحكم صلاحية مصرف لبنان وبعد التوافق مع السلطات المعنية على التدابير سيتضمن: حرية استعمال «الأموال الجديدة» الواردة من الخارج بعد تاريخ 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، وأن يقتصر التحويل إلى الخارج، خارج الأموال الجديدة، من جهة لتغطية النفقات الشخصية الملحة وضمن سقف 50 ألف دولار سنوياً، ومن جهة أخرى لتمويل استيراد المواد الأولية للزراعة والصناعة أيضاً ضمن سقف 0.5 في المائة من الودائع سنوياً.
ويتضمن التعميم أيضا أن «تبقى العمليات بالعملات الأجنبية داخل لبنان بما فيها التحاويل أو الشيكات أو البطاقات غير خاضعة لأي قيود. ويتحدد السحب النقدي بالليرة بسقف شهري قدره 25 مليون ليرة للمودع الواحد مع تطبيق إجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، كذلك يخضع استعمال البطاقات خارج لبنان للحدود المفروضة عليها، ويتم دفع الشيكات بالليرة أو بالدولار بالحساب وليس نقداً على شبابيك المصارف».