تقارير وتحليلات
الجنوبيون يرفضون دخول ألوية الحماية الرئاسية إلى عدن..
تقرير: نذر مواجهة بين الشرعية والانتقالي الجنوبي حول بنود اتفاق الرياض
تبادلت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي الاتهامات حول انتهاك بنود اتفاق الرياض ومحاولة إفشاله، في ظل معلومات عن استمرار الطرفين في التحشيد في محافظة أبين (شرق العاصمة عدن) في أعقاب المواجهات التي شهدتها مدينة أحور.
وأكدت مصادر لـ”العرب” إبلاغ قيادة التحالف العربي في عدن الأطراف الموقعة على اتفاق الرياض برفض أي تحركات عسكرية على الأرض ومطالبة القوات التابعة للجيش المدعومة من حزب الإصلاح التي تقدمت باتجاه شقرة وأحور بالعودة إلى مواقعها السابقة في مأرب.
وجدد المجلس الانتقالي الجنوبي على لسان ناطقه الرسمي نزار هيثم التزامه بمضمون اتفاق الرياض، وعبر المجلس عن رفضه لما وصفه بـ”محاولات الحكومة اليمنية الخروج عن نص الاتفاق ومن ذلك عملية التحشيد المستمرة باتجاه الجنوب”.
وأكد على تمسك المجلس “بحقه في الدفاع عن أرضه، وعلى قدرته في التصدي وردع أي قوة تحاول تجاوز خطوط التماس الحالية، ويدعوها للانسحاب فورا”.
وقال هيثم إن “المجلس الانتقالي مع السلام ويدعم ويبارك جهود الأشقاء في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لتجاوز المشكلة الراهنة وتوحيد الجهود باتجاه المعركة الأساسية ضد ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران”.
وحذر المجلس الانتقالي من “محاولات جماعة الإخوان المتطرفة إفشال الاتفاق، خدمة لجماعة الحوثي، كما خدمتها لسنوات بتجميدها لجبهات القتال في الشمال”.
وأعرب عن جدية والتزام المجلس الانتقالي وقوات المقاومة والجيش الجنوبي، بالسلم الأهلي احتراما لالتزاماتهم ولجهود الأشقاء، لكنه نبه إلى جاهزية “ردع كل متطاول ومستهتر مع التأكيد على أهمية المضي قدما إلى جانب التحالف العربي والمجتمع الدولي في محاربة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره وأيا كانت مصادره”.
وفي المقابل اتهمت الحكومة اليمنية، الجمعة، المجلس الانتقالي الجنوبي بالتصعيد وعرقلة اتفاق الرياض، وأكد الناطق الرسمي للحكومة راجح بادي، الذي يعمل في نفس الوقت مديرا لمكتب وكالة الأنباء التركية “الأناضول” في اليمن، على “التزام الحكومة الثابت والصارم باتفاق الرياض، بتنفيذ كافة بنوده وفق الآلية المحددة”.
ونفى بادي وجود أي عملية تحشيد عسكري نحو العاصمة عدن، مشددا على أن “تحرك القوات التي قدمت إلى محافظة أبين باتجاه العاصمة هي عبارة عن سرية تابعة للواء الأول حماية رئاسية الذي نص الاتفاق على عودته بالكامل إلى عدن، موضحا أن السرية المكلفة بالنزول تحركت بالتنسيق مع قيادة التحالف العربي وفق بنود الاتفاق”.
واتهم بادي قوات المجلس الانتقالي باعتراض هذه القوة قبل وصولها إلى منطقة شقرة بمحافظة أبين وفتح النار عليها، ما أدى إلى وقوع اشتباكات نتج عنها سقوط عدد من القتلى والجرحى.
واعتبرت مصادر سياسية يمنية أن الخلافات المبكرة التي طفت على السطح في ما يتعلق بتفسير بنود اتفاق الرياض، تشير إلى أن تنفيذ استحقاقات الاتفاق وخصوصا الشق الأمني والعسكري منها سيكون بالغ الصعوبة والتعقيد في ظل رهان بعض الأطراف الرافضة للاتفاق على اللعب بعامل الوقت وإفراغ الاتفاق من محتواه، وفرض سياسة الأمر الواقع على الأرض.
وأشارت المصادر إلى أن طبيعة قوات الحماية الرئاسية التي ستتولى تأمين المقار التابعة للرئاسة وقيادات الدولة ستكون موضع خلاف كبير بين الانتقالي والحكومة في ظل مؤشرات على رغبة الإخوان في تحويل هذه القوة إلى “حصان طروادة” لدخول قوات تابعة للإخوان من خارج وحدات اللواء الأول حماية رئاسية الذي نص اتفاق الرياض على عودته إلى عدن.
وقال العميد محمد جواس الخبير العسكري والاستراتيجي ومستشار رئيس هيئة الأركان في الجيش اليمني في تصريح لـ”العرب” إن ترجمة الاتفاق على الأرض يجب أن تلامس المشكلات التي جاء اتفاق الرياض بسببها وليصنع لها الحلول، مشيرا إلى أنه لا يمكن إضافة عناصر عسكرية جديدة أو معدات وتسليح مضاف من خارج إطار لواء الحماية الرئاسي الأول بعد أن سماه اتفاق الرياض وحدده باسمه وصفته ما يجعل ذلك مخالفة صريحة لاتفاق الرياض بل وإفراغا لمضامين اتفاق الرياض التي جاء من أجلها.
وعبر جواس عن اعتقاده بأن محاولة خلط الأوراق والعبث بجوهر اتفاق الرياض عمل ممنهج لجهات جاهرت برفضها للاتفاق وحاولت تعطيله قبل التوقيع عليه، وقال “لا يمكن فهم الإصرار على استبدال عناصر اللواء الأول حماية رئاسية بقوات عقائدية جديدة من خارج ألوية الحماية بعدن إلا في سياق محاولات جعل تلك العناصر كحصان طروادة لتفجير الوضع عسكريا بعدن”.
وسبق وأن كشفت “العرب” في تقرير لمراسلها في عدن عن بروز مؤشرات حول اتجاه الإخوان والتيار الرافض لاتفاق الرياض في الشرعية لاستغلال الثغرات في الاتفاق للعبث بمضمونه ومن ذلك طبيعة القوات الرئاسية التي يفترض بحسب الاتفاق أن تعود إلى عدن وتتولى حماية المنشآت والمرافق الرئاسية، في ظل توارد معلومات عن تشكيل الإخوان لقوات ضخمة تابعة لهم في مأرب وشبوة تحت مسمى ألوية الحماية الرئاسية والزج بتلك القوات نحو عدن كمقدمة للسيطرة على العاصمة وتفكيك قوات المجلس الانتقالي بالتنسيق مع الخلايا النائمة التابعة للإخوان في بعض مناطق عدن والتي دأبت على التحرك وإحداث فوضى بين الفينة والأخرى بهدف إرباك المجلس الانتقالي وعرقلة انتشار القوات الأمنية والعسكرية في عدن بموجب اتفاق الرياض الموقع بين الشرعية والمجلس.
وفي تصعيد جديد يكشف عن أجندة التيار المناهض لاتفاق الرياض من داخل الحكومة، واصل وزير النقل اليمني صالح الجبواني إطلاق التصريحات التي تهدف إلى ابتزاز التحالف وتخفيف الضغط على التحركات العسكرية باتجاه عدن.
وقال الجبواني، الجمعة، إن على السعودية أن تحدد خياراتها بوضوح قبل أن تغرق في عدن، مضيفا في تغريدة على تويتر “مجلس المرتزقة المتمردين في عدن (يقصد المجلس الانتقالي) يقوم بتعبئة قواته ويدفع بها إلى زنجبار (عاصمة محافظة أبين)”. وتابع “هذا يثير أكثر من تساؤل حول دور الجيش السعودي في عدن، ولماذا أتى إن لم يكن لنصرة الشرعية”.
وتتزامن محاولات جماعة الإخوان في اليمن لتوسيع مناطق نفوذها في جنوب اليمن ومحافظة تعز مع بروز مؤشرات قوية على اعتزام المجتمع الدولي فرض تسوية للملف اليمني تضم الميليشيات الحوثية على قاعدة اتفاقات الرياض وستوكهولم، كان آخرها قول وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير إن هناك إمكانية للتوصل إلى تهدئة تتبعها تسوية للصراع المستمر منذ أربع سنوات في اليمن.