شؤون العرب والخليج

رفضت التطبيع بالاعتماد على الموقف السعودي

الكويت تسحب سلع إسرائيلية من السوق وتحول مروجيها إلى التحقيق

رفض رهن المتغيرات

الكويت

تواصل الكويت تمسّكها بموقفها التقليدي الرافض لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، في ظل أسئلة عن الأوراق التي تمتلكها للبقاء خارج مسار التطبيع الذي اكتسب زخما غير مسبوق، وعن المدى الذي يمكن أن تبلغه في التمسّك بذلك الموقف.

وأعلنت وزارة التجارة والصناعة الكويتية إغلاق ثمانية متاجر أحدها يبيع منتجات إسرائيلية وإحالة أصحابها إلى النيابة. وجاء ذلك على طرف نقيض من التقدمّ السريع في علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين إسرائيل وكل من دولة الإمارات ومملكة البحرين بعد اتفاق كل من أبوظبي والمنامة على ربط علاقات طبيعية مع تلّ أبيب، بينما يجري الحديث عن معاملات مالية وتجارية كثيفة وغير معلنة بين قطر وإسرائيل تعود إلى زمن افتتاح المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة سنة 1996.

وخالفت الكويت، إلى حدّ الآن، التوقّعات التي وضعتها ضمن الدول التي تحدّث عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقال إنّها في طريقها لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل بعد كلّ من الإمارات والبحرين والسودان.

وتمكّنت السلطات الكويتية بذلك من استرضاء تيارات سياسية قوية، إسلامية وقومية بالأساس، اعتادت أن تقيم دعايتها السياسية على مخاطبة الوجدان الشعبي واستثارة المشاعر الدينية والقومية باستخدام القضية الفلسطينية.

وصادف التطور النوعي في علاقات عدد من الدول العربية بإسرائيل، مرور الكويت بمرحلة أزمة اقتصادية حادّة ناتجة عن تراجع أسعار النفط وجائحة كورونا فضلا عن حالة من الهشاشة السياسية التي رافقت مرض الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ووفاته ثم انتقال السلطة إلى الشيخ نواف الأحمد وولي عهده الشيخ مشعل الأحمد.

وفي ظل هذه الظروف، لم تكن السلطة الكويتية تمتلك ما يكفي من القوّة حتّى تتمكّن من اتخاذ قرار يتعلّق بقضية شائكة وحساسة من مستوى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، الأمر الذي كان سيضعها تحت ضغوط هائلة، وخصوصا من قبل الإسلاميين المتجاوبين تماما مع مواقف تركيا التي شنّت حملة شعواء على الدول العربية التي قررت تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وذلك على الرغم من أن أنقرة تقيم علاقات رسمية مع تل أبيب وتتبادل معها كمّا كبيرا من المصالح في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والأمن والدفاع.

وما يجعل عدم استجابة الكويت لرغبة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وطلباته المباشرة لدول عربية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، أمرا غير منطقي وخارج القدرات السياسية للدولة الكويتية، أنّ الأخيرة تحتفظ بعلاقات قوية مع واشنطن وتعتبرها حليفتها الأولى التي قادت عملية تخليصها من الاحتلال العراقي لها مطلع تسعينات القرن الماضي.

ويبدو أنّ الكويت استفادت في عدم انضمامها لمسار التطبيع من موقف جارتها الخليجية الكبرى، المملكة العربية السعودية، التي ربطت إحداث أي تقدّم في علاقاتها بإسرائيل بالتقدّم في مسار السلام وفقا لمبادرة السلام العربية التي كانت الرياض نفسها قد طرحتها سنة 2002 وتمّ إقرارها كإطار متفق عليه عربيا لحلّ النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

وإلى جانب الاستناد إلى الموقف السعودي، تراهن الكويت على عامل الوقت وما يمكن أن تسفر عنه الانتخابات الأميركية من تغيير بأن تحمل المرشّح الديمقراطي جو بايدن إلى سدّة الرئاسة خلفا لدونالد ترامب المصّر على جلب أكبر عدد ممكن من البلدان العربية لمسار تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

غير أن العاملين اللذين تراهن عليهما الكويت في تمسّكها بموقفها من التطبيع ليسا موثوقين تماما، فالرياض لم تقل كلمتها الأخيرة في شأن ربط علاقات طبيعية مع تل أبيب، وقد تُغير موقفَها بحسب ما تقتضيه مصلحتها، خصوصا وأنّها لم تبد أي اعتراض على قرار كل من الإمارات والبحرين بشأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل بل إنّها بدت متفهّمة لقرارهما عندما فتحت أجواءها لرحلات طيران مباشرة بين تل أبيب وكل من أبوظبي والمنامة.

أما الرهان على موقف بايدن إذا تمكّن من هزيمة ترامب في الانتخابات، فقد يكون أقل موثوقية للكويت إذ لا أحد يستطيع الجزم بأنّ الديمقراطيين لن يواصلوا سياسة الجمهوريين في موضوع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية إذا رأوا أن في ذلك مصلحة حيوية للولايات المتّحدة.

واستنادا إلى هذه المعطيات لا تبدو معركة التطبيع في الكويت قد وصلت نهايتها، بل يتوّقع أنّ تكون مشغلا سياسيا هاما خلال الفترة القادمة. وكثيرا ما تظهر على السياسات الكويتية، وما يتمّ اتخاذه من قرارات ملامح سيطرة الإسلاميين على عدد من مفاصل الدولة.

وتجلّت تلك الملامح في قرار وزارة التجارة الكويتية بشأن السلع الإسرائيلية، وأيضا في صياغة البيان الصحافي الذي أعلن من خلاله حيث ورد أنّ “فرق التفتيش ضبطت منتجات من ‘الكيان الصهيوني’ محظورة في الأسواق المحلية حسب القانون تباع في إحدى شركات قطع غيار السيارات في منطقة الشويخ الواقعة في الكويت العاصمة”.

وأشارت الوزارة  إلى أن شكوى وإخطارا رفعا من قبل مستهلك يفيد بوجود شركة تزاول بيع سلع إسرائيلية الصنع. وأضافت أن فرق التفتيش تلقت الشكوى وقامت بالتدقيق على البضاعة الموجودة في الشركة وتبين وجود بضاعة إسرائيلية وكانت عبارة عن “ثرموستات” من حجم صغير بعدد 77 علبة كتب عليها صنع في إسرائيل مما يعد مخالفة للقانون والنظم في التعامل مع منتجات إسرائيل.

وأكدت الوزارة أن فرق التفتيش قامت بتدوين المحاضر اللاّزمة تجاه المخالفين تمهيدا لإغلاقها والإحالة إلى النيابة التجارية لإجراء اللاّزم.

ويسجّل الإسلاميون حضورهم في الحياة السياسية الكويتية من خلال علاقات بعض قياداتهم بعدد من شيوخ أسرة آل الصباح الحاكمة حيث يقوم هؤلاء بدور الناصحين والمستشارين لهم في رسم بعض السياسات واتخاذ بعض القرارات، كما أنّ لهم حضورهم في البرلمان الذي يمتلك سلطة مراقبة عمل الحكومة ومساءلة أعضائها. لكنّ مركز ثقل الإسلاميين وخصوصا الإخوان المسلمين في الكويت يظل في الجمعيات والمنظمات غير الحكومية التي سبق لها أن لعبت دورا كبيرا في معارضة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، حيث دعت 41 جمعية ومنظمة مجلس الأمّة (البرلمان) إلى إقرار قانون يجرّم التطبيع مع إسرائيل.

ومن بين تلك المنظمات الذي جاء تحرّكها في إثر إعلان الإمارات تطبيع علاقاتها مع إسرائيل جمعية المحامين، وجمعية المعلمين، والجمعية الاقتصادية الكويتية.

وقالت تلك المنظمات في بيان سابق “نضم صوتنا إلى أبناء الشعب الكويتي الحر بدعوة مجلس الأمة والحكومة، إلى سرعة إقرار قانون تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني”. وشددت على “رفض كل أشكال التطبيع مع إسرائيل أو التوقيع على أي اتفاقية سلام معها مهما كانت الأسباب”، مؤكّدة أنها “ترفض كل المحاولات التي تريد جر الكويت لهذا المستنقع.. تماشيا مع الموقف الرسمي والشعبي الكويتي”.

برايتبارت: المقاومة الإيرانية تكشف منشأة نووية سرّية لتطوير قنابل هيدروجينية


مفاوضات عُمان الرابعة: تناقضات النظام الإيراني وخوفٌ مُعلَن من مصير ليبيا


البرنامج النووی والأزمات المتصاعدة


قلق في طهران: مستقبل غامض يلوح في الأفق!