شؤون العرب والخليج
الدستور الجزائري
الجزائريون يوافقون على دستور التغيير المنشود
الاستفتاء يمثل اختبارا جديا للسلطة الجزائرية
أعلنت سلطة الانتخابات في الجزائر عن موافقة الناخبين في الاستفتاء الذي جرى الأحد على الدستور الجديد وذلك بنسبة 66.8 في المئة، وهو استفتاء أرادت من خلاله السلطات فتح صفحة جديدة مع الشارع.
وقال رئيس الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي في مؤتمر صحافي عُقد الاثنين إن 33.20 في المئة صوّتوا بـ”لا” معتبرا أن “تعديل الدستور هو الحجر الأساسي لبناء الجزائر الجديدة”، وذلك لدى إعلانه عن النتائج الأولية القابلة للطعن أمام المجلس (المحكمة) الدستوري في غضون 10 أيام.
ومثل هذا الاستفتاء اختبارا جديا للسلطة الجزائرية الساعية لطي صفحة الماضي وتدشين عهد جديد مع الشارع، وذلك بالرغم من دعوات الحراك إلى مقاطعة هذا الاستحقاق.
وبلغت نسبة المشاركة النهائية 23.7 في المئة وهي النسبة الأدنى في تاريخ البلاد خلال اقتراع مهم.
وصوّت فقط خُمس الناخبين المسجّلين لصالح التعديل الدستوري.
وقال شرفي “التعبير بكل استقلالية بصوتكم (كمواطنين) هو تحد آخر لبناء الجزائر الجديدة، بدأ بحراك مبارك في 22 فبراير (2019) من خلال مسار سلمي للتغيير”.
وتُعد نسبة المشاركة في هذا الاستفتاء أقل بكثير من النسبة المسجلة في الانتخابات الرئاسيّة التي سجلت نسبة 39.93 في المئة والتي فاز بها عبدالمجيد تبون في 12 ديسمبر 2019 والتي اعتُبرت ضعيفة جدّا، ما جعله يبحث عن شرعية جديدة.
وانطلاقا من هذه الرغبة سعى الرئيس تبون جاهدا لتحقيق نسبة مشاركة أكبر في الاستفتاء على الدستور رغم مقاطعة الحراك الشعبي ومعارضة أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد على غرار حركة مجتمع السلم وحزب العدالة والتنمية.
وقال شرفي إن “ظروف سريان الاستفتاء شكلت تحديا لأي تحرك سياسي مهما كانت طبيعته‘‘، في إشارة إلى القيود المفروضة في إطار مكافحة وباء كوفيد – 19.
وتمّ تطبيق إجراءات صارمة، بدءا بتحديد عدد الذين يدخلون إلى مركز الاقتراع بشخصين أو ثلاثة في وقت واحد، والالتزام بوضع الكمامات وذلك بسبب استمرار تفشي الوباء، حيث أُلغيت الستائر أيضا في مقصورات الاقتراع لمنع الناخبين من لمسها.
ومسألة فوز معسكر ’’نعم‘‘ بهذا الاستفتاء كانت محسومة منذ البداية، حيث تمكنت التنظيمات السياسية المقربة من السلطة الجزائرية على غرار الجبهة الوطنية للتحرير من القيام بحملاتها وتعبئة أنصارها لضمان تزكية التعديلات الدستورية.
ورفض الحراك النصّ المقترح “شكلا ومضمونا” لأنّه لا يمثّل سوى “تغيير في الواجهة” على حد تعبير ممثليه، في حين أنّ الشارع طالب بـ”تغيير النظام” الحاكم منذ استقلال البلد في 1962.
وقبل الاستفتاء، قال تبون في رسالة نشرتها وكالة الأنباء الرسميّة مساء السبت إنّ “الشعب الجزائري سيكون مرة أخرى على موعد مع التاريخ، من أجل التغيير الحقيقي المنشود (…) من خلال الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، من أجل التأسيس لعهد جديد يحقّق آمال الأمّة وتطلّعات شعبنا الكريم إلى دولة قويّة عصريّة وديمقراطيّة”.
ولم يتمّ اختيار موعد الاستفتاء مصادفة. فالأوّل من نوفمبر هو “عيد الثورة” ذكرى اندلاع حرب الاستقلال ضدّ الاستعمار الفرنسي (1954 – 1962).
وكان تبون الغائب الأبرز في هذا الاقتراع، بعدما نُقل إلى ألمانيا الأربعاء لإجراء فحوص طبية “متعمقة”، إثر أنباء عن الاشتباه في إصابة محيطين به بكوفيد – 19. وأوضحت الرئاسة أنّ حالته “مستقرّة وغير مقلقة”.
ومنذ أدائه اليمين رئيسا للبلاد في 19 ديسمبر 2019، بعد أسبوع من انتخابات شهدت نسبة امتناع قياسيّة عن التصويت، تعهّد تبون بتعديل دستور 1996 من خلال مدّ يده إلى “الحراك المبارك والأصيل”.
ورغم مواد كثيرة تنص على ضمان حقوق وحريات، إلا أن الدستور الجديد لا يؤسس لنظام سياسي جديد بما أنه يحافظ على جوهر النظام الرئاسي كما أراده عبدالعزيز بوتفليقة الذي دفعه الحراك إلى الاستقالة في أبريل 2019.