تقارير وتحليلات

المصالحة الخليجية واليمن..

تقرير: هل ستتمكن المصالحة الخليجية من حلحلة جذور الأزمة اليمنية؟

الموازنات الصعبة "أرشيفية"

كيوبوست

رحَّب اليمن بالمصالحة الخليجية لحل الأزمة بين الأشقاء في دول الخليج العربي، والتي انعكس أثرها على المنطقة ككل لأكثر من ثلاث سنوات. وصفت وزارة الخارجية اليمنية جهود المصالحة بـ”المثمرة في تقريب وجهات النظر”، وقال نائب الرئيس اليمني، علي محسن الأحمر، في تغريدة على “تويتر”: “إن وحدة البيت الخليجي وإعادة لحمته، ضمان لأمن ووحدة المنطقة بأسرها”.

لقي الاتفاق ترحيباً إقليمياً ودولياً كبيراً، ويأمل الكثير من اليمنيين والمراقبين انعكاس ذلك على الحرب في اليمن؛ وحتى الحوثيين باركوا الخطوة الخليجية، آملين أن تكون بدايةً لإنهاء التوترات في المنطقة.


يُنظر إلى المصالحة الخليجية، بما تشمله من رفعٍ للمقاطعة على قطر واتفاق للتضامن وعدم الاعتداء، على أنها خطوة مهمة لرأب الصدع، ولملمة الصفوف استعداداً لعدو أكثر تربصاً وتهديداً، وهو إيران؛ وهو ما أشار إليه الأمير محمد بن سلمان أيضاً، في تصريحاته أمام قمة مجلس التعاون الخليجي؛ لكن الخلاف ليس سطحياً ولا عابراً لينتهي بسهولة، ولعل المقاطعة والصراع في اليمن أظهرا الكثير من الشقوق.

موازنة صعبة للمصالح

مع زيادة حدة التوتر بين واشنطن وطهران، وقدوم رئيس أمريكي جديد، فلا شك أن المصالحة تقدم الكثير من المنافع بمستويات مختلفة لجميع الأطراف؛ بما في ذلك حرمان إيران من نحو 100 مليون دولار تتلقاها سنوياً من قطر مقابل التحليق فوق أراضيها، لكن المصالح الاقتصادية بين قطر وإيران تتعدى هذه الأرقام بكثير؛ إذ يشترك البلدان في حقل عملاق للغاز، مما يجعل إبعاد الدوحة كليةً عن إيران أمراً مستبعداً.

وكما تلتقي قطر مع إيران في مصالح اقتصادية؛ فهي تلتقي معها أيضاً في مصالح  جيوسياسية مهمة يمكن إحياؤها عند الضرورة، ويمكن رؤية ذلك من خلال الصراع في اليمن؛ حيث التقت مصلحة طهران في إضعاف السعودية مع مصلحة الدوحة في إشغال الرياض بحرب يمكنها من خلالها تقليل فُرص هيمنتها عليها.

ومع ذلك، كما يُقال، لا حرب جيدة ولا سلام سيئ. وبالتالي، لا يمكن التقليل من شأن المصالحة وإن لم تعالج  المشكلات الأيديولوجية والجيوسياسية الأساسية، ما دام الصلح يُعيد ضبط التوازنات الصعبة، ويقلل من احتمال أي تهديد وجودي لأي طرف؛ وهو ما من شأنه حتماً أن يقود إلى حرب مباشرة، أو غير مباشرة، لا تُحمد عقباها.

التأثير على الأزمة اليمنية

ربما يكمن أحد منافع المصالحة في ما يتعلق بأثرها على الصراع في اليمن في تهيئة الأجواء لإيجاد حل سياسي، من خلال تخفيف الحملات الإعلامية العدائية التي يقودها مختلف الأطراف؛ وفي مقدمتها قناة “الجزيرة” القطرية؛ والتي وجدت من تدخل التحالف العربي في اليمن بقيادة السعودية والإمارات مادة خصبة لها.


جنديان من التحالف العربي- وسائل التواصل الاجتماعي
وفي الظروف المثالية، يمكن أن تسهم الدوحة في التوسط لإيجاد صفقة تُوقِف الدور التخريبي للحوثيين والجماعات المُفسدة؛ مثل زعماء حزب الإصلاح والجماعات التابعة لهم والأطراف الخارجية المؤيدة. في مثل هذه الحالة، يمكن أن تكون الوساطة القطرية محدودة؛ لكنها ذات جدوى، خصوصاً إذا ما تجنَّبت الدوحة ما يمكن تجنبه من إخفاقات الوساطات السابقة بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي في الفترة بين 2007 و2009.

ولعل من أهم أدوار الوساطة التي رعتها قطر هو اتفاق الدوحة في فبراير 2008 بين الحكومة اليمنية والحوثيين، والذي كان مما تضمه إيقاف الأعمال العدائية، وإعادة إعمار المناطق المتضررة من حرب صعدة، واستضافة قطر للزعماء الحوثيين، وتسليم الأسلحة المتوسطة وذخيرتها للدولة؛ لكن الاتفاق لم يُكتب له النجاح لأسباب منها شكوك الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، في نيَّات القطريين وآلية تنفيذ التزاماتهم، وعدم امتلاك قطر ما يكفي من النفوذ على الحوثيين، إضافة إلى محدودية تنازلات الدولة بالمقابل.

يختلف وضع قطر اليوم عما كانت عليه في عام 2008؛ إذ أصبحت أكثر قُرباً من الحوثيين وحزب الإصلاح والداعمين الخارجيين لهما، إيران وتركيا والإخوان المسلمين؛ وهو ما من شأنه أن يخدم أي دور مُحتمل في الاتجاه الصحيح.

من جانبٍ آخر، يختلف الوضع في اليمن اليوم أيضاً عما كان عليه في تلك الفترة؛ إذ أصبح للجنوبيين دور أساسي في الحكومة اليمنية، وهو أمر يهيئ للحل الشامل؛ حيث لا يخفى أن عدم إشراك جميع اللاعبين الأساسيين في الأزمة يقوِّض المُضي قُدماً ويجعل المكاسب أقل ديمومة. الحوثيون أيضاً أصبحوا يسيطرون على رقعة واسعة من الأرض وعلى النسبة الكبرى من السكان، وبالطبع على ترسانة الدولة من الأسلحة. الواقعيون وحدهم يُدركون أن الحرب لا تحدد مَن هو على حق بقدر ما تحدد مَن هو الأجدر بالبقاء.

مبادئ أساسية

مهما يكن ما سينتج عن المصالحة الخليجية، ومن ذلك إثبات قطر حُسن النيَّات، فإنه لن يخرج عن الثوابت الجيوسياسية الرئيسية لكل دولة على حدة؛ ومنها الحفاظ على المصالح الاقتصادية المشتركة مع الآخرين، بما في ذلك إيران وتركيا، والمحافظة على بقاء الدولة آمِنة من أي تهديد أو هيمنة خارجية من أيٍّ كان، وهو حق ودور مشروع لأية دولة، ولهذا وُجدت الجيوش والبعثات الدبلوماسية. إن هذا مبرر كاف لأنْ لا تلوم دولة ما نفسها على أفعالها؛ لكن ليس كافياً لأنْ لا يلومها الآخرون إن كانت تصرفاتها تهدد أمنهم واستقرارهم.

لذلك كله، يتحتم مراعاة المصلحة العُليا لدول مجلس التعاون الخليجي، كلُحمة واحدة وليس كدول فحسب، وموازنتها بحكمة وروية مع المصالح الأخرى، وتتمثل تلك المصلحة العُليا في أمن واستقرار المنطقة والدفاع المشترك عنها من الطموحات التوسعية والقيادية لكل من إيران وتركيا. وقد كانت إعادة ضم قطر لهذا الإجماع الأساسي مثال لكيف يمكن أن يكون كسب السلام أصعب من كسب الحرب، وهو تحدٍّ نجحت فيه الدبلوماسية الخليجية.

أخيراً، يمتلك كل من النظامَين الإيراني والتركي رغبة غير خافية للهيمنة والتوسع والزعامة الدينية، وإن كان لدوافع مختلفة؛ لكنْ كلاهما ليس في وضع مثالي لتحقيق هذا الطموح، لذلك كان لجوء قطر إليهما عند المقاطعة حافزاً جيداً لعدم تأجيل خططهما الطموحة، بدءاً من الدول الفاشلة كاليمن. مساندة اليمن وإعادته إلى الحضيرة العربية لن تردعا النظام الإيراني والتركي؛ لكن ستُعيدهما إلى الخلف بضع خطوات.

ومن ذلك كله، نخلص إلى أن من مصلحة دول الخليج العربي العمل معاً وبقوة؛ من أجل موازنة مصالحها المتشابكة عموماً وفي اليمن خصوصاً، والعمل مع الجهات الفاعلة على الأرض، بما لا يشكل تهديداً للسعودية ودول المنطقة، وربما سيستلزم ذلك تقديم ما يكفي من الحوافز ليقطع الحوثيون علاقاتهم التخريبية بإيران، ويمتنعوا عن العنف مقابل إشراكهم في الحُكم وحُسن الجوار، كما يجب تمكين الجنوبيين من استعادة دولتهم لخلق التوازنات الجيوسياسية التي لا غنى عنها لاستقرار المنطقة. 

ستراون ستيفنسون: إيران قنبلة موقوتة بسبب الفساد المتجذّر


الإيرانيون لخامنئي... إنما للصبر حدود


نورة الحقباني رئيسا للجنة التحضيرية لمباراة مراكش لكرة القدم


ميس كمر منسقة مباراة الفنانات في مراكش