إيران ترفع ميزانية فيلق «سليماني» في ذكرى مقتله

في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الإيراني من ويلات الفقر، وسوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية، نتيجة تدهور الاقتصاد وانهيار العملة المحلية، فضلًا عن تفشي جائحة كورونا بشكل كبير داخل كافة المحافظات الإيرانية، يدعو نواب الملالي إلى زيادة ميزانية فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، من خلال عائدات الصادارات الإيرانية إلى العراق، وفرض ضريبة على السلع الأمريكية المستوردة.

إجراء ضد اغتيال سليماني

ويأتي الإعلان عن هذا المشروع تزامنًا مع حلول الذكري الأولى لمقتل واشنطن لقائد فيلق القدس السابق «قاسم سليماني» في استهداف لسياراته في 3 يناير 2020، إذ أعلن موقع إذاعة «فردا» الإيراني المعارض، أن الخطة البرلمانية المقترحة، تم تقديمها  تحت عنوان «الإجراء المضاد إزاء اغتيال قاسم سليماني» المسؤول عن تنفيذ عمليات وأنشطة خارج الحدود الإيرانية.

ووفقًا للخطة البرلمانية المقترحة، فإنه من المفترض أن يتم تخصيص 1% من عائدات التصدير إلى العراق لفيلق القدس، والهدف من ذلك هو تمكين قوات فيلق القدس من استخدام تلك الميزانية لدفع مكافأة لمن يعملون على إخراج الولايات المتحدة من المنطقة، أو محاسبة منفذي اغتيال «سليماني»، وفقًا لوكالة الطلبة الإيرانية «إيسنا».

وجدير بالذكر، أن صادرات إيران غير النفطية إلى العراق بلغت خلال الشهور السبعة الماضية نحو 5 مليارات دولار، إضافة إلى طهران أعلنت في وقت سابق، أن لها ديونًا بقيمة 6 مليارات دولار إثر تزويد العراق بالكهرباء والغاز، لكنها لم تستطع تحصيلها بسبب العقوبات الأمريكية، ولذلك ستقوم الحكومة الإيرانية باستخدام ديونها لدى العراق لشراء سلع أساسية، ومن المحتمل أن تستخدم قسمًا من هذا المبالغ لفيلق القدس، وفقًا لمصادر حكومية إيرانية.

وتجدر الإشارة الى أن هذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها إيران زيادة ميزانية فيلق القدس، فقعب اغتيال سليماني في يناير 2020، وافق البرلمان الإيراني على زيادة شهرين في ميزانية الفيلق، الذراع الخارجية للحرس الثوري، بمقدار 200 مليون يورو.

وقد يكون السبب جراء إعلان إيران زيادة ميزانيته فيلق القدس الآن، هو تصاعد حدة التهديدات بين إيران وأمريكا، إذ هدد قادة الحرس الثوري بضرب أهداف أمريكية للانتقام بمقتل «سليماني»، في حين أكدت واشنطن أنها سترد بشكل حاسم على أي تحرك لإيران أو ميليشياتها في المنطقة.

برلمان المحافظين

وحول تداعيات ودلالات زيادة ميزانية فيلق القدس، قال «أسامة الهتيمي» الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الإيراني، التصويت على مثل هذه المشروعات التي تدعم خطط إيران في المنطقة، وتعمل على ترسيخ نفوذها هو مما يتسق مع طبيعة البرلمان الإيراني الحالي الذي تسيطر عليه أغلبية من المحافظين الذين يتبنون رؤى أكثر تشددًا في التعاطي مع الملفات الخارجية؛ انطلاقا من الإيمان بالمبدأ الخميني «تصدير الثورة».

دلالات القرار

ولفت «الهتيمي» في تصريح إلى أن هذا المشروع البرلماني له دلالات مهمة، منها ما يتعلق بالداخل الإيراني؛ حيث يحاول البرلمان الذي يفترض أنه يعبر عن فئات الشعب الإيراني والمكونات السياسية بالبلاد امتصاص غضب الناقمين على حالة العجز والضعف الإيراني، فيما يتعلق بالثأر والانتقام من مقتل الجنرال قاسم سليماني الذي مرَّ على اغتياله في العراق أكثر من عام دون أن ترد إيران ردًّا حقيقيا على مقتله، رغم تلك التصريحات النارية من المسؤولين الإيرانيين.

وأضاف أن طرح المشروع والتصويت عليه ربما يشي بأن التأخير في الرد القوي يتعلق بأزمة تمويلية ومادية، ومن ثم فإن البرلمان يحاول القفز على تلك الأزمة، وتقديم الدعم اللازم الذي يمكن فيلق القدس وأذرعه من تنفيذ المراد.

معركة عض الأصابع

وأشار «الهتيمي» أن الأهم من إقرار مثل هذا المشروع هو التأكيد على استمرار معركة عض الأصابع والتكشير عن الأنياب، وأن سياسة الضغوط القصوى التي مارسها الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» حتى لحظاته الأخيرة في البيت الأبيض؛ لن تثني إيران عن مواصلة بقائها في موقع الصمود والتحدي والتعامل بالندية مع واشنطن.

وأوضح «الهتيمي» أن مثل هذه المشروع يعد خطوة استباقة للضغط على الرئيس الأمريكي المنتخب «جو بايدن» إذ ارتأت إيران أن تسلك منهجًا مغايرًا لكل التوقعات، ومن ثم ترى طهران أن زيادة ميزانية فيلق القدس تعد ورقة ضغط ستدفع ببايدن وإدارته إلى تسريع عملية العودة إلى الاتفاق، ونزع فتيل احتقان إيران.

وأفاد الكاتب الصحفي أن القرار البرلماني يعد رسالة موجهة إلى العراق وحكومة الكاظمي، بأن إيران لا تعتزم على الإطلاق الانسحاب من العراق، وأنها عازمة على مواصلة دعم الوكلاء والميليشيات الولائية.