الجيش الليبي يقلب موازين القوى العسكرية قرب الحدود مع تونس

طريق هزيمة الميليشيات

تونس

يندفع الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، نحو فرض معادلات جديدة في موازين قوى المشهد العسكري في غرب ليبيا، غير بعيد عن الحدود التونسية، عكستها التطورات الميدانية التي تتالت تباعا، بعد الهجوم الفاشل الذي شنته الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج على القاعدة العسكرية الجوية “الوطية” الذي لم تنته تبعاته بعد.

وأعلنت القيادة العامة للجيش الليبي، الخميس، عن تطورات ميدانية هامة في غرب البلاد، ساهمت في تغيير موازين القوى نحو اقتراب الجيش الليبي من إحكام سيطرته على مُجمل الحدود البرية الليبية مع تونس التي تعد الشريان الرئيسي للعاصمة طرابلس التي تخضع للميليشيات والتنظيمات الإرهابية الموالية لحكومة الوفاق.

وقال اللواء ادريس مادي، آمر المنطقة العسكرية الغربية، في اتصال هاتفي مع “العرب”، إن وحدات الجيش الليبي التي انتقلت من صدّ هجوم الميليشيات على قاعدة “الوطية” إلى مطاردة الميليشيات استطاعت الخميس تحرير العديد من المناطق في غرب البلاد، منها زلطن ورقدالين وجميل.

وأكد أن ميليشيات حكومة السراج انهارت على طول الخط الساحلي الذي يربط بين العاصمة طرابلس والمعبر الحدودي مع تونس “رأس جدير”، حيث أشار إلى أن وحدات الجيش الليبي وصلت إلى بلدة بوكماش، الواقعة على بعد نحو 20 كلم شرق معبر “رأس جدير”، التي تُسيطر عليها قوات تابعة لحكومة الوفاق.

وأضاف أن قوات الجيش الليبي تتمركز حاليا قرب المعبر الحدودي، حيث انتشرت في محيطه دون أن تقتحمه، أو تدخله “لاعتبارات مُرتبطة بالترتيبات السياسية والدبلوماسية مع تونس”، على حد تعبيره.

وقبل ذلك، أكدت الكتيبة 82 مشاة التابعة للجيش الليبي، أن وحداتها وصلت إلى محيط المعبر الحدودي “رأس جدير” الذي انسحبت منه قوات حكومة الوفاق نحو الحدود التونسية في مشهد دفع الجيش التونسي إلى استنفار وحداته المُرابطة على الحدود تحسبا لأيّ طارئ.

ولفتت في بيان لها إلى أن اللواء عبدالله نورالدين، آمر مجموعة عمليات الزاوية طالب عبدالهادي حويج، وزير الخارجية بالحكومة الليبية المؤقتة، التواصل مع الحكومة التونسية وإبلاغها بأن وحدات الجيش الليبي موجودة بالقرب من الحدود التونسية، وأن الجيش الليبي يحترم القوانين والأعراف المعمول بها دوليا.

وأكد الناشط السياسي التونسي، المحامي حسين الزرقي في اتصال هاتفي مع “العرب” من بلدة بن قردان التونسية التي يتبعها المعبر الحدودي “رأس جدير”، انسحاب القوات الليبية العاملة في المعبر، ودخول القوات العسكرية والأمنية التونسية المُنتشرة في محيط المعبر، وعلى طول الحدود مع ليبيا في حالة استنفار قصوى لحماية تراب البلاد من أيّ اختراق أمني أو عسكري.

ويرى مراقبون أن هذه التطورات الميدانية المُتسارعة تعكس نجاح الجيش الليبي في تحقيق اختراقات عسكرية نوعية لصالحه، ذلك أن السيطرة على مدن وبلدات مثل زلطن ورقدالين والعسة وجميل وبوكماش، من شأنها إحكام الطوق على العاصمة طرابلس عبر قطع الطريق الساحلي طرابلس – رأس جدير، الذي يُعد أحد أبرز وأهم طرق الإمداد التي تعتمد عليها الميليشيات التي يقودها أسامة الجويلي الموالي لحكومة السراج.

وتأتي هذه التطورات التي ستمكّن الجيش الليبي من السيطرة على كامل الحدود الليبية البرية مع تونس، في أعقاب الهجوم الفاشل للسيطرة على قاعدة “الوطية” العسكرية الذي نفذته ميليشيات أسامة الجويلي في خرق واضح للهدنة، ما عكس تهورا ارتدّ عليها بتكبيدها خسائر كبيرة في العتاد والأرواح.

واعتبر المحلل السياسي الليبي، فرج زيدان، أنّ تمكّن قوات الجيش الليبي من صد الهجوم المباغت الذي تعرّضت له قاعدة العسكرية الجوية “الوطية”، يُشكل “ضربة قاسمة للميليشيات وهزيمة معنوية مدوية بالنسبة إليهم”.

وأضاف في تصريحات له أن “ردع وصدّ هذه المحاولة الغادرة وإفشالها، يؤكد جاهزية الجيش الليبي، كما يؤشر إلى قرب انهيار الميليشيات في طرابلس التي سعت إلى تخفيف الضغط عليها عبر تشتيت جهود قوات الجيش، لكن السحر انقلب على الساحر”.

وأمام هذه التطوّرات، برزت المزيد من الشقوق والتصدعات في صفوف ميليشيات حكومة السراج، حيث ارتفعت حدة الانتقادات الموجهة لأسامة الجويلي، منها تلك التي عبّر عنها سمير الصفروني، أحد قادة ميليشيات مصراتة، الذي اعتبر أن الجويلي “ليس بقيادي ولا يصلح للقيادة فبدل من التمركز والتقدم حدث العكس وسقطت زلطن والجميل ورقدالين والعسة”.