المشهد السياسي..

تهافت الإخوان على انتخابات البرلمان في الجزائر يكشف عن استغلال سياسي

بعد مقاطعة "الديمقراطيين" وتراجع "الوطنيين" يبحث الإخوان السيطرة على البرلمان

كيوبوست

على غير العادة، تتسابق أحزاب الإخوان على المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقررة في 12 يونيو المقبل، بعد أن أعلنت أنها حاضرة في الاستحقاق المقبل خدمة للمصلحة العليا للبلاد، في حين هي نفسها مَن رفضت نتائج الرئاسيات، وقاطعت استفتاء الدستور.

ولم يتردد إخوان الجزائر في الكشف عن أوراقهم للمرحلة القادمة؛ حيث عبرت كل من أحزاب “مجتمع السلم” و”النهضة” و”الإصلاح” و”البناء” و”العدالة والتنمية”، عن استعدادها دخول غمار السباق نحو البرلمان بقوة، في تحولٍ لافت يطرح عديداً من التساؤلات، وهم الذين دأبوا على السير عكس التيار تحت غطاء المعارضة.


وبرر الإخوان قرارهم برغبتهم في الوصول إلى سدة الحكم؛ حيث قال عبدالله جاب الله، رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية: “إن الطريقة المثلى لترجمة تطلعات المواطنين على أرض الواقع، هي الوصول إلى سدة الحكم، ويتم ذلك بطريقةٍ مشروعة وقانونية من خلال الحصول على الأغلبية البرلمانية؛ وهي بدورها تأتي عن طريق الفوز بأصوات الناخبين”، مضيفاً أنه لا يوجد مبرر للعزوف والتفرج على المشهد السياسي، ومن أراد إيصال أفكاره وتجسيد قناعاته، فليتقدم إلى الانتخابات بمختلف أنواعها، بداية بالتشريعيات.

صفقة سياسية

الأمين العام لتحالف الإعلاميين والحقوقيين الأفارقة، بن عامر بكي، قال في تصريحٍ أدلى به إلى “كيوبوست”: “يبدو أن هناك صفقة سياسية بين السلطة والإخوان الذين يسوقون للانتخابات التشريعية، وكأنها الحل للأزمة السياسية التي تعرفها الجزائر في ظلِّ عودة الحراك بقوة”، مضيفاً أن الإخوان يريدون الاستثمار في تراجع أحزاب الموالاة التي ستفقد دون شك الأغلبية التي كانت تتمتع بها سابقاً، كما أن العزوف والمقاطعة المرتقبة والتي ستسجلها مناطق القبائل، سيصبح البرلمان القادم فاقداً الشرعية الشعبية، وسيظهر هذا الموعد الانتخابي الحجم الحقيقي للإخوان، وسيوجه صفعة قوية لهم.


بن عامر بكي
وواصل بكي بأن الشارع يرفض الإخوان؛ لأنهم لا يملكون برنامجاً حقيقياً يُسهم في إخراج البلد من الأزمة، و”يبدو لي أن هناك صفقة سياسية مع الإخوان؛ لإضفاء شرعية على هذه الانتخابات التشريعية المرفوضة شعبياً، وقد اتضح ذلك من خلال الهرولة لحضن السلطة، وانتقاداتهم الحراك الشعبي والأحزاب الديمقراطية”.

وفي حين قسَّمت الانتخابات الرئاسية واستفتاء الدستور، تيار الإخوان بين مشارك ومقاطع، يبدو أن موعد 12 يونيو المقبل، جمعهم على “مائدة” البرلمان؛ الأمر الذي أثار التساؤلات حول التحوُّل الذي رغم أنه يكشف حقيقة الخطاب الذي يروِّجه الإخوان، والمبني على المخادعة والمراوغة؛ فإنه يوحي بقبول هذا التيار الانبطاحَ والانقلابَ على المبادئ المزعومة، من أجل تحقيق المصالح الشخصية الضيقة والوصول إلى المناصب والمراتب على حساب مصلحة الوطن والمواطن.

ولتبرير التسابق الإخواني على المشاركة في انتخابات البرلمان، وخروج بعض أقطابه من عباءة المعارضة، وصف رئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية، أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، عبدالرزاق مقري، الانتخابات التشريعية المقبلة بالمهمة والمصيرية.


كما دعا رئيس حركة البناء، عبدالقادر بن قرينة، إلى تجنيد شعبي للحفاظ على نزاهة الانتخابات، وأوضح أن الشعب مدعو للدفاع عن خياره بالمشاركة القوية، والتأكد من نزاهة وشفافية العملية الانتخابية.


أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر؛ حبيب بريك الله، أشار في تصريحٍ أدلى به إلى “كيوبوست”، إلى أن إقبال تيار الإخوان على الانتخابات البرلمانية يهدف إلى محاولة اكتساح الساحة السياسية والسيطرة على البرلمان، ومنه استمالة النظام الحاكم لاستعادة ثقته من جديد؛ بهدف كسب رهان المناصب السيادية في الدولة، كما أن عزوف بعض الأحزاب اليسارية والديمقراطية عن المشاركة في التشريعيات المقبلة شجع الرغبة الجامحة لتيار الإخوان، الذين رأوا في الوضع فرصة لا تعوض في نظرهم؛ من أجل اعتلاء منابر القرار في مؤسسات الدولة، بمختلف تخصصاتها المتنوعة.

وواصل بريك الله بأن ذلك ليس بالغريب؛ فمن عادة تيار الإخوان مغازلة النظام الحاكم؛ خصوصاً في المناسبات السياسية والاستحقاقات المختلفة، مشدداً على أن الإخوان وأمام الوضع الراهن، فهموا أنها فرصة حقيقية ومثالية للتموقع الجيد في دواليب مؤسسات صنع القرار، ولو على حساب بعض المبادئ؛ لأن جلب المنفعة والمصلحة أولى من تضييعها، حسبهم.