الحرب في اليمن
تدخل التحالف الحاسم يدفع الحوثيين إلى التراجع في الجوف ومأرب
استعادت قوات تابعة للجيش اليمني ومقاتلون قبليون معسكر” اللبنات” جنوب محافظة الجوف اليمنية بعد ساعات من سيطرة الحوثيين عليه وفقا لما ذكرته مصادر عسكرية تابعة للحكومة اليمنية. كما استطاع الجيش صد هجمات عنيفة للحوثيين في منطقة صرواح شرق مأرب كانت تستهدف إسقاط السلسلة الجبلية الاستراتيجية المطلة على مدينة مأرب والسيطرة على معسكر “كوفل” وإحكام الحصار الحوثي على المدينة.
وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب” إن تدخل التحالف العربي جويا، إلى جانب وصول تعزيزات من رجال القبائل ساهمت في الحيلولة دون استكمال الحوثيين لمخطط حصار مدينة مأرب وعزلها وقطع الطريق الدولي الرابط بين اليمن والسعودية.
ووفقا للمصادر فقد لعب الفريق صغير بن عزيز رئيساً هيئة أركان الجيش اليمني، الذي يحظى بدعم التحالف العربي، دورا محوريا في وقف الانهيار العسكري في جبهات مأرب والجوف ومنع سقوط مناطق جديدة في قبضة الميليشيات الحوثية.
وأكدت مصادر مطلعة لـ”العرب” أن بن عزيز نجح في إعادة تجميع ما تبقى من قوات الجيش الوطني التي تعاني من الفساد والأسماء الوهمية، وحشد رجال القبائل في مأرب والجوف بهدف شن هجمات عكسية لاستعادة المناطق التي سقطت خلال الفترة الماضية مثل جبال المرازيق الاستراتيجية جنوب مدينة حزم الجوف مركز محافظة الجوف، التي سيطر عليها الحوثيون في الأيام الماضية في إطار محاولاتهم للوصول للمناطق المفتوحة باتجاه مأرب والخط الرئيسي الرابط بين مأرب وحضرموت ومنفذ الوديعة على الحدود اليمنية السعودية.
وعاد التوتر العسكري بين التحالف العربي والحكومة اليمنية من جهة والحوثيين من جهة أخرى في أعقاب التصعيد الحوثي الذي شمل إعادة استهداف المدن السعودية بالصواريخ الباليستية، وهو ما استدعى رد التحالف العربي بقادة السعودية من خلال تنفيذ غارات جوية على مواقع عسكرية حوثية في صنعاء والحديدة.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العقيد تركي المالكي، الاثنين، أن الأهداف الحوثية التي تم تدميرها خلال ما وصفها بالعملية العسكرية النوعية، شملت مخازن أسلحة وطائرات مسيرة، ومواقع للحرس الثوري في اليمن.
وتوقع مراقبون عسكريون أن تؤدي الانهيارات العسكرية التي شهدتها الجبهات التي يهيمن عليها جماعة الإخوان (فرع اليمن) إلى تسريع التحولات على الصعيد السياسي والدبلوماسي وطريقة تعاطي قيادة التحالف العربي مع حالة الفشل الإخوانية في قيادة الملف العسكري، والبحث عن خيارات جديدة في طريقة إدارة ملفات الصراع مع الحوثيين.
وترافقت حالة التصعيد في المسار العسكري مع حراك دبلوماسي وسياسي غير معلن بحسب تقارير إعلامية دولية وتصريحات حوثية عن مساع لاحتواء التصعيد العسكري، كما جاء على لسان وزير الإعلام في الحكومة الحوثية غير المعترف بها ضيف الله الشامي الذي كشف، الثلاثاء، عن اتصالات تجريها الجماعة مع قيادة التحالف العربي.
في ذات السياق، نقلت مصادر إعلامية غربية عن السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، قوله إن بلاده لا تنوي التصعيد مع الحوثيين، مؤكداً في تصريح لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، أن الرياض تجري محادثات يومية مع الجماعة لإنهاء الحرب. لكن الرياض نفت ذلك بشكل رسمي.
ونفى مصدر سعودي دعوة آل جابر الحوثيين إلى الرياض لإجراء محادثات، مؤكدا أن هذا الأمر “غير دقيق”.
وقال المصدر، في بيان الثلاثاء، إن “المقصود هو أنه قبل الهجمات الحوثية الأخيرة كانت الأطراف اليمنية قد وافقت على تهدئة الأوضاع وقبولهم لاجتماع للتهدئة وخطوات بناء ثقة إنسانية واقتصادية بهدف الوصول إلى حل سياسي للأزمة. كما استجابت جميع الأطراف لدعوة المبعوث الأممي الخاص لليمن مارتن غريفيث، بخصوص وقف إطلاق النار”.
ويرى متابعون للشأن اليمني أن سعي الحوثيين لاستثمار تصريحات السفير السعودي باليمن الهدف منه البحث والاتكاء على وجود قنوات التواصل المباشر مع الرياض كورقة ضغط على السعودية من أجل وقف الهجمات الهادفة إلى ردع الهجمات المنطلقة من صنعاء، وهو أسلوب قديم دأب الحوثيون على استعماله لإرباك السعودية الغاضبة، التي ردت هذه المرة بقوة.
وقالت السعودية السبت إنها اعترضت صاروخين باليستيين أطلقتهما جماعة الحوثي المدعومة من إيران صوب الرياض والمناطق الجنوبية من السعودية قرب الحدود اليمنية.
وأنهى التصعيد الأخير فترة هدوء دامت أكثر من ثلاثة أشهر في الحرب المستمرة منذ خمس سنوات. وعزز ذلك الهدوء فرص السلام بعد أن خفّضت السعودية بدرجة كبيرة ضرباتها الجوية على اليمن وأوقف الحوثيون هجماتهم بالصواريخ والطائرات المسيرة على المملكة.
وفي استكمال للجهود التي تلعبها الأمم المتحدة للدفع باتجاه التوافق على هدنة إنسانية في اليمن لمواجهة تبعات جائحة كورونا، جدد الاتحاد الأوروبي، مناشدته الأطراف اليمنية، بـ”وقف تصعيد الأعمال العدائية من أجل التركيز على مواجهة جائحة كورونا”، معبرا عن قلقه البالغ من التطورات العسكرية الأخيرة.
وقال بيان صادر عن متحدث الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي بيتر ستانو “رغم مناشدات متكرّرة من قبل المجتمع الدولي لأطراف النزاع في اليمن الامتثال لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف إطلاق النار، إلا أن المواجهات العسكرية مستمرة”.
وأضاف “الهجوم الصاروخي من قبل حركة أنصار الله (الحوثيين) على السعودية (السبت)، هو مصدر قلق بالغ للاتحاد الأوروبي، كما هو الحال بالنسبة إلى النشاط العسكري الجاري في محافظة مأرب (شرق) وحولها، وكذا الغارات الجوية الأخيرة (للتحالف العربي) على العاصمة صنعاء”.
ورجّحت مصادر مطلعة لـ”العرب” في وقت سابق موافقة الحوثيين على الهدنة التي دعت إليها الأمم المتحدة، للتوصل لاتفاق شامل لوقف إطلاق النار في اليمن، لتوحيد كافة الجهود لمواجهة جائحة “كورونا”، ليتمكنوا – بحسب المصادر – من التقاط أنفاسهم وإعادة ترتيب صفوفهم وتثبيت مكاسبهم العسكرية على الأرض بعد سيطرتهم على مناطق في نهم والجوف.