جبهة القوى الاشتراكية تأسف لما وصلت إليه أوضاع الجزائريين
تفاقم الغضب الاجتماعي يعمق من الأزمة السياسية في الجزائر
الأزمة السياسية في الجزائر تزداد تعقيدا على وقع تفاقم الغضب الاجتماعي الناجم عن تدهور الأوضاع الاقتصادية. وتزايدت التحركات الاجتماعية التي انضمت للحراك الشعبي على غرار الإضرابات كالبريد والتعليم وإدارة الضرائب والسكك الحديدية، وهو ما يضع السلطة الجديدة بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون في موقف صعب.

تعبئة مستمرة
أفضى الغليان الاجتماعي الذي تشهده الجزائر بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة إلى تعميق الأزمة السياسية التي تعرفها البلاد منذ سنتين، وهو ما ينذر بمزيد تعقد الوضع السياسي لاسيما في ظل الرفض الذي تبديه أوساط عدة لأجندة السلطة للخروج من المأزق السياسي.
وتُسهم الإضرابات والبطالة والفقر ونقص المواد الغذائية الأساسية وارتفاع الأسعار في إشعال الغضب الاجتماعي في الجزائر التي تعاني أصلا من أزمة اقتصادية سببها انخفاض سعر النفط وفاقمتها الأزمة الصحية المرتبطة بفايروس كورونا المستجد.
ويرى مراقبون أن هذا التأزم الاقتصادي والاجتماعي سيفاقم المأزق السياسي الذي تعرفه البلاد منذ انطلاق الحراك الشعبي في 2019 عندما خرج الجزائريون للشارع لقطع الطريق أمام ترشح الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة.
وتقول داليا غانم الباحثة المقيمة في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إن “الوضع الاقتصادي للجزائر يزداد سوءا يوما بعد يوم ويؤدي إلى إفقار شرائح كاملة من السكان وارتفاع معدلات البطالة وباختصار جميع المؤشرات الاقتصادية حمراء”.
وفي بداية ديسمبر أعلن الوزير المكلف بالاستشراف محمد شريف بن ميهوب أن الأزمة الصحية تسببت في فقدان “500 ألف وظيفة على الأقل”.
ولم يقتصر الأمر على هذا الحد حيث يُرجح أن يؤدي القرار الأخير بإغلاق 16 ميناء جافا (منافذ موصولة بمرفا بحري عبر طرق برية أو للسكك الحديد) إلى فقدان 4000 وظيفة مباشرة.
وبحسب وزير العمل الهاشمي جعبوب، فإن إغلاق مصانع تجميع السيارات في أعقاب فضائح فساد ووقف استيراد مستلزمات الأجهزة الكهربائية المنزلية قد كلفا أكثر من 50 ألف وظيفة في عام 2020.
ويواصل عمال الشركات التي سُجن رؤسائها بتهم الفساد المتفشي في ظل رئاسة عبدالعزيز بوتفليقة (1999 – 2019) تعبئتهم لإنقاذ وظائفهم والحصول على رواتبهم المتوقفة منذ شهور.
ويقدر صندوق النقد الدولي البطالة حاليا في الجزائر بأكثر من 14 في المئة.
وفي الوقت الذي تسعى فيه السلطة الجديدة بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون إلى وأد الحراك الشعبي انضمت تحركات اجتماعية إليه على غرار انتشار الإضرابات في القطاع العام، كالبريد والتعليم وإدارة الضرائب والسكك الحديدية والقطاع الصحي المنهك بسبب كوفيد – 19، وهو ما يضع تبون في موقف صعب.
وتشدّد غانم على أن “القضية الاجتماعية التي غابت خلال الموجة الأولى من الحراك عام 2019، أصبحت لصيقة بالاحتجاجات السياسية”.
وتعمقت الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انخفاض مداخيل النفط مع حلول شهر رمضان ومشكلاته المعتادة من شح المواد وارتفاع الأسعار بسبب المضاربة.
وعبر عمر المتقاعد من التعليم عن انزعاجه من تكرار هذا الوضع قائلا “في كل عام، تجتمع الحكومة قبل عدة أشهر من حلول رمضان وتعلن لنا، هذه المرة، كل شيء على ما يرام. ولكن كل عام يتكرر الشيء نفسه، المضاربة والندرة”.
وفي مواجهة الأوضاع الصعبة لا تجد العائلات خلاصها إلا في الجمعيات الخيرية التي تقوم بتوزيع المواد الضرورية مجانا لأكثر الفئات حرمانا.
واضطر الكثير من الجزائريين إلى تقليص نفقاتهم وشد الأحزمة، كما لم يفعلوا من قبل.
وأمام تضخم أسعار البطاطس التي يباع الكيلوغرام منها بسعر 100 دينار (0.62 يورو)، لجأت السلطات إلى طرح كميات كبيرة منها في السوق لتوفيرها بسعر يقل عن من 50 دينارا للكيلو.
وأشار الخبير الاقتصادي بوبكر سلامي في تصريحات أوردتها وسائل إعلام محلية إلى أن “غياب الرقابة والإجراءات الرادعة ضد المحتالين شجّع على المضاربة، القوانين موجودة لكنها غير مطبقة”.
وبدوره دعا رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي إلى ضرورة “تنظيم السوق” من أجل “تنويع الاقتصاد”.
ويأتي ذلك في وقت أعلن فيه الرئيس تبون عن انتخابات نيابية مبكرة في إطار استكمال تنفيذ وعوده التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية، لكن هذا العرض قوبل برفض من قوى سياسية والشارع كذلك الذي استعاد زخمه مؤخرا.
وأعربت جبهة القوى الاشتراكية أقدم أحزاب المعارضة، عن أسفها للوضع الذي يعاني منه الجزائريون.
وقالت “اليوم يحق لنا التشكيك في كفاءة الحكام الحاليين لقيادة البلاد، وخطورة الوضع تُقاس بعدم قدرتهم على وقف التضخم واستقرار العملة الوطنية والحفاظ على العمالة والقدرة الشرائية للمواطنين”.
وفي حين أن الحد الأدنى الوطني للأجور لا يتعدى 20 ألف دينار (ما يزيد قليلا عن 125 يورو)، يرى اتحاد النقابات العمالية الجزائرية أن الحد الأدنى اللائق للأجور يجب أن يصل إلى أربعة أضعاف ذلك.
ويُعد السؤال عن الآليات التي بإمكانها أن تمكن الجزائريين من الحفاظ على القدرة الشرائية مع استمرار انخفاض قيمة العملية من الأسئلة التي تؤرق الجزائريين.
وقال الخبير الاقتصادي منصور قديدير “إذا اختارت الحكومة تخفيض قيمة العملة من دون اعتماد سياسة اقتصادية مدروسة، فقد تكون لذلك عواقب وخيمة على القوة الشرائية للمواطنين التي ستتأثر بذلك بصورة دائمة”.