هل أصبح "الحراقة التونسيون" هدفا للخلايا الإرهابية لاستقطابهم

اعتداء رامبوييه يسلط الضوء على تحول المهاجرين التونسيين إلى إرهابيين

تونس

 يثير إعلان السلطات التونسية الثلاثاء تفكيك خلية تدير أنشطتها بين تونس وأوروبا لتمويل إرهابيين تساؤلات بشأن إمكانية وجود خلايا أخرى لاستقطاب التونسيين المهاجرين غير الشرعيين، لاسيما مع تكرر حوادث الاعتداء في أوروبا التي نفذها تونسيون.

وأفاد المتحدث باسم الحرس الوطني حسام الجبابلي أن الخلية مختصة في تمويل العناصر الإرهابية المتواجدة بمناطق النزاع المسلح والمحتجز بعضها بمخيمات اللاجئين فيما يتخفى البعض الآخر داخل المجتمع ومكوناته.

وقال الجبابلي في بيان عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” إن “الخلية يقودها أجنبي من جنسية عربية وزوجته التونسية المتواجدان بإحدى الدول الأوروبية، فيما يشاركهما في تونس ثلاثة عناصر، وهم رجلان وامرأة، تحصن أحدهم بالفرار”.

وبحسب ما كشف عنه الجبابلي، مكنت عملية مداهمة لمنازل المتورطين من ضبط مبالغ بالعملة التونسية والأجنبية إضافة إلى وثائق بنكية وبريدية خاصة بتحويلات مالية.

وأوضح أن اعترافات الموقوفين كشفت عن انتفاع 15 عنصرا إرهابيا بتمويلات مالية صادرة عن عائلاتهم داخل تونس، مضيفا أن القضاء أصدر محاضر تفتيش لتعقب 16 متورطا في النشاط الإرهابي.

ويسمح قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، الذي تبنته تونس في عام 2015 بهدف مضاعفة جهودها في مكافحة التطرف ومصادر تمويله،  بتعقب تونسيين متورطين في قضايا إرهابية حتى خارج البلاد.

وأعاد الاعتداء الإرهابي الذي استهدف شرطية فرنسية الأسبوع الماضي قرب باريس إلى الواجهة التساؤلات بشأن التغيرات المفاجئة التي تطرأ على التونسيين المهاجرين بطريقة غير شرعية “الحراقة”.

وأصاب جمال ق. (36 عاما)، وهو تونسي يتحدر من مدينة مساكن الساحلية دخل فرنسا في 2009 بطريقة غير شرعية، الموظفة في الشرطة ستيفاني (49 عاما) بطعنتي سكين في العنق عند مدخل مركز الشرطة في مدينة رامبوييه الصغيرة ما أدى إلى مقتلها.

وبالرغم من تراجع نفوذ الجماعات الإرهابية، لاسيما بعد انهيار تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابي في سوريا والعراق وغيرهما من المناطق في العالم، إلا أن التونسيين لا يزالون ينفذون عمليات إرهابية وهو ما أثار جدلا هذه الأيام في تونس.

واعتبر العميد خليفة الشيباني الخبير في الشؤون الأمنية أن “تحول التونسيين المهاجرين بطريقة سرية إلى إرهابيين دون سواهم يثير العديد من التساؤلات، هناك مهاجرون من العديد من الجنسيات الأخرى ولا ينفذون عمليات إرهابية في أوروبا”.

وتابع الشيباني في تصريح لـ“العرب” أنه “في المنظومة الإرهابية، هناك خلايا متعددة على غرار تلك المتخصصة في التمويل والمتخصصة في الاستقطاب على غرار ما حدث في المساجد والخيمات الدعوية في تونس في سنوات 2012 و2013 (زمن حكم الترويكا) قبل أن يتم الانتقال الآن إلى الفضاء الافتراضي”.

وشدد الشيباني على أن “المكافحة الناجعة للظاهرة تبقى رهينة مزيد التنسيق بين الجانب الأوروبي وتونس حولها، علاوة على الذهاب إلى أسبابها الحقيقية على غرار الفقر والأسباب النفسية خاصة أن مثل هذه الحوادث ستكون لها تداعياتها على الجاليات المسلمة من قبل اليمين المتطرف”.

وتكررت في السنوات الأخيرة الحوادث الإرهابية التي نفذها تونسيون في القارة العجوز، لاسيما فرنسا التي عرفت أكبر عملية إرهابية في مدينة نيس في العام 2016 عندما قاد تونسي كان قد هاجر إلى فرنسا في عام 2005 شاحنة وسط حشد يحتفل بيوم الباستيل ما أسفر عن سقوط 86 قتيلا.

وأواخر العام 2016 أيضا شن تونسي آخر هو أنيس العامري (24 عاما) هجوما بشاحنة أسفر عن مقتل 12 وجرح أكثر من 70 شخصا في مدينة برلين الألمانية، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية بعدها بأيام.

ومع تزايد الاعتداءات لاسيما في فرنسا يتساءل مراقبون عما إذا كان هناك تواصل بين خلايا إرهابية مع المهاجرين لاسيما التونسيين منهم، خاصة في ظل التهم التي تلاحق أطرافا فاعلة في تونس على غرار بعض الجمعيات التي تزايدت إبان انتفاضة 14 يناير في البلاد.

وقال العميد الشيباني إن “هناك واقعا سياسيا غض الطرف في 2012 و2013 على ظاهرة الإرهاب والتطرف وهي أمام الملأ حيث تمت السيطرة على المساجد، وإنشاء جمعيات مشبوهة التي نطلب اليوم وغدا مراجعة أعمالها وتدقيقها ومحاسبة المخالفين لاسيما في ظل وجود جمعيات تُعد روافد لأحزاب سياسية معينة”.