ناشرون..

سوق النشر العالمي.. مستقبل غامض للكتاب الورقي

"ستراند للكتب" في نيويرك بعد إغلاقه

لندن

لا أحد يعرف متى تنتهي أزمة كورونا المستجد، ومثله مثل غيره من أسواق العالم تضرّر سوق النشر وصناعة الكتاب وما زال يتضرّر مع مرور كل يوم حيث شلت حركة النقل والتنقل والشراء والبيع والطباعة في معظم بلاد العالم تقريباً.
هناك ناشرون قاموا لأول مرة بتوفير كتب كانت مفقودة تماماً إلكترونياً، وبيعها خاصة تلك الكتب التي تتناول الأمراض والأوبئة، مثلما فعل الناشر والمحرر الأدبي أندرو بلاونر الذي أرسل أول نسخة بي دي إف من كتاب "قائمة المريض الأساسية" لمؤلفته إليزابيث بيلي، بغية إيصال كتاب يمكن أن ينقذ حياة إنسان إلى كل من يحتاجه من المرضى، هذا الكتاب كان قد باع 17000 نسخة في الأسابيع الأولى من صدوره عام 2011.

هذه القصة الإنسانية وغيرها من مبادرات الناشرين موجودة فعلاً، ولكن يجب أن يكون هناك طريقة لبيع الكتب، فنحن في فترة طلب مرتفع من القراء العالقين في المنزل، حيث تباع الكتب الإلكترونية والكتب الصوتية الرقمية بشكل أفضل ونسب أعلى من المعتاد، إلى جانب الكتب المطبوعة التي تنجح أمازون في إيصالها إلى بعض مدن العالم.

بشكل عام، كيف تبدو الصورة العامة للنشر في وقت يحتاج فيه القراء إلى هذه الصناعة أكثر من أي وقت مضى؟ الحقيقة أن هناك قصصاً مأساوية صغيرة هنا وهناك يعيشها أصحاب متاجر الكتب المستقلة والصغيرة، مئات من الموظفين تسرحوا في أميركا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وغيرها من البلدان، متاجر أغلقت ودور نشر صغيرة تلقت ضربة قوية، وليس واضحاً إن كان سيكون بمقدور هذه المشاريع الصغيرة أن تستمر بعد الأزمة أو تعاود النهوض على قدميها. تعطلت مستودعات ومراكز توزيع، بالإضافة إلى النقص المحتمل في الورق وانخفاض القدرة على الطباعة.

في بريطانيا تشير أرقام المبيعات إلى إقبال البريطانيين على شراء وتخزين الروايات وكتب التعلم المنزلي الأسبوع الماضي بينما كانوا يستعدون لفترة عزلة. وارتفعت مبيعات الروايات بنسبة الثلث، في حين ارتفعت كتب تعليم الأطفال بنسبة تجاوزت كل التوقعات.

كما شهدت كتب الألغاز والحرف اليدوية والجرائم الواقعية ارتفاعات حادة، ولفتت البي بي سي في تقرير سابق إلى أن بيانات المبيعات تشير إلى أن سكان المملكة المتحدة كانوا بالفعل يستعدون لفترات طويلة من العزلة. لكن وبالعموم أعلنت "جمعية الناشرين" في بريطانيا ضرورة دعم متاجر الكتب الصغيرة، حيث أن هذه الزيادة في المبيعات معظمها من الأسواق الإلكترونية.

جمعيات دور النشر الأميركية تقول إن الأزمة سوف تقتل تجار التجزئة، وتطالب الحكومة بتقديم الدعم لهؤلاء لكي يتمكنوا من الاستمرار، شركات التوزيع العالمية تزيد أسعار التوصيل وتضاعفها على الشركات في سببيل إيصال الكتب للمشترين على الإنترنت.

وفي الوقت الذي يتلاشى فيه عالم بائع الكتب الصغيرة، تعلن مؤسسة مثل Bookshop.org التي تم إطلاقها للتو (شباط/ فبراير الماضي) عن زيادة بنسبة 400٪ في المبيعات، ويبدو أن في الوضع الحالي لا يوجد حل مثالي يساعد الناشرين على وقف التراجع، ويبدو أن مصير الكتاب الورقي بعد انقضاء الأزمة يتسم بالغموض، لا سيما مع ازدهار وانتعاش سوق الكتب الرقمية على نحو غير مسبوق.