اليمن..

تقرير: ما الذي يمكن الحصول عليه من المبعوث الأممي الجديد؟

هانز جروندبرج

كيوبوست

بعد تعيينه سفيراً للاتحاد الأوروبي، التقى هانز أيضاً رئيسَ المجلس السياسي الأعلى في اليمن في حكومة الحوثيين، مهدي المشاط، وجرى خلال اللقاء مناقشة الوضع الإنساني المتدهور وسبل تحسين آليات توزيع المساعدات الإنسانية. كما تطرق اللقاء إلى جهود الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي للوصول إلى تسوية سياسية.

لقي تعيين هانز في منصبه الجديد ترحيباً واسعاً من مختلف الأطراف الداخلية والخارجية؛ بما في ذلك الحوثيون والمجلس الانتقالي في الجنوب، حيث رحَّبت الحكومة اليمنية بالسفير في منصبه الأممي الجديد، وكذلك رحَّبت بالخطوة المملكةُ العربية السعودية والإمارات والكويت وعمان ومصر والاتحاد الأوروبي، في بياناتٍ منفصلة.


وعلى الرغم من الترحيب الدولي والحكومي؛ فإنه نادراً ما يُنظر إلى دور الأمم المتحدة ومبعوثيها إلى اليمن بتفاؤل محلي، إذ إن الوساطات الخارجية والجهود الأممية لم تحقق نجاحات جوهرية في الصراعات اليمنية طوال القرن الماضي، وإلى الآن. على سبيل المثال، استمرت الحرب الأهلية في شمال اليمن في ستينيات القرن الماضي نحو ثماني سنوات، قبل أن تنتهي الحرب فعلياً.

كانت الحرب الأهلية، أو ثورة26  سبتمبر، بين الحكومة الملكية في المنفى بقيادة الإمام الزيدي، وحكومة الجمهورية التي أطاحت بالنظام، وسيطرت على العاصمة صنعاء، ومناطق أخرى. جرَت خلال السنوات الثماني عدة مفاوضات واتفاقات مهمة؛ بينها وقف إطلاق النار، ومراقبة الهدنة من قِبل الأمم المتحدة، وحتى تقاسم السلطة؛ لكن كان هناك دائماً سبب ما لإفشال الاتفاقات والعودة إلى نقطة الصفر. في نهاية المطاف، تم الاتفاق بين طرفَي الصراع بعد أن ضعفت قدرة الملكيين على إحراز التقدم على الأرض، وانخفاض الدعم الخارجي بشكل كبير على كلا الطرفين.

تكرر السيناريو ذاته في حرب عام1994 م بين الجنوب والشمال، بعد وحدة فاشلة لمدة أربع سنوات. وعلى الرغم من أن كل طرف أيضاً حظي بداعمين له، وبذلت عدة دول جهوداً حثيثة للتوصل إلى اتفاق وحل المسألة سياسياً؛ فإن النصر حُسم في نهاية المطاف عسكرياً لصالح حكومة صنعاء.


اختتام اتفاق ستوكهولم 2018
العودة إلى تاريخ الصراع في اليمن لا تبشر باحتمالية الوصول إلى حل سياسي في ظل الشروط المطروحة من كل طرف، ومع ذلك يمكن فقط الوصول إلى حل معقول من خلال الانطلاق من مبادئ وشروط مختلفة كلياً. ويمكن ملاحظة طول طريق المفاوضات هذه من خلال إصرار الحوثيين -مثلاً- على فتح مطار صنعاء، ورفع ما يُطلقون عليه الحصار الشامل من قِبل دول العدوان (في إشارة إلى دول التحالف) وتأجيل المفاوضات إلى ما بعد ذلك، وهو ما ترفضه الأطراف الأخرى التي ترى ترتيباً آخر للخطوات.


لكن، ومن خلال النظر إلى تعيين السيد جروندبرج ضمن سياق الأحداث الداخلية والخارجية حالياً، يمكن ملاحظة مستجدات لافتة للنظر؛ فقد فرض الحوثيون مؤخراً جوازات سفر على المواطنين الذين يقعون تحت سيطرتهم، وسوف يتوجب على هؤلاء المواطنين الحصول على تأشيرة دخول وخروج عند انتقالهم إلى المحافظات المحررة، كما سوف يتوجب على حاملي الجنسيات الأخرى القيام بالمثل عند دخولهم مناطق سيطرة الحوثيين؛ سواء أكانوا قادمين من داخل المناطق المحررة أم من الخارج. يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها خطوة عملية نحو تقسيم اليمن، وإصرار حوثي على منح ذاته الشرعية، أو حصوله على الضوء الأخضر لذلك.

السياق الآخر الذي يأتي مصاحباً لتعيين جروندبرج هو استمرار الحوار بين إيران والمملكة العربية السعودية، بشأن عدة ملفات مهمة؛ بينها اليمن. الدعم الإيراني للحوثيين عامل أساسي في استمرار الصراع في البلاد؛ لذلك فلا يمكن تجاهل هذا الدور وعلاقته بالسعودية الداعمة للحكومة الشرعية للتوصل إلى حل واقعي للأزمة. يمتلك كل من الإيرانيين والسعوديين رؤية مختلفة عن الصراع والحل؛ هناك حاجة ملحة إلى تقريب وجهات النظر واقتراح الحلول الواقعية التي تحافظ على أمن واستقرار المنطقة وعلاقة الدول المتجاورة.


أمام كل هذه التحديات والتطورات، فإن عدم اليقين بشأن نجاح المبعوث الأممي الجديد في تسوية الصراع هو المسيطر. وعلى الرغم من ذلك؛ فإنه من المحتمل أن يتم توجيه الكثير من الجهد للتعامل مع الأزمة الإنسانية، وتحسين العمل الإغاثي، وحشد الدعم المالي والمعنوي للجهود الرامية إلى تحسين الأوضاع الإنسانية. سوف تركز الأمم المتحدة على ما يمكنها فعله، ولديها سجل رائع في ما يتعلق بالعمل الإغاثي والإنساني؛ وهو ما يُحتمل أن تواصل النجاح فيه في اليمن، إذ لا يمكنها سوى فعل القليل لخلق إرادة أقوى لدى أطراف الصراع؛ للمضي قدماً نحو حلول أكثر استدامة.