يلهب جيوب اليمنيين..

أزمة الوقود تعمق معاناة المواطنين في مناطق سيطرة الشرعية

الحكومة تقر زيادة أسعار المشتقات النفطية بسبب تكاليف الاستيراد

موسكو

 فرضت الحكومة اليمنية الشرعية زيادة جديدة في سعر الوقود المرتفع أصلا في ظل عجز شركة النفط بعدن عن توفيره بأسعاره الرسمية، وفي ظل غياب تام للرقابة والمحاسبة لهذه المحطات التي تتسابق لرفع الأسعار بشكل شبه يومي.

ورفعت شركة النفط الحكومية في مدينة عدن أسعار البنزين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة بنحو 9 في المئة، مبررة ذلك “بارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا”.

وتزيد أزمة الوقود الحادة من تعميق المعاناة الإنسانية لسكان المناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية بعدما أجبرت ندرة مادتي البنزين والديزل أصحاب السيارات على الانتظار في طوابير تمتد أمام الناظر في بعض محطات البنزين إلى ما لا نهاية.


وقال مسؤول في شركة النفط الحكومية في مدينة عدن لوكالة رويترز، لم تكشف عن هويته، إن “قيادة الشركة رفعت أسعار الوقود وسط أزمة خانقة في اليومين الماضيين في ما يتصل بالمشتقات النفطية” في المدينة الساحلية.

وأبلغ المسؤول بأنه بموجب القرار، سيرتفع سعر غالون البنزين سعة 20 لترا إلى 12.2 ألف ريال (12 دولارا) من 11.2 ألف ريال بفارق ألف ريال (دولار واحد).

وبررت الشركة في بيان رسمي نشرته في وقت متأخر من يوم الثلاثاء الماضي قرارها بارتفاع أسعار شراء التجار والموردين للوقود من الخارج.

وتأتي هذه المشكلة ملازمة لأزمات أخرى ومرتبطة بها وعلى رأسها أزمة الغذاء وارتفاع أسعار المواد الأساسية بشكل كبير في معظم المناطق مع تراجع قيمة العملة المحلية إلى مستوى تاريخي أمام الدولار منذ بدء تفشي الجائحة.

ولم يخف الكثير من المواطنين وخاصة في عدن تذمرهم بسبب هذا الوضع، وقد نقلت وسائل إعلام محلية مشاهد الغضب التي اعترتهم مطالبين الحكومة بمراجعة القرار فورا.

ولكن يبدو أن الحكومة لن تتراجع عن قرارها، إذ قالت شركة النفط في عدن إنها تتبع سياسة سعرية مرنة تتغير تبعا لأي تغيير في الأسعار، وأنه في حالة انخفاض الأسعار عالميا ستعمل الشركة بالتالي على تخفيض أسعارها والإعلان عن ذلك في حينه.

وتشتري شركة النفط الحكومية الوقود بمختلف أنواعه من التجار والمستوردين، على أن تقوم الشركة بعد ذلك ببيعه في المحطات الخاصة في عدن ومحافظات أبين ولحج والضالع والمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

ويأتي قرار الشركة في وقت شهدت مدينة عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد بصورة مفاجئة أزمة وقود خانقة منذ السبت الماضي بعد أن أغلقت محطات تزويد الوقود الحكومية والخاصة أبوابها أمام عملائها.

ومنذ اندلاع الأزمة يعتمد اليمن على توريد المشتقات النفطية من الخارج للتجار المحليين الذين يتعاملون مع المصارف وشركات الصرافة الخاصة للحصول على الدولار اللازم للاستيراد.

ووسط أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة يشهد اليمن منذ نحو سبع سنوات حربا مستمرة بين القوات الحكومية المدعومة من تحالف عسكري عربي تقوده السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران المسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر 2014.

وكان الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قد اتخذ في مطلع مارس 2018 قرارا يقضي بتحرير سوق المشتقات النفطية، وفتح مجال الاستيراد أمام شركات القطاع الخاص، وإخضاع عملية بيع وتوزيع المشتقات للمنافسة بين الشركات.

وجاءت هذه الخطوة بعد إحجام حكومة الرئيس عبدربه منصور عن تغطية فاتورة واردات الوقود بالعملة الصعبة نتيجة شح السيولة النقدية وتوقف شركتي النفط اليمنية الحكومية ومصافي عدن عن استيراد الوقود وتحويلهما إلى مجرد مخازن خاصة بالتجار والمستوردين.

ويرجح المتابعون للشأن الاقتصادي اليمني أن تفاقم خطوة رفع أسعار الوقود من معدل التضخم المتصاعد أصلا وتزيد من المأساة في بلد يعتمد معظم سكانه البالغ عددهم 29 مليون نسمة على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.


أزمة الوقود الحادة تزيد من تعميق المعاناة الإنسانية لسكان المناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية بعدما أجبرت ندرة مادتي البنزين والديزل أصحاب السيارات على الانتظار إلى ما لا نهاية.

والمخاوف من ارتفاع أكبر في الأسعار متأتية من احتمال ارتفاع تكاليف الواردات أو ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي بسبب الانهيار المتسارع العملة المحلية بعد أن وصل سعر الدولار إلى مستوى غير مسبوق عند نحو 1020 ريالا، وتحويل أية فروقات في المواد المنتجة محليا أو المستوردة من الخارج إلى المستهلك النهائي ينتج عنه قفزات في التضخم.

وذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في تقرير أصدره مؤخرا أن الأسعار ارتفعت بنسبة 200 في المئة منذ بدء الحرب في اليمن.

وأمام هذا التدهور الحاد في العملة تحمّل السلطات المحلية في بعض المحافظات مثل تعز الحكومة مسؤولية ذلك، وتشدد على ضرورة العمل على حلول عاجلة.

وقال أحمد المجاهد مدير مكتب وزارة التجارة والصناعة في تعز أكبر المحافظات اليمنية سكانا في تصريح للأناضول إن المحافظة واليمن عموما يعيشان في حالة حرب وتعز بشكل خاص تعاني من الحصار وانقطاع شريان الحياة إلا بشكل بسيط.

وأكد أن هناك مشاكل كثيرة يواجهها الناس من حيث عمليات النقل ووصول المواد الأساسية إلى المدينة، فإلى جانب تدهور العملة تنقطع إمدادات البضائع لأسباب لوجستية أو مرتبطة بالبنية التحتية المتهالكة والمتمثلة في سوء حالة الطرق الواصلة بين مراكز التخليص والأسواق الاستهلاكية.

وكان الاقتصاد اليمني هشا حتى قبل نشوب الحرب عام 2014 لكن صندوق النقد الدولي يقول الآن إن البلاد تواجه “أزمة اقتصادية وإنسانية حادة”.