اليمن..

تعقيدات سياسية تؤخّر إطلاق هانز غروندبرغ المبعوث الأممي

"أرشيفية"

الرياض

يؤشّر تأخّر المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن هانز غروندبرغ في إجراء اتّصالاته الأوّلية مع أفرقاء الصراع اليمني والاطلاع على أمزجتهم السياسية ومواقفهم من جهود السلام الأممية إلى حجم الصعوبات التي يواجهها في العمل على الملف وتحقيق تقدّم في حلحلته كان قد عجز عنه سلفه الأكثر منه خبرة وتجربة بصراعات المنطقة الدبلوماسي البريطاني مارتن غريفيث.

وكان أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة قد عين في السادس من أغسطس الجاري السويدي غروندبرغ مبعوثا خاصا إلى اليمن خلفا لغريفيث الذي لم يفلح طيلة ثلاث سنوات في إنهاء النزاع في البلد.

ويواجه غروندبرغ عقبات كثيرة داخل اليمن وخارجه على طريقه المأمول لإنهاء نزاع متشابك محليا وإقليميا في بلد يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة.

ومنذ عام 2019 كان غروندبرغ يشغل منصب سفير الاتحاد الأوروبي في اليمن وهو يتمتع بخبرة تزيد عن عشرين عاما في الشؤون الدولية بينها أكثر من خمسة عشر عاما في مجال حلّ النزاعات والتفاوض والوساطة، وفق الأمم المتحدة.

وغروندبرغ هو المبعوث الأممي الرابع إلى اليمن منذ بدء النزاع قبل نحو سبع سنوات بعد غريفيث والموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد والمغربي جمال بنعمر.

وبالرغم من ترحيب الحكومة اليمنية الشرعية وجماعة الحوثي بالمبعوث الأممي الجديد، إلا أنهما استمرتا في التمسك بمواقفهما إزاء شروط تحقيق السلام.


جلال الرويشان: غروندبرغ مثل من سبقوه ولن يغير في المشهد شيئا

وحتى الآن عقد غروندبرغ لقاء واحدا عبر اتصال مرئي مع رئيس الحكومة معين عبدالملك بينما لم يعقد بعد أي لقاء مع الحوثيين.

ومنذ تعيين غروندبرغ جددت الحكومة أكثر من مرة تأكيدها على ضرورة أن تكون أي مفاوضات مقبلة مستندة إلى المرجعيات الثلاث.

وهذه المرجعيات هي المبادرة الخليجية (2011)، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني (2013 - 2014)، وقرارات مجلس الأمن الدولي وخاصة القرار رقم 2216 لعام 2015.

ويطالب هذا القرار الحوثيين بالكف عن استخدام العنف وسحب قواتهم من المناطق التي استولوا عليها بما فيها العاصمة صنعاء والتخلي عن الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية والتوقف عن الأعمال التي تندرج ضمن نطاق صلاحيات الحكومة الشرعية والامتناع عن أي تهديد أو استفزاز للدول المجاورة.

ويرفض الحوثيون هذه المرجعيات ويطالبون بإلغاء القرارات الأممية كما يرفضون التفاوض قبل وقف الغارات وما يعتبرونه “حصارا” من جانب التحالف العسكري الذي تقوده السعودية.

وفي إشارة إلى عدم تفاؤل الحوثيين بنجاح المبعوث الجديد قال جلال الرويشان نائب رئيس فريق التفاوض التابع للجماعة إنّ “غروندبرغ مثل من سبقوه من الموظفين الأمميين ولن يغير في المشهد شيئا”.

‏‎وأضاف الرويشان في تصريح أوردته قناة المسيرة التابعة للحوثيين أنّ “الأمم المتحدة وموظفيها يخضعون لقرارات ‎مجلس الأمن التي تخضع لقرارات الدول دائمة العضوية وتراعي مصالحها مع الراعي الأميركي”.

وضمن التباين الكبير في وجهات النظر بين طرفي النزاع تتمسك الحكومة بوقف شامل لإطلاق النار في عموم البلاد تمهيدا لمعالجة الملف الإنساني وحل شامل للأزمة. بينما يصر الحوثيون على ضرورة معالجة الوضع الإنساني وفتح مطار صنعاء وإدخال الوقود من دون شروط قبيل الدخول في مسألة وقف إطلاق النار.

وأودت الحرب بحياة أكثر من 233 ألف شخص وبات 80 في المئة من السكان البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات الإنسانية.

وبدأ غروندبرغ مهامه في وقت استمرت فيه المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين في جبهات عديدة، لاسيما في محافظة مأرب شرقي صنعاء.

كما واصل الحوثيون خلال الأيام الماضية شن هجمات على السعودية بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة مفخخة أعلن التحالف عن تدميرها.

وقال عبدالناصر المودع محلل سياسي لوكالة الأناضول إنّ “الحرب في اليمن تراوح مكانها ولا يبدو في الأفق أي ملامح لسلام أو حسم عسكري لهذا الطرف أو ذاك”.

الحرب أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص وبات 80 في المئة من السكان البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات الإنسانية

وأضاف “أطراف الصراع الداخلية والخارجية أصبحت متكيفة مع الوضع الحالي وكل ما يحدث هو محاولة من هذه الأطراف للحفاظ على وضعها أو السيطرة على مناطق محددة كما هو الحال مع محاولات الحوثيين السيطرة على مأرب وإصرار الأطراف الأخرى على منعهم”.

ورجح أن “جهود المبعوث الدولي ستتعامل مع هذا الوضع ومن ثم ليس هناك من توقع لحدوث نجاح لغروندبرغ لا في قضية السلام ولا في القضايا الثانوية كقضية الأسرى ومطار صنعاء وميناء الحديدة وغيرها من القضايا، لأن استراتيجية أطراف الصراع تقوم على ربط جميع القضايا ببعضها بعضا”.

وشدد على أنه “من دون حدوث تطورات داخلية أو خارجية كبيرة تغير موازين القوى سيبقى اليمن في حالة حرب يسيطر عليها اللاعبون الخارجيون”.

ووفق المحلل السياسي محمد الشبيري فإن “نجاح أو فشل أي مبعوث أممي يعتمد على مدى جدية القوى الدولية تجاه الحلول لأي قضايا عالقة في المنطقة”، وأنّ “الحديث عن نجاح أو فشل شخص بعينه هو تحميله ما لا يحتمل لأنه يمثل جهة اعتبارية هي الأمم المتحدة التي ما يزال موقفها  ومعها قوى دولية كبرى ضبابيا من الحل في اليمن”.

ورأى أن قضية اليمن “تتطلب إرادة دولية صلبة وانحيازا حقيقيا وفعالا إلى جانب الشعب اليمني وحكومته بصرف النظر عن رداءة الحكومة”.

وختم الشبيري بأن هذا الموقف المأمول “يعد واجبا أخلاقيا على الأقل للإيفاء بالوعود التي قطعها الفاعلون الدوليون على أنفسهم ووردت صريحة في القرارات الأممية، لكن ما تزال بعيدة عن واقع ممارسات من وضعوها”.