تصطدم بعقبة الانقسامات..

محاولات لإنعاش حزب المؤتمر الشعبي في اليمن

حصان المؤتمر كف عن الصهيل

العرب

 كشفت مصادر يمنية مطلعة لـ”العرب” عن حوارات تشهدها عدد من العواصم العربية بين قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الذي أسسه الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح في العام 1982. وأشارت المصادر إلى أن النقاشات بين بعض قيادات الحزب تدور حول الخروج باستراتيجية لمواجهة تحديات المرحلة القادمة في اليمن.

ولفتت المصادر إلى مشاركة أحمد علي عبدالله صالح نجل الرئيس السابق الذي يقيم في العاصمة الإماراتية أبوظبي في الاجتماعات التي ضمت عددا من قيادات الحزب المتواجدين في القاهرة ومسقط، كما امتد الحوار ليشمل قيادات من المحسوبة على جناح المؤتمر المتواجدة في صنعاء.

ويأتي الحراك الداخلي الذي يشهده حزب المؤتمر في ظل تحولات سريعة في خارطة المشهد السياسي اليمني مع بروز مؤشرات على قرب انتهاء الحرب بشكلها الذي استمر لحوالي سبع سنوات والدخول في مشاورات سياسية حول الحل النهائي برعاية دولية وأممية.

وقالت مصادر “العرب” إن الاجتماعات التي شارك فيها قيادات في اللجنة العامة للمؤتمر (أعلى سلطة تنظيمه في الحزب) جاءت على الأرجح استجابة لنصائح دولية وإقليمية لتهيئة حزب المؤتمر وإعادة ترتيب بيته الداخلي استعدادا للتحولات العاصفة المرتقبة في المشهد اليمني وتجدد الحديث عن فترة انتقالية يمكن أن تشارك فيها جميع القوى والمكونات اليمنية الفاعلة والمؤثرة إلى جانب تزايد المطالب للمؤتمر بتقديم رؤيته للحل النهائي للأزمة اليمنية وطبيعة المرحلة الانتقالية.

وأشارت المصادر إلى وجود العديد من العوائق التي ما تزال تعترض نجاح الحوار ومن بينها الاختلافات العميقة بين أجنحة الحزب حول الموقف من التحالف العربي والحوثيين، حيث يبدي مؤتمر صنعاء رفضا لأي تقارب مع الأجندة السياسية للحكومة الشرعية والتحالف العربي في ظل حالة تخندق واضحة لهذا الجناح مع المواقف الحوثية من الحرب وشروط السلام.


وفي ذات السياق يرفض نجل الرئيس السابق أحمد علي عبدالله، والذي يشغل منصب نائب رئيس حزب المؤتمر في صنعاء، القيام بأي خطوات ملموسة على الأرض في سياق توحيد أجنحة الحزب وتياراته قبل رفع اسمه من قائمة العقوبات المفروضة من مجلس الأمن الدولي.

واستبعدت مصادر سياسية يمنية تحقيق أي اختراق سياسي سريع في اتجاه جهود توحيد حزب المؤتمر الشعبي العام نظر إلى حالة الانقسام التي تعصف بالحزب منذ مقتل مؤسسه علي عبدالله صالح في ديسمبر 2017 وغياب أي شخصية قيادية في الحزب يمكن أن تصبح موضع إجماع كل التيارات والأطراف التي تشكلت داخل المؤتمر منذ اندلاع الحرب في مارس 2015 وتفاقمت بعد مقتل صالح وأمين عام المؤتمر عارف الزوكا على أيدي الميليشيات الحوثية في 4 ديسمبر 2017.

ووفقا لمصادر في داخل حزب المؤتمر الشعبي العام الذي تحل بعد أيام الذكرى التاسعة والثلاثون لتأسيسه وصلت حالة التشظي في البنية التنظيمية للمؤتمر إلى مرحلة حرجة مع توزع معظم قياداته بين ولاءات داخلية وإقليمية قائمة في الدرجة الأولى على المصالح الشخصية وغياب أي أفق لترميم الحزب من الداخل والتوافق على أسس عامة تجاه الملفات السياسية المعقدة في الأزمة اليمنية.

وفشلت جهود سابقة بذلها التحالف العربي بقيادة السعودية لتوحيد قيادات المؤتمر المناهضة للانقلاب الحوثي، في ظل مواقف بعض تلك القيادات تجاه الشرعية وقياداتها ورفض الاعتراف برئاسة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي للحزب إلى جانب اتهام بعض قيادات المؤتمر جماعة الإخوان المسلمين بمحاولة اختراق الحزب عبر قيادات موالية للجماعة انشقت عن المؤتمر خلال احتجاجات العام 2011 التي أصاحت بالرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح.

ويلقي تأثير بعض الدول الإقليمية مثل قطر وعمان بظلاله على مساعي ترميم المؤتمر التي تبذلها الرياض وأبوظبي مع تبني بعض القيادات الموالية لتلك العواصم خطابا معاديا لدول التحالف العربي والحكومة الشرعية.

وفي تعليق على اجتماعات قيادات المؤتمر وإمكانية لعب الحزب دور حقيقي في المرحلة المقبلة في ظل حالة الانقسام التي يعاني منها، قال الصحافي اليمني أكرم الفهد في تصريح لـ”العرب”، إن قيادات المؤتمر في الوقت الحالي تواجه تحديات كبيرة على عدة أصعدة أهمها الانقسامات التي تفاقمت بعد مقتل صالح وكذلك ازدياد حدة الاستقطابات بين عدة تيارات داخل الحزب.

وأشار الفهد إلى أن بعض قيادات المؤتمر سعت مؤخرا لإطلاق مبادرة للملمة شتات الحزب والدعوة لعقد اجتماع قد يخرج في نهاية المطاف بمبادرة سياسية، لافتا إلى تراجع فرص نجاح مثل هذه المبادرة التي لن تحظى على الأرجح بقبول محلي من قبل أطراف الشرعية.

وتابع “هناك تيار انتهازي في حزب المؤتمر يضم عددا من القيادات لكنه لا يتمتع بأي قاعدة شعبيه سيحاول التشويش على أي تحرك مؤتمري لأن هذا التحرك سيزيحه من المشهد وهذا أحد أبرز التحديات التي ستعيق محاولة المؤتمر لعب دور مستقبلي”.

ومن جهته وصف الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر الحراك الهادئ الذي يشهده حزب المؤتمر بأنه يندرج في إطار محاولات الحزب لعب دور في مرحلة ما بعد الحرب.

وعن التحديات الذي تواجه هذا المسار أضاف الطاهر في تصريح لـ”العرب”، أنّه “نتيجة الانقسامات الداخلية بين قيادات المؤتمر وتفرقها بين داعم للميليشيا وبين من هو متوارٍ عن الأحدث لا أتوقع أن يكون هناك دور محوري وهام للمؤتمر في مستقبل اليمن، لأن هذا المستقبل سوف تساهم في صياغته الأطراف المتواجدة على الأرض وليس من تركوا الساحة في أوج التفاعلات السياسية والعسكرية”.