تحويل الضغط على الشعب..

إيران تبحث عن عائدات للسنة المقبلة... الخيارات تضيق

طهران

وصف رئيس المجلس الأمريكي الدولي الدكتور مجيد رافي زاده النظام الإيراني باليائس للحصول على السيولة من أجل تمويل مغامراته العسكرية في المنطقة وتمويل وكلائه وإدارة مؤسساته الداخلية.

الالتفاف حول العقوبات. يشمل ذلك رفع الصادرات النفطية في السوق السوداء كما استخدام شركات وهمية

 

وقال إن نظام صندوق التقاعد الحكومي الذي يعتمد بشدة على الإعانات بات على شفير الانهيار. يؤمن النظام الأموال لمؤسسات حكومية مختلفة بما فيها القوات المسلحة. وذكر رافي زاده في صحيفة "ذي اراب نيوز" السعودية نقلاً عن وثائق صادرة عن مجلس الأمن القومي أن تأثير العقوبات كان شديداً لدرجة أن 17 من أصل 18 صندوقاً للتقاعد أصبح مديناً.

ليس الوضع الاقتصادي في إيران مستداماً ومن غير المتوقع أن يجلس القادة الإيرانيون مكتوفي الأيدي السنة المقبلة وهم يشاهدون قوتهم تتقلص في المنطقة أو استثماراتهم في الميليشيات التي استمرت لعقود تذهب سدى. يأمل النظام الثيوقراطي في كسب العائدات من دون الاستناد إلى الصادرات النفطية. حين تحدث عن "موازنة المقاومة" مؤخراً قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: "هذه موازنة لمواجهة العقوبات مع أقل قدر ممكن من الاعتماد على النفط. تعلن هذه الموازنة إلى العالم أنه بالرغم من العقوبات يمكننا إدارة البلاد." ورجح رافي زاده استخدام إيران عدداً من الأساليب لتوليد العائدات.

 

تحويل الضغط على الشعب

تاريخياً، حين واجه القادة الإيرانيون التحديات والعقوبات، أعادوا الضغط المالي على الشعب العادي. ينتج عن ذلك رفع النظام لأسعار السلع وجمعه للمزيد من الضرائب وتخفيض الإعانات والخدمات الاجتماعية والإنفاق على البنى التحتية. في حين يمكن أن يؤدي الحد من تمويل البنى التحتية والخدمات الاجتماعية إلى تعزيز العائدات الحكومية، تطلق هذه الإجراءات تداعيات على الملالي.

 

يتدهور بشكل بارز المستوى المعيشي خصوصاً بالنسبة إلى الطبقة الوسطى والعائلات ذات المداخيل المتدنية. يضاف إلى ذلك الارتفاع المرجح جداً في نسبتي البطالة والتضخم. وسيضاعف ذلك الإحباط وغياب الرضا والمقاومة ضد النظام، مما يؤمن بيئة ناضجة لانتشار الاحتجاجات التي تهدد قبضة الملالي على الحكم.

 

الضرائب على الفقراء فقط

الأبرز في هذه الإجراءات وفقاً لرافي زاده أن أي عائدات إضافية ناتجة عن رفع الضرائب وخفض الإعانات ستكون غير مناسبة لأن مؤسسات النظام والأفراد الأثرياء المرتبطين به سيستمرون على الأرجح بالتهرب من الضرائب بدون عقاب. حتى صحيفة دنيا الاقتصاد الإيرانية اعترفت الأسبوع الماضي بأنه "في الوقت الحاضر، تؤلف عائدات الضرائب حوالي 30% من مجموع موازنة الحكومة. هذا الرقم منخض جداً، ويتم جمع الضريبة بطريقة غير عادلة نسبياً بسبب عدم دفع العديد من الأشخاص ذوي الدخل المرتفع للضرائب".

 

شركات وهمية

يشير رافي زاده إلى طريقة ثانية سيعتمدها الزعماء الإيرانيون السنة المقبلة لتعزيز الواردات: الالتفاف حول العقوبات. يشمل ذلك رفع الصادرات النفطية في السوق السوداء كما استخدام شركات وهمية للقيام بالعمليات المالية لصالح النظام. في الظاهر، تبدو هذه الشركات المنتشرة عبر العالم كشركات مستقلة ومشروعة. لكن في الواقع، تدار هذه الشركات من الحرس الثوري أو من برنامج يدعى "هيئة تنفيذ أوامر الإمام الخميني" الذي يساعد النظام على تفادي العقوبات وتأمين الواردات.

 

على سبيل المثال، برز ملف متعلق بناطحة سحاب في نيويورك تضم عدداً من الشركات المستأجرة البارزة. في العام الماضي، كشف المحامي الأمريكي بالوكالة في النطاق الجنوبي من نيويورك جيم هوك كيف كانت بدلات الإيجار التي دفعتها الشركات تساعد النظام الإيراني: "عبر جميع الجهود في معاقبة وعزل إيران، دولة راعية للإرهاب، أعطى ملّاك (المبنى) الحكومة الإيرانية موطئ قدم حرجاً في قلب مانهاتن، تفادت من خلالها إيران العقوبات الأمريكية الاقتصادية بنجاح".

 

الخيار الثالث

بما أن الولايات المتحدة تراقب عن كثب النشاطات المالية الإيرانية وتزيد الضغط على النظام عبر العقوبات، لن تغطي هذه المقاربة الحاجات المالية للنظام الإيراني. على الأرجح، سيطلب النظام قروضاً من حكومات أخرى. يواجه عدد من حلفاء إيران مشاكل مالية مثل سوريا. يمكن أن تسعى طهران إلى قروض من الصين وروسيا. عقد وزير الطاقة الإيراني رضا أردكانيان مع نظيره الروسي ألكسندر نوافك حول قرض بقيمة 5 مليارات دولار. لن تعالج هذه المقاربة أيضاً أزمة البلاد الاقتصادية.

 

لهذه الأسباب يخلص رافي زاده ختاماً إلى أن خيارات النظام الإيراني تنفد في مجال تأمين العائدات خلال السنة المقبلة وأن أي لجوء لرفع الضرائب أو خفض النفقات البنيوية لن يؤدي إلا إلى زيادة الغضب منه.