الاستثمارات القطرية في كردستان بوابة إيران للضغط على الأحزاب الكردية

قطر تدخل على خط التحالفات العراقية لدعم المالكي

تمارس إيران عبر حليفتها قطر ضغوطا على الأحزاب الكردية لدعم كتلة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي وبالتالي تمكينه من تشكيل الحكومة العراقية المقبلة. وتمثل الاستثمارات القطرية في كردستان العراق أداة إيران السياسية لبلوغ هذا الهدف.

الاستثمارات أداة سياسية أيضا

بغداد

لا تملك إيران نفوذا على الأحزاب الكردية في العراق ولا تملك أموالا تستثمرها في كردستان العراق، إلا أن ذلك لا يعني أنها لا تستطيع أن تضغط عليها بأدوات ووسائل أخرى.

والحزبان الكرديان الكبيران (الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني) اللذان يسيطران على 48 مقعدا في البرلمان العراقي الجديد، يمكنهما أن يقررا أي الكتلتين الشيعيتين هي التي ستشكل الحكومة المقبلة.

وتريد إيران أن تضمن دعم الأحزاب الكردية للكتلة التي يقودها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

ومن هنا جاءت دعوة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لكي يدلي بدلوه لدعم الميليشيات التابعة لإيران والدفع بها لتولي السلطة. لاسيما وأن هذا الدعم ليس هو الأول، وأن هذه الميليشيات سبق لها أن حصلت على مبالغ طائلة من قطر.

وناقش الشيخ تميم بن حمد ورئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان البارزاني في الدوحة، العلاقات الثنائية، وفرص الاستثمار التي يمكن لقطر أن تقوم بها هناك.

واتفق الجانبان وفق بيان رسمي، على “تعزيز علاقات إقليم كردستان والعراق مع قطر، وبحثا فرص تشغيل رؤوس الأموال والاستثمارات القطرية في إقليم كردستان لتمتدّ منه إلى كل العراق كسوق أكبر وخاصة في المجالات التي يحتاجها إقليم كردستان والعراق، إضافة إلى بحث خطوات فتح قنصلية عامة قطرية في أربيل”.

ولكن الجانب الأهم هو أن مستقبل العملية السياسية وموقف الأكراد من تشكيل الحكومة المقبلة كان في صلب المحادثات بين أمير قطر والرئيس البارزاني، إذ تمثل الكتلة الكردية مربط الفرس، ومن دون دعمها، لا تتوفر لكتلة مقتدى الصدر أي فرصة لتشكيل الحكومة.

والدعم القطري لميليشيات إيران ليس جديدا، وهو لا يزال موضع جدل منذ أن استخدمت قطر ذريعة احتجاز عدد من مواطنيها في العراق لكي تقدم لهذه الميليشيات، وبخاصة منها حزب الله العراقي المدرج ضمن قوائم المنظمات الإرهابية، مبلغ مليار دولار في يوليو 2018.

وجرت العادة أن تقدم قطر فديات ضخمة للمنظمات الإرهابية في سوريا لإطلاق سراح محتجزين أجانب، وذلك تحت دوافع “إنسانية”، ولرفع الحرج عن الحكومات الغربية التي لا تستطيع تقديم فديات في مقابل إطلاق سراح مواطنيها.

وكان موقع بي.بي.سي البريطاني نشر تفاصيل عن صفقة المليار دولار التي ذكر الموقع أن قطر دفعتها إلى كتائب حزب الله العراقية، للإفراج عن عدد من أبناء الأسرة الحاكمة ممن دخلوا جنوب العراق بغرض الصيد، فضلا عن دفع الدوحة أموالا ضخمة إلى جبهة النصرة، والدخول في اتفاق “المدن الأربع” (لفك الحصار عن بلدتين شيعيتين في مقابل فك الحصار عن بلدتين سنيتين في شمال سوريا)، مقابل الإفراج عن الصيادين القطريين.

وحسب تقرير الموقع فإنه في صباح السادس عشر من شهر ديسمبر 2015، تلقت الأسرة الحاكمة في قطر خبرا يفيد باختطاف 28 عضوا من مجموعة صيد من بين أفرادها أمراء، وزود الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني والذي كان على وشك أن يصبح وزيرا للخارجية، بقائمة تتضمن أسماء الرهائن، وأدرك حينئذ أن القائمة تضم اثنين من أقربائه، وأرسل رسالة إلى سفير قطر لدى العراق زايد الخيارين، قال فيها “إن جاسم ابن عمي وخالد زوج خالتي، حفظك الله عند تلقيك أي خبر عن ذلك، أخبرني على الفور”.

ويشير التقرير إلى أن الشيخ محمد بن عبدالرحمن والسفير القطري لدى العراق، قضيا 16 شهرا منشغلين بأزمة الرهائن، الذين كانوا قد ذهبوا للبحث عن الصقور في جنوب العراق بغرض الصيد، وتلقوا تحذيرات ومناشدات بعدم السفر إلى البلاد، لكن رياضة صيد الصقور وهي رياضة الملوك في الخليج دفعتهم إلى السفر لاصطياد طيور الحبارى التي تنتشر في جنوب العراق.

ولدى قيام الولايات المتحدة باغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني مطلع العام 2020، سارع أمير قطر إلى طهران لتهدئة الخواطر، في زيارة قام بها في الثالث عشر من يناير، أي بعد أيام من عملية الاغتيال، وذكرت تقارير أن الشيخ تميم بن حمد الذي التقى للمرة الأولى مع المرشد الإيراني علي خامنئي قدم ما يعتقد أنه “دية” بقيمة 3 مليارات دولار.

ويقول متابعون إن موقف الأحزاب الكردية من الكتلتين الشيعيتين المتصارعتين لن يحتاج إلى وقت طويل ليتضح ويتضح معه ماذا كانت طبيعة “الاستثمارات” القطرية في كردستان العراق.

وبحسب النتائج شبه النهائية حصلت الكتلة الصدرية على 73 مقعدا، ونالت حركة “تقدم” بزعامة الحلبوسي 38، فيما حصل ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي على 35، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني على 33 مقعدا.

وتصدر تحالف رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر نتائج انتخابات 2021، مثلما كان عليه الحال في 2018، لكنه زاد مقاعده من 54 إلى 73.

وبات التيار الصدري يملك ورقة ضغط في اختيار رئيس الوزراء العراقي المقبل بعد مكاسبه في الانتخابات التشريعية، لكن لا يزال عليه التوافق مع قوى الحشد الشعبي رغم تراجع أدائها الانتخابي.

ولم تفض انتخابات الأسبوع الماضي إلى زعزعة توازن القوى الهش القائم في بغداد، الذي يتحكم به الشيعة منذ نحو عقدين. لذلك لا بد للصدر من التحاور مع خصومه السياسيين في الحشد الشعبي، إذ لا يعتمد تشكيل الحكومة وتسمية رئيس للوزراء فقط على من يملك العدد الأكبر من المقاعد البرلمانية.

ولا يخول هذا العدد من المقاعد للصدر تشكيل الحكومة المقبلة منفردا، وفي ظل خلافاته الشديدة مع بقية الكتل الشيعية، فهو مضطر للتحالف مع كتل وقوى من السُنة والأكراد، لضمان تمرير الحكومة في البرلمان بالأغلبية البسيطة (50+1) أي 165 نائبا. ويرى مراقبون أن الصدر أضعف من أن يمضي بخيار تشكيل كتلة بمعزل عن كتلة المالكي.