توقيع الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي..
اتفاق الرياض.. معرقلون معلومون
في اليمن جنوباً وشمالاً لا مكان للمفاجأة فكل الأحداث يمكن استنتاج وقوعها لذلك فإنه منذ توقيع اتفاق الرياض في الخامس من نوفمبر 2019 كان متوقعاً أن لا يتم التنفيذ لمسببات واقعية فالاتفاق في مضمونه يعني هيكلة المؤسسة السياسية والعسكرية والاقتصادية للحكومة الشرعية بما يضمن أن تتحول إلى قوة متماسكة تواجه الانقلابيين «الحوثيين»، ولهذا كان الاستنتاج أن يكون هناك عرقلة لتنفيذ اتفاق الرياض
في اليمن جنوباً وشمالاً لا مكان للمفاجأة فكل الأحداث يمكن استنتاج وقوعها لذلك فإنه منذ توقيع اتفاق الرياض في الخامس من نوفمبر 2019 كان متوقعاً أن لا يتم التنفيذ لمسببات واقعية فالاتفاق في مضمونه يعني هيكلة المؤسسة السياسية والعسكرية والاقتصادية للحكومة الشرعية بما يضمن أن تتحول إلى قوة متماسكة تواجه الانقلابيين «الحوثيين»، ولهذا كان الاستنتاج أن يكون هناك عرقلة لتنفيذ اتفاق الرياض، فالشرعية كمؤسسة وبحسب المبادرة الخليجية التي تعتبر المرجعية الأساسية باتت بيد فصيل سياسي مؤدلج ولم تعد تمثل الطيف السياسي اليمني إطلاقاً، فما حدث بعد استبعاد خالد بحاح من مناصبه السياسية وتوزيعها على موالين لحزب التجمع اليمني للإصلاح وآخرين من تجار الحروب والأزمات.
على مدار ستة أشهر بين توقيع الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي على اتفاق الرياض حدثت أحداث أكدت نوايا عدم التنفيذ، فمن استمرار تحشييد القوات العسكرية الموالية لحزب «الإصلاح» في أبين وشبوة إلى تسليم جبهات حربية في محافظات الجوف ومأرب للحوثيين بدون مواجهات عسكرية، أحداث كانت تشير بوضوح لعدم رغبة الطرف المختطف للشرعية تنفيذ الاتفاق برغم توقيع الطرفين على مصفوفة البدء بتنفيذ الشق العسكري والأمني الذي يقضي بسحب القوات من المحافظات الجنوبية وتوجيهها إلى المحافظات الشمالية.
في خلال هذه الفترة الزمنية تفاقمت أزمة الخدمات في محافظات عدن وشبوة وحضرموت، فالكهرباء انقطعت تماماً ورواتب الموظفين والعسكريين كذلك توقفت، وهي منهجية معروفة منذ استبعاد خالد بحاح عن السلطة، منهجية التجويع والإفقار لإخضاع سكان المحافظات الجنوبية وكان رموز في الشرعية قد أقروا بتلك المنهجية.
الجمود في تنفيذ اتفاق الرياض ترافق مع تطورات سياسية أهمها إعلان قيادة التحالف العربي الاستجابة لدعوة الأمم المتحدة بإطلاق هدنة عسكرية ودعم الجهود لاستكمال العملية السياسية لحل الأزمة في اليمن، الضغط على مسألة الحل السياسي بالمعادلة القائمة يعد خطراً هائلاً على اليمن والخليج والعالم العربي برمته.
التسوية السياسية بين الحوثيين والشرعية بتركيبتها الحالية تعني باختصار ووضوح أن طهران وأنقرة ستحددان شكل اليمن سياسياً وهذا خطر يهدد مكتسبات عملية عاصفة الحزم برمتها، وهو ما يقتضي ضرورة الدفع بتنفيذ اتفاق الرياض وهيكلة الشرعية اليمنية ليتم الدخول في مفاوضات سياسية لا تخضع الكتلة الجغرافية اليمنية جنوبية وشمالية لمحاور إيران أو تركيا كدول لها اطماعها المعلنة.
ولعل التطور الأخير بإعلان المجلس الانتقالي الجنوبي الإدارة الذاتية فيه كسر لجمود اتفاق الرياض كما أنه كشف حقيقة نوايا الطرف الآخر الذي ادعى أن مخرجات الحوار الوطني تعطي لكل محافظة حقوقها في الإدارة كما أن نص اتفاق الرياض وضع البند الأول تعيين محافظ لمدينة عدن ومديرا للأمن لتأكيد الإدارة المحلية لكن هذا كله لا يبدو واقعياً مع حقيقة أن مخرجات صنعاء ليست سوى مسوغات لفرض هيمنة القوى التقليدية الشمالية على الجنوب وتكريس واقع احتلال ما بعد حرب صيف العام 1994.
المجلس الانتقالي الجنوبي لم يعلن الحكم الذاتي كما تروج له وسائل إعلام تنظيم «الإخوان»، وحتى ما صدر من بيانات للحكومة اليمنية المختطفة من التنظيم الدولي، فالانتقالي الجنوبي أوضح أنه يدفع بقوة نحو التنفيذ العاجل لبنود اتفاق الرياض لإدراك الجنوبيين المخاطر في حال عدم التنفيذ، فتقسيم اليمن بين شمال تابع لإيران وجنوب تابع لتركيا يمثل أخطر ما يمكن أن يحدث من كارثة على تاريخ عدن.
السعودية والإمارات أصدرتا بياناً مسؤولاً يؤكد حزم الرياض وعزم أبوظبي في استكمال دورهما التاريخي في اليمن جنوبه وشماله، فاتفاق الرياض حجر أساس لحل أزمة معقدة باتت مفتوحة الاتجاهات مع انكشاف أقنعة المؤدلجين الخاطفين لإرادة صنعاء باتجاه طهران وعدن الغارقة تحت أطنان من الويلات والخيبات بمفاعيل خطايا السياسيين وأطماعهم ونواياهم المبيتة.