مستقبلاته توجد في الرئتين وخلايا الأنف والأمعاء وربما في العين والدماغ
عدوى فيروس كورونا تتسلل إلى أعضاء الجسم
خلق وباء «كوفيد 19» الناجم عن الفيروس التاجي الجديد، حاجة ملحة لتحديد الآليات الجزيئية التي تتوسط الدخول الفيروسي والانتشار، وعلم الأنسجة. فعندما يدخل الفيروس جسم الإنسان فإنه يتوغل في الخلايا بمساعدة اثنين من البروتينات التي يجدها هناك هما «الإنزيم المحول للأنجيوتنسين2» ا (ACE2) Angiotensin - converting enzyme 2 و«سيرين بروتييز ترانسممبرين 2»، (TMPRSS2) Transmembrane protease serine 2إذ يستخدم الفيروس الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 ACE2)) كمستقبل للخلية لغزو الخلايا البشرية وبالتالي هو المفتاح لفهم آلية العدوى.
عدوى جسدية
ويدور الكثير من النقاش حول العدوى الفيروسية في خلايا الأمعاء والخلايا الرئوية. وقد قام الباحثون بالنبش في مجموعة بيانات ضخمه في التعبير الجيني لإظهار أن الخلايا الأخرى المستهدفة التي تنتج البروتينات ACE2)) وTMPRSS2)) منتشرة في جميع أنحاء الجسم بما في ذلك في القلب والمثانة والبنكرياس والكليتين والأنف وحتى أن هناك بعضا منها موجود في العين والدماغ.
و أظهرت نتائج البحث الذي قدمه مينغ يوان لي وزملاؤه والذي نشر في مجلة «إنفكشس دزيز بوفرتي» Infectious Diseases of Poverty في 28 أبريل (نيسان) 2020 أن هذه الخلايا وفيرة بشكل لافت للنظر وأن العديد منها عبارة عن خلايا طلائية تبطن السطح الخارجي للأعضاء. وتضيف النتائج الجديدة صورة ناشئة عن كوفيد 19 كفيروس يمكنه استهداف الخلايا في العديد من الأماكن في جسم الإنسان بدلاً من التركيز على عضو معين أو جزء من الجهاز التنفسي.
وللكشف عن مواقع الخلايا التي تحمل ACE2 وTMPRSS2 تحول الباحثون إلى أطلس الخلايا البشرية وهو مشروع سمح للعلماء بتجميع البيانات حول الخلايا البشرية منذ عام 2016. ومن خلال البحث عن سجلات تسلسل أحادية الخلية لحوالي 1.2 مليون خلية فردية من عينات الأنسجة البشرية، تمكن الفريق من معرفة أي من هذه الخلايا ينتج كلا من ACE2 وTMPRSS2 وملاحظة مواقعها في الجسم. وقد استخدم التحليل 16 مجموعة بيانات غير منشورة لخلايا الرئة والمجاري الهوائية و91 مجموعة بيانات منشورة تغطي مجموعة من الأعضاء البشرية الأخرى.
ويدعي جيريمي كامل عالم الفيروسات في جامعة ولاية لويزيانا الصحية الأميركية في شريفبورت، أن الطب الشرعي يمكن أن يوفر تفاصيل مهمة عن جسم الإنسان والتي قد تساعد العلماء على فهم كيفية إصابة الفيروس الجسم بالعدوى. ويضيف أنه من خلال العثور على شظايا بروتينية فيروسية في عينات الأنسجة من المرضى الذين ماتوا بسبب كوفيد19. قد يتمكن العلماء من تحديد أي الأعضاء هي مواقع حقيقية للعدوى. ويضيف «أود أن أقول أن هذه الدراسة تعطي الناس خريطة طريق حيث قد ترغب في النظر في الجسم لفهم أين يذهب هذا الفيروس».
الخلايا المستهدفة
وفي الدراسة التي قام بها وارادون سنغناك waradon sungnak وزملاؤه ونشرت في «نتشر» Nature في 23 أبريل (نيسان) 2020 فحص الباحثون الخلايا التي يحتمل أن تكون متورطة في انتقال الفيروس، ووجدوا أن الخلايا الطلائية الأنفية على وجه الخصوص ارتبطت بوجود ACE2 وTMPRSS2. وأفاد الباحثون أن الفيروس قد يستغل الخلايا التي تفرز السوائل في الممر الأنفي مما قد يساعده على الانتشار من شخص إلى آخر في القطرات التي يتم إطلاقها عندما يعطس الشخص.
وفي نفس الوقت وجدت دراسة الخلية أيضاً نسخا طبق الأصل من ACE2 وTMPRSS2 في خلايا الأنف والأمعاء وخلايا الرئة ولكن الباحثين وجدوا أيضاً أن بروتين الإنترفيرون ينشط تعبير ACE2 في المختبر حيث يستخدم جسم الإنسان الإنترفيرون لمكافحة الالتهابات لذلك ليس من الواضح ما إذا كان الإنترفيرون ذا فائدة أو ضرر عام لمرضى كوفيد 19. أما مارتا جاليا عالمة الأحياء الجزيئية في جامعة تافتس في الولايات المتحدة فتقول إن استخدام العديد من مصادر البيانات المختلفة يدعم صحة نتائج مؤلفي الدراسة. وتتفق مع الباحثين على أن اكتشاف الخلايا المنتجة لـACE2 وTMPRSS2 في أماكن مختلفة حول الجسم لا يثبت أن الفيروس يمكن أن يصيب كل هذه الخلايا دائماً. وتضيف: «أعتقد أن الحقيقة هي أن معظم المشاكل تأتي من الرئة» لكن الأطباء الذين يعالجون مرضى كوفيد 19 قد يكتشفون مشاكل في أعضاء متعددة أخرى غير الرئة.
وفي دراسة حديثة أخرى نشرت في المجلة العلمية ساينس Science في الأول من مايو (أيار) 2020 وجد باحثون من معهد هوبريشت في أوترخت والمركز الطبي بجامعة إيراسموس إم سي روتردام وجامعة ماستريخت في هولندا أن الفيروس التاجي الذي يسبب كوفيد 19 يمكن أن يصيب خلايا الأمعاء ويتكاثر فيها حيث يعاني ثلث المرضى من أعراض في المعدة والأمعاء مثل الغثيان والإسهال. بالإضافة إلى ذلك يمكن الكشف عن الفيروس في البراز البشري لفترة طويلة بعد حل أعراض الجهاز التنفسي. وهذا يشير إلى أن الفيروس يمكن أن ينتشر أيضاً من خلال ما يسمى التلوث البرازي الفموي.
ورغم أن أعضاء الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي قد تبدو مختلفة تماماً إلا أن هناك بعض أوجه التشابه الرئيسية إلا وهو التشابه المثير للاهتمام بشكل خاص هو وجود مستقبلات ACE2 وهو المستقبل الذي من خلاله يمكن أن يدخل فيروس كوفيد 19 داخل الأمعاء. ومع ذلك حتى الآن لم يكن معروفاً ما إذا كانت الخلايا المعوية يمكن أن تصاب بالفعل ويتضاعف الفيروس فيها وينتج جزيئات معدية جديدة منه.