ترجمات..

صحيفة: ابتكارات يمنية في زمن الحرب.. بيوت الخير

"أرشيفية"

أبوظبي

في محافظة تعز، جنوبي اليمن، أطلقت العديد من الأسر برنامجا خاصا بها مبتكرا لإنتاج حاجتها من الخضراوات والغذاء في حدائقهما المنزلية.

فبعد أن كان شراؤها يكلف مبالغ مالية إضافية ترهق ميزانية الأسر التي تراجعت كثيرا نظرا لانخفاض سعر العملة الوطنية، بدأ الحصول عليها مجانا بعد أن تم تحويل أجزاء من المساحات المحيطة بالمنازل أو المنازل نفسها إلى حقول زراعية ومزارع مصغرة.

بتشجيع من عائلته قرر محمد الزبيري استصلاح أراض زراعية جوار منزله، لبدء مشروعه الطموح، إنتاج المحاصيل النقدية.

كانت فكرة الشاب البالغ من العمر 25 عاما تتمثل في الاستفادة من الحقول الزراعية التي يمتلكها والده لزراعتها بالخضراوات من أجل إمداد أسرته بالكميات التي تحتاجها، فضلا عن بيع الفائض منها في الأسواق المحلية والاستفادة من عائداتها المالية.

كانت فكرته نابعة من شقين، حصول أسرته على احتياجها من تلك المحاصيل وتوفير فرصة عمل له بعد أن عمل في مهن عديدة دون فائدة، لضئالة المبالغ المالية التي كان يكسبها، فضلا عن صعوبة الحصول على تلك الأعمال في أسابيع كثيرة.

يقول الزبيري لـ"العين الإخبارية": عملت في أعمال كثيرة لكن كان الحصول على عمل يتم بشق الأنفس والبعض من تلك الأعمال يستغرق البحث عنها لأسابيع، وتتفاجأ في نهاية المطاف أن الأجور المالية التي تتحصل عليها لا تكفي كمصاريف شخصية.

وأمام وقع الحياة الاقتصادية الصعبة وهبوط الريال المستمر يتضح أن تلك المبالغ لا تفي أيضا بحاجات الأسرة من مواد تموينية، حسب الشاب البالغ من العمر نحو 25 عاما.

ويسرد تجربته التي ألهمته في الحصول على عمل دائم "فكرت مرارا في استغلال حقول زراعية نمتلكها ضمن إطار الحقول القريبة من المنزل من خلال زراعتها بالمحاصيل المدرة للربح".

لكن انعدام المياه مثّل مشكلة كبيرة في إنجاز ذلك، ولذا كان لزاما عليه البحث عن مصدر لإيصال المياه من نبع يقع على مسافة بعيدة، إذ اشترى كمية من أنابيب البلاستيك وقام بإيصالها إلى الحقل الذي تم زراعته بالطماطم كتجربة أولية يختبر من خلالها مدى نجاحه والعائد المادي المنتظر تحقيقه.

يضيف أن الأرباح المالية التي تحققت كانت مجزية للغاية ودفعه شغفه إلى توسيع مداركه في الاطلاع والقراءة والاستفادة من تجارب الآخرين ممن سبقوه في ذلك.

كما أنه يسعى إلى توسيع المحاصيل الأخرى التي ينوي زراعتها في الموسم المقبل، فضلا عن بناء خزان مياه لحصاد مياه الأمطار في فصل الصيف تكفي لري تلك المحاصيل فترة أطول.

قصة نجاح
في قصة نجاح أخرى اتجه حسن ذياب لجعل المحاصيل النقدية رافدا آخر لتحسين دخله الشهري المتمثل بالمرتب الذي يتقاضاه كل ثلاثة أشهر.

يعمل "ذياب" معلما لمادة الرياضيات، لكن الانهيار المتواصل للعملة الوطنية أمام العملات الأجنبية جعله يفقد نصف مرتبه الذي تآكل إلى 70 دولارا مقارنة بـ150 دولارا العام الماضي.

استغل ذياب خزانا لتجميع حصاد مياه الأمطار مملوكا لوالده، وبدأ في إصلاح الأراضي الزراعية التي كانت شبه مهملة من قبل، بالقرب من منزله الكائن غرب محافظة تعز اليمنية.

بدأ بزراعة المحاصيل النقدية التي ينظر إليها بأنها مدرة للربح مقارنة بالمحاصيل الأخرى، إذ إن زراعتها تستغرق أشهرا قليلة لتبدأ الإنتاج، والذي يبدأ معها العائدات المالية التي ينفق جزءا منها في شراء المبيدات والأسمدة.


يرى ذلك الرجل البالغ من العمر نحو 50 عاما أن التوجه لإيجاد مصدر آخر لجني المال كان ضروريا لتعويض خسارة المرتب الحكومي فكانت الزراعة أقرب تلك المصادر.

يزرع ذياب في مزرعته المتواضعة محاصيل الفلفل الحار، الطماطم، الباميا، الكوسة، والفجل ويخصص جزءا من تلك المحاصيل لأسرته، فيما الجزء الأكبر منها يتم شحنها إلى الأسواق الشعبية المجاورة.

تلك التجارب ألهمت العديد من الأسر التي قررت أن تحذو حذوهما عبر تجهيز مزارع صغيرة داخل منازلها وحتى على أسقف المنازل، تضمن منها حاجتها اليومية من الخضراوات.

مصدر للأسر الفقيرة
في مديريات تعز الساحلية تعد المزارع المنزلية التي تصل إلى المئات منها مصدرا غذائيا مهما للأسر الفقيرة، إذ تساعد تلك المزارع التي لا تتعدى مساحتها الواحدة منها ستة أمتار بعرض أربعة أمتار مصدرا إمدادا غنيا بالغذاء لتلك الأسر.

وتشير التقديرات إلى أن 400 أسرة تحسن وضعها المعيشي بشكل كبير مع أخذ حاجتها من الخضراوات من تلك المزارع عوضا عن شرائها من الأسواق في مديرية المخا التاريخية على البحر الأحمر.

وترى سحر الحزمي، خبيرة في الصندوق الاجتماعي للتنمية، أن الأسر التي لم تكن قادرة على شراء تلك المحاصيل بدأت بالحصول عليها مجانا من حدائقها المنزلية.

واتجه الصندوق الاجتماعي، مؤسسة حكومية، إلى تشجيع الأسر الفقيرة في مديرية المخا الواقعة غرب اليمن على مزاولة هذه الزراعة عبر تزويدها بالبذور وتقديم النصائح والإرشادات ومواسم بدء الزراعة والحصاد وطرق تسويق الفائض منها.

لكن العديد من العاملين في مناطق أخرى يفتقرون للخبرة ما يجعلهم يفقدون نصف تلك المحاصيل.

كما أن عدم وجود مهندسين زراعيين، وضعف الاستفادة مما يقدم حول هذا الجانب على شبكة الإنترنت جعلهم يبدأون تجربتهم وفقا لما ينصح به زملاء لهم سبقوهم في هذه التجربة، وفقا لخبراتهم القصيرة، وهي خبرة لا تسهم في تنمية المحصول، وفقا للمزارعين.