وكالات..
كيف ينظر اليمنيون لمشاورات المبعوث الأممي؟.. سلام معقد
للأسبوع الثاني، تستمر المشاورات الأممية في الأردن بين هانس غروندبرغ والأطراف اليمنية في مسعى لبناء خارطة حل مشتركة للسلام في البلد الغارق بالحرب الحوثية.
وحرص مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ على مشاركة كل الأطراف اليمنية والسماع لتصوراتها بشكل مستقل، وهي خطوة شملت في الأسبوعين الأول والثاني الأطراف والقوى المناهضة للحوثيين، فيما لا تزال المليشيات تتمسك كعادتها باشتراطاتها الخاصة الرامية لشرعنة الانقلاب.
وتقول الأمم المتحدة إن هذه المشاورات تستهدف وضع خطة تسوية مستدامة من 3 مسارات، اقتصادية، وأمنية، وسياسية، ومعالجة القضايا العاجلة وطويلة الأمد.
وينظر الكثير من اليمنيين إلى أن المسارات الـ3 الأممية قد توجه رسالة موحدة للمجتمع الدولي بالمعرقل الرئيسي للسلام لكنها في نهاية المطاف لن تحقق اختراقا جوهريا في جدار الأزمة اليمنية، بما فيه إنهاء الانقلاب وتدخل إيران التي تؤجج العنف والإرهاب.
ويتخوف بعض اليمنيين من أن تكون مشاورات غروندبرغ فرصة جديدة للحوثيين في إعادة رص صفوفهم واستثمار عامل الوقت نحو تحديث ترسانتهم العسكرية لجولات ستكون بالطبع أكثر دموية.
وحاولت "العين الإخبارية" في هذا التقرير معرفة جوهر مشاورات غروندبرغ التي رحب بها المجتمع الدولي في مسعى لتكوين رؤية مكتملة عنها وكيف ينظر لها اليمنيون مع دخول بلدهم العام الـ8 من الحرب الحوثية.
رؤية الأحزاب.. 4 نقاط
أجمعت الأحزاب السياسية التي شاركت في الأسبوع الأول من المشاورات (المؤتمر، الناصري، الاشتراكي، الإصلاح)، وفق ما نشر ممثلوها، على التمسك بالمرجعيات الثلاث ورفض التماهي مع الانقلاب الحوثي، ووضع ترتيبات عسكرية وأمنية قبل السياسية، ومنح الدولة حق امتلاك السلاح فقط.
وبحسب المحامية أمل محمد الصبري التي شاركت في المشاورات ممثلا عن الحزب الناصري فإن أبرز القضايا الرئيسية التي تم بحثها مع غروندبرغ تمحورت حول "أولويات العمل على المسارات السياسية والاقتصادية والعسكرية على مدى المستوى القريب والبعيد".
كما "تم التطرق إلى مناقشة المسار الأمني والمبادئ الموجه للعملية السياسية واستعادة جميع مؤسسات الدولة من مليشيات الحوثي التي انقلبت عليها"، وفقا للصبري.
وعن جوهر خطة السلام لغروندبرغ، قالت عضو اللجنة المركزية للتنظيم الوحدوي الناصري لـ"العين الإخبارية"، إن إطار هذه المشاورات تتمثل "بجمع الآراء والروئ من مختلف القوى الفاعلة بما فيه مكونات الأحزاب السياسية للاسترشاد بها في وضع تسوية مستدامة ومستقبلية للسلام".
وحول رؤية الناصري التي قدمها، أشارت الصبري إلى أن "التنظيم له رؤية واضحة وثابتة لتحقيق السلام وفقا للمرجعيات الثلاث للمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن خاصة 2216، ويدعم جهود المبعوث لاستعادة الدولة وإنهاء الحرب وتحقيق السلام".
وأعربت القيادية السياسية اليمنية عن أملها أن تكون جهود غروندبرغ أكثر جدية وحثيثة وتترجم تحركاته بأفعال على الأرض بما فيه تنفيذ قرارات مجلس الأمن بخصوص اليمن والمرجعيات التي ترافق عليها اليمنيون.
وطالبت الصبري في ختام حديثها لـ"العين الإخبارية"، الأمم المتحدة بموقف حازم تجاه كل من يعرقل جهود السلام وتفعيل آليات العقوبات ضدهم ووضع الأولوية للوضع الإنساني التي تهم كل اليمنيين، خاصة تلك المدن التي تخضع للحصار منذ سنوات، إشارة لحصار مليشيات الحوثي لمدينة تعز منذ 7 أعوام.
القوى الفاعلة
رغم تجاهل المبعوث الإشارة للمسار العسكري في مشاوراته، إلا أن هذا الملف هو الحاسم خصوصا بعد صعود قوى فاعلة جديدة في خارطة المشهد تعد الجوهر الأساس في أي حل باعتبارها الأكثر قدرة على حماية أي تعهدات تبرمها.
أبرز هذه القوى المقاومة الوطنية شمالا والمجلس الانتقالي جنوبا وسوف يشكل دخولهما في المشاورات مع الأمم المتحدة فرصة في التعرف على رؤيتها للسلام.
ووفقا لنائب رئيس الدائرة الإعلامية للمجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح فإن المجلس وجهت له دعوة بالفعل من المبعوث الأممي غروندبرغ وبكل تأكيد سوف يلبيها من منطلق حرصه والتزامه على إنجاح أي جهد للوصول إلى عملية سلام شاملة.
وأوضح منصور في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن المجلس الانتقالي ينطلق من قاعدة التمثيل العادل والحقيقي للجنوب وضمن عملية سلام يشارك في تصميمها بما يحفظ للجنوب وشعبه تطلعاته.
ويرى المسؤول في المجلس الانتقالي أن عملية السلام لن تتحقق إلا عبر عملية سياسية يشارك الجميع في تصميمها في مقدمتهم المجلس الانتقالي الذي يبحث عن سلام حقيقي وعادل.
نسيان انقلاب الحوثي
سفير اليمن في لندن ياسين سعيد نعما وهو سياسي يمني بارز أشار إلى القواسم المشتركة في رؤية الأحزاب السياسية المقدمة إلى المبعوث الأممي إلى اليمن.
وأوضح أن القاسم المشترك بين هذه الرؤى هي المرجعيات الثلاث، والشق الأمني والعسكري قبل السياسي، والتمسك بالمؤسسة الشرعية خلال الفترة الانتقالية ورفض أي ترتيبات مخالفة تتماهى مع الانقلاب الحوثي وامتلاك الدولة فقط للسلاح.
وعلق على حسابه في "فيسبوك" تابعته "العين الإخبارية" أنه "إذا كانت هذه هي النقاط الرئيسية التي تتشارك هذه الأحزاب في رؤاها فما الذي يمنعها من تقديم رؤية مشتركة لتعزز مكانتها في العملية السياسية ومنظومة الحل الشامل للتأكيد على أنها الحامل السياسي لمشروع استعادة الدولة".
من جانبه، يرى رئيس مركز جهود للدراسات باليمن عبدالستار الشميري أن مشاورات الأردن التي يجريها المبعوث الأممي إلى اليمن مع بعض الشخصيات السياسية اليمنية تبدو هروبا منه إلى الأمام والذهاب إلى أعمال ليست في جوهر المشكلة اليمنية، التي لا تزال بعيدة المنال عن خيارات الحل السياسي.
ويعتقد الباحث السياسي أن المبعوث الأممي يجري المشاورات مع من ليس بيدهم مفاتيح الحل، ولا قدرات لإحداث ثغرة في جدار الأزمة، وأن هذه الأنشطة والمشاورات لها تأثير كبير في صرف مجرى الأحداث في اليمن إلى مسارب الضياع وإطالة أمد الحرب.
وأشار الشميري إلى أن هذه المشاورات تعطي تصورات خاطئة في الأمم المتحدة عن إمكانية الحل السياسي مع مليشيات الحوثي وتصل إلى حد إفراغ القرارات الأممية ضد هذه المليشيات الإرهابية من مضمونها.