برلوسكوني يدعو أوروبا إلى إقناع كييف بـ «الإصغاء» إلى بوتين

برلوسكوني يدعو أوروبا إلى إقناع كييف بـ «الإصغاء» إلى بوتين

روما

قالت مصادر دبلوماسية رفيعة مواكبة للمساعي التي تبذلها الحكومة الإيطالية، بالتعاون مع الشركاء الأوروبيين وبعض الجهات الدولية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، إن روما تبلغت من كييف «تقديرها للدعم الذي تقدمه لها إيطاليا، وللجهود التي تبذلها من أجل التوصل إلى حل عادل ودائم للحرب»، وأن الرئيس فلوديمير زيلنسكي، يدرس مع معاونيه الخطة التي اقترحتها روما من أجل استئناف المفاوضات مع موسكو، والاتفاق على وقف لإطلاق النار.

كان وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، سلم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خطة لإنهاء الحرب في أوكرانيا على أربع مراحل: وقف فوري لإطلاق النار، وضمان حياد أوكرانيا وعدم انضمامها إلى الحلف الأطلسي، وحل وسط توافقي لإقليم دونباس وشبه جزيرة القرم، وميثاق جديد للأمن الأوروبي والدولي.

وأفادت المصادر بأن روما تبلغت رداً أولياً على خطتها من الناطق بلسان وزارة الخارجية الأوكرانية أوليغ نيكولنكو، جاء فيه «أن كييف تثمن الدعم الذي تقدمه إيطاليا كعضو في الاتحاد الأوروبي، أو على الصعيد الثنائي، ونحن في صدد بحث الخطة التي اقترحتها لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، وغيرها من الاقتراحات الأخرى. لكن يجب أن يكون واضحاً للجميع أن أي قرار سياسي لا بد أن ينطلق من احترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها ضمن الحدود المعترف بها دولياً».

وتعتبر الحكومة الإيطالية أن ردة الفعل الأوكرانية الأولى على خطتها تتناول المرحلة الثالثة التي تنص على اتفاق بين موسكو وكييف حول دونباس وشبه جزيرة القرم، يمنح هذين الإقليمين حكماً ذاتياً كاملاً يشمل الأمن والدفاع تحت سيادة أوكرانيا. إلى جانب ذلك علق أمس المسؤول عن السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل، على الخطة الإيطالية بقوله «نحيط علماً بها، لكن من وجهة نظر الاتحاد الأوروبي يجب أن يسبق المفاوضات وقف فوري للاعتداء وانسحاب غير مشروط للجيش الروسي».

وقالت المصادر إن الحكومة الإيطالية ليست مرتاحة لما وصفته بالخطاب التصعيدي لبوريل، مثل التصريح الذي قال فيه منذ أيام «إن السلام يتقرر في ساحة المعركة».

وفيما تشتد المعارضة داخل الائتلاف الحاكم في إيطاليا ضد إرسال المزيد من الأسلحة لأوكرانيا، أثارت تصريحات لرئيس الوزراء الإيطالي الأسبق سيلفيو برلوسكوني، الذي تربطه صداقة شخصية وطيدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عاصفة سياسية وضعت حكومة دراغي في موقف حرج من حيث وحدة الصف الأوروبي حول العقوبات على روسيا والمساعدات العسكرية لأوكرانيا، وأرخت بظلالها على خطة السلام الإيطالية التي سيناقشها دراغي مع الشركاء الأوروبيين ومع الرئيس التركي الأسبوع المقبل.

وكان برلوسكوني صرح خلال مهرجان لحزبه في نابولي بقوله، «أعتقد أن أوروبا يجب أن تتقدم باقتراح مشترك للسلام يهدف إلى إقناع الأوكرانيين بالتجاوب مع مطالب بوتين».

ورغم تحذيرات معاونيه ومستشاريه من مغبة الاسترسال في مثل هذه التصريحات، أردف برلوسكوني قائلاً «لا يمكن حمل بوتين للجلوس إلى طاولة المفاوضات، والإدلاء بتصريحات كتلك التي تصدر عن بريطانيا والحلف الأطلسي». وعن المساعدات العسكرية التي تقدمها إيطاليا إلى أوكرانيا، قال «إرسال السلاح يوازي كوننا طرفاً في هذه الحرب التي يجب أن تنتهي.

لكن إذا كان لا بد من إرسال الأسلحة، من المستحسن عدم الإشهار عن ذلك».

وفيما انتقد برلوسكوني «المبالغة» في العقوبات المفروضة على روسيا «لأنها تضرنا بقدر ما تضر موسكو»، وقال إن وقف استيراد الغاز الروسي من شأنه أن يوجه ضربة شبه قاضية للاقتصاد الإيطالي، اقترح وزير التنمية الإيطالي جيانكارلو جيورجيتي، أن يتولى الاتحاد الأوروبي التعويض على الدول الأعضاء من خسائر الحرب «لأن تقديم المساعدة لأوكرانيا وتزويدها بالأسلحة هو قرار سياسي أوروبي»، وطالب بآلية أوروبية لحماية أسعار الطاقة والمحروقات بوضع حد أقصى لهذه الأسعار، كما اقترحت بعض البلدان الأعضاء.

تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن العلاقات بين روما وموسكو كانت محورية خلال الحكومات الأربع التي رأسها برلوسكوني بين عامي 2001 و2011، وكان من نتائجها اعتماد إيطاليا بنسبة عالية جداً على الغاز الروسي رغم أن مصادر أخرى للطاقة، في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، يمكن أن توفر لإيطاليا إمدادات بكلفة أقل.

تأتي هذه التصريحات التي أدلى بها برلوسكوني لتضيق الحصار على رئيس الوزراء الإيطالي بعد المواقف التي يكررها منذ أيام زعيم حركة «النجوم الخمس» ورئيس الوزراء السابق جيوزيبي كونتي، وزعيم حزب «الرابطة» اليميني المتطرف ماتيو سالفيني، ضد تزويد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة.

وكان كونتي، الذي يرأس أكبر كتلة في البرلمان، دعا إلى توحيد جهود البلدان الأعضاء الكبرى في الاتحاد، ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، لتغيير وجهة السياسة الأوروبية من الحرب، والتركيز على الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار والبدء بمفاوضات السلام.