للمساهمة في تطوير اختبارات لدى الحوامل..
تطوير نموذج مخبري يشبه الجنين البشري في إنجاز علمي
علماء يطورون نموذجا مخبريا يوفر مخططا لجسم الإنسان عند تشكله بالاعتماد على الخلايا الجذعية، ويفتح الباب أمام علاج العيوب الخلقية والعقم.

في انجاز طبي تمكن علماء من تطوير نموذج مخبري يشبه الجنين البشري لفتح الباب على مصراعيه أمام إيجاد إجابات عديدة لألغاز تتعلق بالعيوب الخلقية والأمراض المرافقة للحمل والعقم والاضطرابات الوراثية.
وتمكن باحثون بريطانيون في جامعة كامبريدج من تطوير نموذج مخبري يشبه الجنين البشري ويمكن أن يوفر مخططاً لجسم الإنسان عند تشكله بالاعتماد على الخلايا الجذعية.
والخلايا الجذعية (أو الجذرية أو الخلايا الأولية أو الأساسية أو المنشأ) هي خلايا لها القدرة على الانقسام والتكاثر وتجديد نفسها.
وهي قادرة على تكوين خلية بالغة، وأهميتها تأتي من قدرتها على تكوين أي نوع من أنواع الخلايا المتخصصة كخلايا العضلات وخلايا الكبد والخلايا العصبية والخلايا الجلدية.
وهناك خلايا موجودة في الدم مسحوبة من الحبل السري للمواليد الجدد عند الولادة تساعد في الشفاء من أمراض خطيرة في الدم كاللوكيميا والليمفوما والورم النخاعي إضافة إلى أمراض وراثية وحالات الضعف في جهاز المناعة.
وتشبه الخلايا الجذعية المتأتية من دم الحبل السري تلك الموجودة في نخاع العظم وهي قادرة على إنتاج كل خلايا الدم من كريات حمراء وصفائح دموية وخلايا جهاز مناعي.
ومن المتوقع أن يساعد الانجاز الطبي الجديد الباحثين في تفسير أسباب العيوب الخلقية البشرية، وتطوير اختبارات لدى النساء الحوامل.
وسيسمح هذا الخرق العلمي بدراسة ما يسمى بفترة "الصندوق الأسود" أي فترة التطور البشري وتشكل الإنسان.
ولا يزال العلماء غير قادرين على مراقبة هذه المرحلة من النمو البشري بشكل مباشر في المختبر، نتيجة للقيود الأخلاقية والقانونية على الأبحاث الجينية.
وقد يساعد النموذج الجديد في الكشف عن أسباب العيوب الخلقية، أو الأمراض التي تبدأ أثناء الحمل، وغالباً ما ترتبط بالكحول والأدوية والمواد الكيميائية والعدوى الى جانب معرفة أسباب الولادة القيصرية.
وأظهرت دراسة فرنسية سابقة أن الولادة القيصرية مرتبطة بزيادة خطر حدوث مضاعفات خطرة للنساء مقارنة بالولادة الطبيعية خصوصا بالنسبة إلى اللواتي يبلغن 35 عاما وما فوق.
ورغم أن هذه المضاعفات نادرة، فإن الباحثين يوصون بأن تأخذ فرق الرعاية الصحية هذا الخطر في الاعتبار عند تحديد طريقة الولادة فيما ارتفعت معدلات التوليد بعمليات قيصرية بشكل كبير على مدار العشرين عاما الماضية في العالم.
وأظهرت دراسات في السابق نسبة أعلى من المضاعفات الخطرة (النزف الحاد والالتهابات والجلطات الرئوية…) لدى النساء اللواتي يلدن بعمليات قيصرية.
وأظهرت دراسة قديمة أن معدل وفيات الأمهات بعد الولادات القيصرية في أفريقيا أعلى بخمسين مرة من مثيله في الدول الغنية.
وفي الدراسة الجديدة وضع البروفيسور مارتينيز أرياس وزملاؤه الخلايا الجذعية الجنينية في "آبار صغيرة" لإنشاء ما يسمى gastruloids والتي تشبه الأجنة البشرية خلال المراحل المبكرة من التطور، أي حوالي 18-21 يوماً بعد الحمل
وقال الأستاذ في جامعة كامبريدج مارتينيز: "يعد مشروعنا جزء من برنامج التنمية البشرية. وكان من المثير للاهتمام مراقبة العمليات، التي كان من المستحيل مشاهدتها بالعين البشرية، ولم تكن متاحة لإجراء الدراسات عليها".
ورأى أن التجارب السابقة على أجنة الفئران والقرود، وكذلك تجارب التعديل على الحمض النووي للبويضات، لم تكن نتائجها كافية. ووفقا للعلماء، فإن المشروع الجديد لا يتعارض مع المعايير الأخلاقية.
وقالت عالمة الجينات نعومي موريس من جامعة كامبريدج "هذا نظام جديد مثير للغاية، سيسمح لنا بالكشف عن عمليات التطور الجنيني البشري المبكر في المختبر والتحقيق فيها للمرة الأولى".
ويراهن الخبراء في العالم على الخلايا الجذعية باعتبارها تساهم في احداث ثورة في عالم الطب والقضاء على الأمراض الخطيرة والمستعصية، وقد بات تخزينها قطاعا يدر مليارات الدولارات على مستوى العالم.
واستحالت بولندا القوة الأوروبية الأولى في حفظ الخلايا الجذعية التي تشكل عنصرا أساسيا في علاج قادر على الشفاء من ابيضاض الدم (اللوكيميا)…
تمكن اطباء في اليابان من زرع خلايا كبد مشتقة من خلايا جذعية جنينية لدى مولود جديد يعاني من مرض في الكبد، في سابقة عالمية قد تفتح الباب أمام خيارات جديدة في طب الأطفال.
لكن الباحثين يحذرون من الاسترسال في الآمال الكاذبة التي يولّدها هذا القطاع المربح.
وقد أجريت دراسات كثيرة بشأن استخدام هذه الخلايا الجذعية في معالجة أمراض أخرى خصوصا تلك العصبية. إلا أن هذه الجهود البحثية لم تصل إلى نتيجة حاسمة بعد.
ويقول خبير أمراض الدم الأميركي روجر مروفييك "ثمة قائمة بحوالي ثمانين مرضا يمكن أن تقدم الخلايا الجذعية علاجا شافيا منها. لكن في وضع الطب الحالي، تقتصر فعاليتها على حوالي اثني عشر مرضا منها اللوكيميا والشلل الدماغي".
ويضيف "هناك كلام غير دقيق يجري تسويقه أحيانا مفاده أنه في الإمكان استخدام هذه الخلايا في محاربة باركنسون والزهايمر والسكري".