السلطات تختار حلا سهلا يعيق أي تغيير

حل البرلمان الكويتي من دون حل عقدة البرلمان

الكويت

 أعلن وليّ عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح، الذي يتولّى معظم صلاحيات أمير البلاد، الأربعاء عبر التلفزيون الرسمي حل مجلس الأمة (البرلمان) والدعوة إلى انتخابات عامة جديدة وفقا للدستور، في خطوة قالت أوساط سياسية كويتية إنها كانت منقوصة طالما أنها لم تحل عقدة البرلمان وإزعاجه، وإن الوضع سيعود كما هو بعد الانتخابات المبكرة وبنفس الأساليب حتى وإن تغيرت بعض الوجوه.

وأكدت الأوساط السياسية الكويتية أن الأسرة الحاكمة الكويتية فضلت التعاطي الروتيني مع الأزمة بأن بادرت إلى حل مجلس الأمة، لكنها تهربت من اتخاذ قرارات حقيقية لتغيير طبيعة هذا المجلس وصلاحياته، وكان عليها أن تدعو إلى استفتاء شعبي يغير قواعد اللعبة ويحدث التوازن بين السلطات بالشكل الذي يمنع رهن مصير البلاد لمزاجية عدد محدود من الأشخاص سواء أكانوا نوابا في البرلمان أم عناصر من الأسرة الحاكمة يحركون لعبة التعطيل من وراء الستار لتحقيق مصالح خاصة.

وقال وليّ العهد في خطاب سبقه خطاب لأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح يبارك فيه قرارات وليّ العهد “قررنا مضطرين ونزولا عند رغبة الشعب.. واستنادا إلى حقنا الدستوري المنصوص عليه في المادة 107 من الدستور أن نحل مجلس الأمة حلا دستوريا والدعوة إلى انتخابات عامة”.

وهذا هو أول حل للبرلمان في عهد أمير الكويت الحالي الشيخ نواف الذي تولى الحكم في سبتمبر 2020 بعد وفاة أخيه الشيخ صباح الأحمد الصباح. وكانت آخر مرة تم حل البرلمان فيها عام 2016.

وتعيش الكويت أزمات متتالية منذ انتخاب البرلمان الحالي في الخامس من ديسمبر 2020، الذي حقق فيه أصحاب المواقف المعارضة للحكومة تقدما نسبيا.

ويقول مراقبون إن الكويتيين كانوا سيدعمون أيّ مبادرة رسمية لتغيير الوضع والحد من غلواء مجلس الأمة الذي يستمر في التحكم بمصيرهم وإفشال كل مساعي التغيير الحكومي، ودون مراعاة الظروف التي تمر بها البلاد وحاجتها إلى إحداث تغييرات جذرية في أداء الدولة استعدادا لمرحلة ما بعد النفط، والعجز عن توفير الرفاه الذي عاشه الكويتيون في عقود سابقة.

ويرى المراقبون أن البرلمان يفوّت على الكويت فرص السير على خطى دول خليجية أخرى حققت إنجازات كبيرة في وقت لا تزال فيه بلادهم تعاني أزمات سياسية متتالية. كما أن دول الجوار شرعت في وضع برامج كبرى وإغراء شركات عالمية بالانتقال إليها، فيما كان همّ الحكومات الكويتية هو السعي لإرضاء مجلس الأمة، وهو ما يجعل الاشتغال على الخطط الاستراتيجية أمرا معدوما.

وتصاعدت حدة هذه الأزمات في الأسابيع الأخيرة مع اعتصام نواب المعارضة في البرلمان منذ الرابع عشر من يونيو الجاري احتجاجا على ما يصفونه “بتعطيل الدستور”، ومن أجل الضغط على وليّ العهد للإسراع في تشكيل حكومة جديدة بعد استقالة الحكومة قبل أكثر من شهرين.

وتحدث وليّ العهد عن المشهد السياسي الذي “تمزّقه الاختلافات وتدمّره الصراعات وتسيّره المصالح والأهواء الشخصية على حساب استقرار الوطن وتقدمه وازدهاره”، ملقيا باللوم على السلطتين التشريعية والتنفيذية في هذا الوضع.

وقال “هذا كله بسبب تصدع العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتدخل التشريعية في عمل التنفيذية وتخلي التنفيذية عن القيام بدورها المطلوب منها بالشكل الصحيح”، مطالبا الشعب بإحداث التغيير.

وأضاف “نناشدكم أبناء وطننا العزيز ألا تضيّعوا فرصة تصحيح مسار المشاركة الوطنية حتى لا نعود إلى ما كنا عليه لأن هذه العودة لن تكون في صالح الوطن والمواطنين وستكون لنا في حالة عودتها إجراءات أخرى ثقيلة الوقع والحدث”.

وطبقا للدستور فإن الانتخابات القادمة لا بد أن تكون في غضون شهرين من حل البرلمان.

وقال وليّ العهد “سوف يصدر مرسوم الحل والدعوة إلى الانتخابات في الأشهر القادمة إن شاء الله بعد إعداد الترتيبات القانونية اللازمة لذلك”.

وتابع “لن نحيد عن الدستور ولن نقوم بتعديله ولا تنقيحه ولا تعطيله ولا تعليقه ولا حتى المساس به حيث سيكون في حرز مكنون فهو شرعية الحكم وضمان بقائه والعهد الوثيق بيننا وبينكم”.

وشكل هذا البرلمان منذ انتخابه تحديا حقيقيا للحكومة التي عانت من أزمات اقتصادية وسياسية طاحنة في ظل جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط قبل أن ترتفع في الشهور الأخيرة.

وأكد وليّ العهد “أننا لن نتدخل في اختيارات الشعب لممثليه ولن نتدخل كذلك في اختيارات مجلس الأمة القادم في اختيار رئيسه أو لجانه المختلفة ليكون المجلس سيد قراراته”.

وشهد انتخاب البرلمان لرئيسه الحالي مرزوق الغانم الموالي للحكومة جدلا واسعا بين نواب البرلمان وفي المجتمع حيث اتهمت المعارضة الحكومة بالتصويت له وإيصاله إلى رئاسة البرلمان.

ولم تعلق الحكومة على هذا الأمر، بينما يرى رئيس البرلمان أنه حقق نصرا مستحقا وفقا للدستور والقانون.

وطبقا للدستور فإن وزراء الحكومة المعينين يعتبرون أعضاء في البرلمان ويحق لهم التصويت. ويطالب نواب المعارضة برحيل رئيس البرلمان ورئيس الحكومة معا.

وعقب الكلمة كتب رئيس البرلمان على حسابه في تويتر:

وجاءت استقالة الحكومة في أبريل الماضي تفاديا لتصويت مجلس الأمة الكويتي على طلب “عدم التعاون” مع الحكومة الذي كان مقررا في اليوم التالي، بعد استجواب رئيس الوزراء في البرلمان.

ويعني تصويت البرلمان على عدم التعاون مع الحكومة دستوريا رفع الأمر إلى أمير البلاد ليقرر بنفسه إعفاء رئيس الوزراء وتعيين حكومة جديدة أو حل مجلس الأمة.

ويتمتع البرلمان الكويتي بنفوذ أكبر مما يحظى به أيّ مجلس مماثل في دول الخليج العربية الأخرى، ويشمل ذلك سلطة إقرار القوانين ومنع صدورها، واستجواب رئيس الوزراء والوزراء، والاقتراع على حجب الثقة عن كبار مسؤولي الحكومة.