طهران تؤكد بعد محادثات مع الدوحة رغبتها في اتفاق دائم

قطر تتطلع إلى إنجاز في ملف إيران النووي يعزز من وضعها كوسيط دولي

تسعى قطر جاهدة لتحقيق إنجاز في الملف النووي الإيراني في سياق مساعيها لتثبيت نفسها كوسيط دولي يعتمد عليه، لكن مراقبين يتشككون في إمكانية أن تحرز الدوحة تقدما حيث أن الأمر يبقى رهين إرادتي واشنطن وطهران.

صورة تحمل أكثر من دلالة

الدوحة

تولي قطر اهتماما خاصا بتحقيق اختراق في الملف النووي الإيراني، الذي يشهد تعثرا منذ أشهر، تفاقم مع طرح إيران شروطا إضافية بحسب ما يؤكده مسؤولون أميركيون.

وتعتبر الدوحة أن تحقيق إنجاز في هذا الملف، يخدم أجندتها في التحول إلى مركز دبلوماسي يحظى بثقة المجتمع الدولي. وتراهن قطر في ذلك على العلاقات الوثيقة التي تربطها بالولايات المتحدة وإيران.

وتولت قطر في السنوات الأخيرة العديد من الوساطات نجحت في بعضها لكنها أخفقت في العديد منها. ويعد الملف الأفغاني أبرز إنجاز تحقق لقطر إلى حد الآن. ويرى مراقبون أن فرص نجاح الدوحة في تحقيق اختراق في الملف النووي تبقى رهين إرادة الطرفين واشنطن وطهران.

وزار وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني طهران الأربعاء في تحرك جديد يهدف إلى كسر الجمود الحاصل في المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران. وجاءت زيارة الوزير القطري بعد أسبوع من مفاوضات فاشلة احتضنتها الدوحة بين واشنطن وطهران برعاية من الاتحاد الأوروبي.

وصرح دبلوماسي أميركي بارز في وقت سابق أن إيران رفضت في محادثات الأسبوع الماضي في قطر "خطوطا عريضة مفصلة للغاية" بشأن ترتيب تبدي الولايات المتحدة استعدادا لقبوله لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

واعتبر روبرت مالي المبعوث الخاص الأميركي إلى إيران، في تصريحات للإذاعة العامة الوطنية، أن المفاوضات التي جرت مؤخرا في الدوحة ترقى إلى "أكثر قليلا من فرصة ضائعة".

وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع الشيخ محمد بن عبدالرحمن "نحن عازمون على التوصل إلى اتفاق قوي ودائم، ورغم ادعاءات الولايات المتحدة.. لم نتقدم بأي مطالب جديدة خارج الاتفاق النووي".

وتشكك إيران منذ الأسبوع الماضي في عزم الولايات المتحدة على إنقاذ الاتفاق، بينما قالت واشنطن إن طهران أضافت مطالب جديدة في محادثات الدوحة. ومع ذلك، قال وزير الخارجية الإيراني الثلاثاء إن واشنطن "يجب أن تقرر ما إذا كانت تريد اتفاقا أم تصر على التمسك بمطالبها الأحادية".

وبموجب اتفاق 2015، قلصت إيران أنشطتها لتخصيب اليورانيوم، وهو سبيل محتمل لصنع أسلحة نووية، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية. وتقول إيران إنها تسعى للحصول على طاقة ذرية للأغراض المدنية فقط.

لكن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أعلن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في العام 2018 وأعاد فرض عقوبات اقتصادية صارمة، مما دفع طهران لخرق العديد من القيود النووية للاتفاق.

وبعد ما يقرب من عام من المفاوضات غير المباشرة في فيينا، تم الاتفاق على الخطوط العريضة لإحياء الاتفاق، لكن المحادثات انهارت بعد ذلك في مارس بسبب مطالبة طهران لواشنطن برفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأميركية. ورفضت الولايات المتحدة ذلك، بحجة أنه خارج نطاق إحياء الاتفاق.

وقال دبلوماسيون إيرانيون وغربيون إن العقبات الأخرى المتبقية أمام الاتفاق تشمل تقديم تأكيدات بأن واشنطن لن تنسحب من الاتفاق مرة أخرى وأن تسحب الوكالة الدولية للطاقة الذرية مطالبها المتعلقة بأنشطة طهران النووية.

وأوضح أمير عبداللهيان "يجب أن يضمن الجانب الأميركي أن تستفيد إيران بالكامل من اتفاق عام 2015 بعد إحيائه. وحتى الآن، الجانب الأميركي غير مستعد لتقديم مثل هذه الضمانات".

وتأتي التحركات القطرية المكثفة لتحقيق إنجاز في الملف النووي عشية زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة ستشمل إسرائيل والسعودية الخصمين اللدودين لإيران.

وقال الوزير القطري في المؤتمر الصحافي الذي عقد مع نظيره الإيراني “زيارتي لطهران تأتي في إطار أجواء إقليمية وتحديات دولية كبيرة، من المهم أن تكون هناك جهود بناءة لإنجاح الاتفاق النووي وتشجيع الحوار الإقليمي”. وأضاف “ندعم أي حوار بين طهران ودول الإقليم، وندعم أي مفاوضات من أجل الوصول إلى اتفاق عادل يراعي مخاوف كل الأطراف”.

ونسجت قطر على مدى السنوات الماضية علاقات متينة مع إيران، وبلغت هذه العلاقات في الأشهر الماضية مستوى جديدا، ترجم في مشاركة قيادات من الحرس الثوري الإيراني في معرض للدفاع احتضنته الدوحة، وقد أثارت تلك المشاركة للحرس الذي يصنف إرهابيا في الولايات المتحدة وعدد من دول الخليج جدلا واسعا.

وكان لافتا خلال المؤتمر الصحافي المشترك  وجود صورة لقاسم سليماني قائد فيلق القدس الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني الذي اغتالته الولايات المتحدة في العام 2020، في الجانب الخاص بالوفد القطري.