هل يدفع التقارب بين حفتر والدبيبة إلى توحيد المؤسسة العسكرية الليبية

زيارة الناظوري تعزز التكهنات بتوافق بين حفتر والدبيبة

يصل رئيس أركان القوات المسلحة الليبية الفريق أول عبدالرزاق الناظوري إلى العاصمة الليبية طرابلس التي تعيش على وقع توتر عسكري بعد قرار رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة إقالة مصطفى صنع الله من المؤسسة الوطنية للنفط طبقا لتفاهمات مع قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر.

تحرك من أجل حلحلة الأزمة

طرابلس

تناقلت وسائل إعلام ليبية صباح الاثنين أخبارا مرفقة بصور عن وصول رئيس أركان القوات المسلحة الليبية الفريق أول عبدالرزاق الناظوري إلى مطار معيتيقة في العاصمة طرابلس، وبرفقته أعضاء من اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 عن المنطقة الشرقية، وهو ما يعزز التكهنات التي تفيد بحصول توافقات بين قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة.

وتأتي زيارة الناظوري في أعقاب توتر أمني في العاصمة طرابلس على خلفية قرار الدبيبة إقالة مصطفى صنع الله من رئاسة المؤسسة الوطنية للنفط ورفض الأخير للقرار وما أعقب ذلك من تحركات عسكرية أثارت الكثير من القلق بشأن إمكانية عودة البلاد إلى مربع العنف.

وبحسب الأنباء الواردة كان في استقبال الناظوري بالمطار رئيس الأركان العامة التابعة لحكومة الدبيبة الفريق أول محمد الحداد. وأشارت الأنباء إلى أن الغرض من الزيارة هو “استئناف مشاورات تطبيق وقف إطلاق النار”.

لكن الأمر يتعلق كذلك وفق مراقبين بحالة التوتر في طرابلس حيث تشهد مداخل العاصمة الليبية تحشيدات مسلحة، كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو لأرتال عليها أسلحة متوسطة يبدو أنها “تحركت من الزاوية (40 كيلومترا غرب طرابلس) وتمركزت في بوابة جسر الـ27 غرب العاصمة، بقصد إعادة مصطفى صنع الله إلى منصبه على رأس مؤسسة النفط”.

وتم بعد ذلك من بنغازي الإعلان عن استئناف إنتاج وتصدير النفط، ورفع القوة القاهرة عن الحقول والموانئ النفطية، في خطوة تشير أنباء إلى أنها جاءت بالاتفاق بين الدبيبة والقائد العام للجيش الوطني الليبي.

وفي المقابل انتشرت أرتال أخرى داعمة للدبيبة تمترست في مدخل طرابلس الغربي بمنطقة الغيران، مع وجود تحركات عسكرية في مدخل المدينة الشرقي بتاجوراء، ومدخلها الجنوبي بطريق المطار، وأمام مقر مؤسسة النفط وسط المدينة.

وفيما لم يُسمع إطلاق نار في الأرجاء، ولم يصدر أي تعليق رسمي، انتشرت أنباء تفيد ببدء انسحاب القوات القادمة من الغرب بعد تزايد التحشيدات المضادة والمؤيدة لحكومة الدبيبة في طرابلس.

وتواترت التسريبات منذ انتشار خبر إقالة صنع الله مفادها أن اتفاقا جرى بين ممثلين لكل من خليفة حفتر والدبيبة ينص على إقالة صنع الله الذي يتهمه الشرق بالانحياز إلى الحكومات في طرابلس وتيار الإسلام السياسي منذ تعيينه في 2015، وتسديد ديون على المؤسسة العسكرية منذ حرب طرابلس، مقابل دعم البرلمان لتعديل وزاري سيجريه الدبيبة قريبا وإسقاط حكومة فتحي باشاغا.

ويذكر أن المؤسسة العسكرية الليبية منقسمة إلى مؤسستين، في الشرق والغرب. ولم تنجح جهود اللجنة العسكرية المشتركة في توحيدها.

وتشكلت اللجنة العسكرية كنتيجة لاتفاق برلين عام 2020، ونجحت في تأكيد وقف إطلاق النار الموقع نهاية العام نفسه، إلا أنها علقت اجتماعاتها منذ أشهر بعد فشل جهود إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية، حتى تمكنت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني ويليامز من إعادة جمع أعضائها في اجتماع الجلسة العامة لمجموعة العمل الأمنية من أجل ليبيا، الذي عقد في تونس مطلع يونيو الماضي.

وليس من المرجح أن تؤدي التطورات السياسية والتوافقات بين الدبيبة وحفتر إلى توحيد المؤسسة العسكرية رغم بعض التفاهمات بشأن عدد من الملفات والخلاف الحاد مع رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح والحكومة المدعومة منه بقيادة فتحي باشاغا.

وفي المقابل قال رئيس لجنة متابعة الأجهزة الرقابية بمجلس النواب الليبي زايد هدية إن المجلس الأعلى للدولة “لم يتجاوب مع مجلس النواب في مشاورات المناصب السيادية”.

ونقل المتحدث باسم مجلس النواب عبدالله بليحق، عبر صفحته في فيسبوك، عن هدية قوله إن مجلس النواب “أدى ما عليه، وهو ملتزم بكل الاتفاقيات المنصوص عليها في ما يتعلق بالمناصب السيادية والتشاور مع مجلس الدولة”.

وأوضح هدية أن مجلس النواب “أحال كل المُرشحين للمناصب السيادية إلى مجلس الدولة مرات عديدة… وفوجئنا بعدم تجاوب مجلس الدولة أو تعاطيه معنا في هذه المشاورات”.

وأشار هدية إلى “عزم مجلس النواب عقد جلسة طارئة خلال الأيام القليلة القادمة لتسمية المناصب السيادية”، دون أن يحدد مكان وتاريخ الانعقاد، مكررا دعوة مجلس الدولة إلى إحالة الأسماء على مجلس النواب لعرضها في جلسة، ومؤكدا على أن الوقت حاليا يُحتم عليهم إنجاز هذا الاستحقاق المهم وبشكل عاجل في جلسة لمجلس النواب.

وكان عقيلة صالح قد كشف في السابع من يوليو الجاري عن تقديم المجلس قائمة المرشحين للمناصب السيادية إلى مجلس الدولة، وانتظار الرد.

وجاءت تصريحات عقيلة بعد اقتحام متظاهرين مقر مجلس النواب في طبرق وإتلاف بعض محتوياته مطلع الشهر الجاري، الأمر الذي يثير تساؤلا عن مكان انعقاد الجلسة القادمة للمجلس.

وكان المجلس قد عقد جلساته الأخيرة في مدينة سرت، دعما للحكومة المكلفة من طرفه برئاسة باشاغا، والتي تتخذ من سرت مقرا مؤقتا لها، نتيجة عدم تمكنها من استلام مهامها ودخول عاصمة البلاد بسبب تمسك حكومة الوحدة الوطنية بالسلطة ورفضها التسليم إلا لما تعتبره سلطة منتخبة.