بروكسل تقدم شكاوى ضد لندن بسبب "انتهاكات" بروتوكول أيرلندا الشمالية

خلافات بريكست تسمم العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا

اتخذت الخلافات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بشأن بروتوكول أيرلندا الشمالية بعدا تصاعديا يزيد من توتير العلاقات بين الطرفين، بعد أن لجأت بروكسل إلى المحاكم لثني لندن عن المضي قدما في تعديلات أحادية الجانب.

الاتحاد الأوروبي يتجاوز الدبلوماسية مع بريطانيا

بروكسل

 رفع الاتحاد الأوروبي أربع شكاوى ضد بريطانيا الجمعة، بسبب ما يزعم بأنه انتهاكات في اتفاق تجاري لما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست”، تؤثر على شحن البضائع إلى أيرلندا الشمالية، ما يزيد من توتير العلاقات المتوترة أصلا بين بروكسل ولندن.

وذكرت المفوضية الأوروبية أنها اضطرت إلى التحرك، نظرا لأن بريطانيا لم تشارك في “مناقشات ذات مغزى” بشأن القضية منذ فبراير الماضي.

وتشير بروكسل على سبيل المثال إلى أنه لا يتم احترام قواعد الجمارك المناسبة، على سبيل المثال، وأن قواعد معينة للاتحاد الأوروبي لا يتم تطبيقها. ويتبقى شهران لبريطانيا الآن لترد على ذلك.

وربما تتم إحالة القضية إلى محكمة العدل الأوروبية، وإذا ثبتت إدانة بريطانيا بانتهاك الاتفاقيات، فربما يتم فرض غرامات باهظة عليها.

وأضافت المفوضية أن بروكسل مستاءة أيضا من مشروع القانون حول بروتوكول أيرلندا الشمالية، الذي يشق طريقه عبر البرلمان.

وترغب لندن في تغيير بعض أجزاء اتفاق بريكست الذي أبرمته في 2019 من جانب واحد، ويقول الاتحاد الأوروبي إن ذلك غير قانوني.

وأسس تحرك بريطانيا الأحادي لتعديل بعض بنود بروتوكول أيرلندا الشمالية لحلقة جديدة من التوتر مع بروكسل، التي هددت بفرض إجراءات عقابية تجارية إن تم تجاوزها. ويرى البريطانيون في تعديل بعض بنود الاتفاق ضرورة ملحة للحفاظ على اتفاق الجمعة العظيمة، فيما يرى الأوروبيون في ذلك انتهاكا لاتفاق انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وعرضت الحكومة البريطانية مؤخرا أمام البرلمان مشروع قانونها لتعديل بعض بنود بروتوكول أيرلندا الشمالية، والذي تم التفاوض عليه في إطار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست”، ويثير توترا شديدا في المقاطعة البريطانية وخلافات مع بروكسل.

وإذ تؤكد الحكومة أن النص المقترح “قانوني”، إلا أن حزب العمال المعارض والحزب الجمهوري الأيرلندي “شين فين” يتهمانها بـ”انتهاك القانون الدولي”.

وينص مشروع القانون على مرور البضائع المتداولة والمتبقية داخل المملكة المتحدة عبر “قناة خضراء جديدة” وتحريرها من الإجراءات الإدارية. وستظل البضائع الموجهة إلى الاتحاد الأوروبي خاضعة لجميع الضوابط وعمليات التدقيق المطبقة بموجب قانون الاتحاد الأوروبي.

وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، فإن هذا يعتبر تراجعا عن اتفاقية دولية ومن شأنه أن يبرر إجراءات انتقامية تجارية.

وأنشأ البروتوكول، الذي أبرم لحماية السوق الأوروبية الموحدة، حدودا جمركية في بحر أيرلندا لإبقاء أيرلندا الشمالية في المدار الجمركي للاتحاد الأوروبي، وتجنب إنشاء حدود برية بين المقاطعة البريطانية وجمهورية أيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، وحماية اتفاق “الجمعة العظيمة” الذي وقّع في العام 1998 ووضع حدا لأعمال عنف دامية استمرت عقودا وأسفرت عن مقتل 3500 شخص.

لكن الوحدويين يرون أنه يشكل تهديدا لمكانة المقاطعة داخل المملكة المتحدة التي يرتبطون بها بشدة. ويرفض الحزب الوحدوي لأيرلندا الشمالية المشاركة في حكومة جديدة في بلفاست، في حال عدم تعديل البروتوكول.

وأعلنت الحكومة البريطانية التي تدعم الوحدويين في منتصف مايو رغبتها في سن تشريع لتعديل البروتوكول.

وترغب الحكومة البريطانية في اعتماد نظام جديد، بحيث تمر البضائع المتداولة والمتبقية داخل بريطانيا عبر “قناة خضراء جديدة” وتحررها من الإجراءات الإدارية. وتبقى البضائع الموجهة للاتحاد الأوروبي خاضعة لجميع الضوابط المطبقة بموجب قانون الاتحاد الأوروبي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني المستقيل بوريس جونسون إنها “تغييرات بيروقراطية ضرورية، وبصراحة إنها سلسلة تعديلات بسيطة إلى حد ما”، مؤكدا أن مشروع القانون شرعي.

وأوضح جونسون أن “التزامنا الأساسي كدولة يتعلق باتفاقية الجمعة العظيمة في بلفاست”.

ولطالما حذرت جمهورية أيرلندا، الجارة الأقرب من المقاطعة البريطانية، من تعديل البروتوكول من جانب واحد.

وتم وفقا للاتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولكن بقيت المخاوف من أن يؤدي تشديد الإجراءات على الحدود بين جمهورية أيرلندا و أيرلندا الشمالية، والتي لا تزال جزءا من المملكة المتحدة، إلى تفاقم التوترات الطائفية التي لم تهدأ سوى في العقدين الماضيين.

وأيرلندا الشمالية منقسمة بين معسكرين، أحدهما يريد علاقات أوثق مع جمهورية أيرلندا، والآخر يرغب في البقاء جزءا من المملكة المتحدة.

لكن إبقاء الحدود مفتوحة ينطوي على خطر دخول منتجات بريطانية إلى الاتحاد الأوروبي دون فحصها، وهذا هو السبب في إصرار التكتل على تشديد القيود بين أيرلندا الشمالية وبريطانيا العظمى.

وأقر البروتوكول بوضعية أيرلندا الشمالية كمنطقة هشة خارجة من نزاع، تتشارك الحدود البرية الجديدة للمملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي.

وأما جمهورية أيرلندا المجاورة لأيرلندا الشمالية والعضو في الاتحاد الأوروبي، فهي قلقة بشكل خاص من تداعيات قرار بريطاني أحادي محتمل. وعبّر وزير الخارجية الأيرلندي سيمون كوفيني عن قلقه من إمكانية تعرض “الثقة” لضربة تصعّب عملية “التوصل إلى حلول”، قائلا إنه “يأسف كثيرا” لما يصدر عن بريطانيا.