البلاد المثقلة بالديون تواجه أوضاعا اقتصادية ومالية متفاقمة

الأزمة السياسية تخفف من حدة الصراع الديني في سريلانكا

السريلانكيون باتوا يدركون المغالطات السياسية والمجتمعية

كولومبو

شكلت الأزمة الاقتصادية في سريلانكا وعدم الاستقرار السياسي الناجم عنها عاملا هاما في تخفيف حدة التصدع الديني.

وشهدت سريلانكا في أبريل 2019 مجموعة من التفجيرات تزامنا مع عيد الفصح، استهدفت ثلاث كنائس مسيحية وخمسة فنادق في عدة مدن، بما فيها العاصمة كولومبو.

وتسببت التفجيرات في مقتل ما لا يقل عن 259 شخصا، إضافة إلى إصابة أكثر من 500 آخرين.

وعلى مدار السنوات الماضية، أصبح المسلمون الذين يشكلون 9.7 في المئة من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم 21 مليون نسمة، أهدافا للجماعات البوذية السنهالية المتشددة.

وقال النائب البرلماني حافظ نظير أحمد، عن حزب “مؤتمر مسلمي سريلانكا”، إنه رغم تأثير الأزمة الجارية في سريلانكا على كافة المواطنين “إلا أنها تسببت في وحدة الشعب بغض النظر عن الخلفيات الدينية”.

وأضاف المتحدث أن السريلانكيين “باتوا يدركون المغالطات السياسية والمجتمعية التي تسببت في توليد شعور الكراهية الدينية”.

وأردف “أدرك الشباب بالتحديد أنه لا بد من حشد الجهود من أجل التمتع بسريلانكا موحدة، لا تقوم على التفرقة المجتمعية والطائفية”.

وفي عام 2014 اتهم تحالف الأقليات السريلانكي (مجموعة من ثماني منظمات مجتمع مدني)، رهبانا متطرفين بالترويج لخطاب الكراهية والتحريض على أعمال شغب ضد المسلمين.

وقال التحالف آنذاك إن إدارة الرئيس الهارب غوتابايا راجاباكسا منحت الجناة “إفلاتا تاما من العقاب”.

وفي عام 2013 أطلقت منظمة “بودو بالا سينا” في سريلانكا حملة ضد الطعام الحلال، وهي منظمة قومية سنهالية بوذية.

كما قادت المنظمة أيضا هجمات ضد المسلمين في بلدة “ألوثغاما” الساحلية في 2014، وبمنطقة كاندي (وسط) في 2018، ما أدى إلى خسائر في الأرواح وتدمير للممتلكات.

وتصاعدت الهجمات في سريلانكا ضد المسلمين بعد أن نفذ تسعة انتحاريين سلسلة من التفجيرات خلال عيد الفصح في 2019.

وأفاد المحامي والدبلوماسي السريلانكي السابق رازق زروق بأن “عامة الناس لديهم الآن مشكلة مشتركة، نحن أبناء أمة واحدة وهذا النوع من المشاعر موجود، نحن نواجه أزمة، الجميع يبحر في نفس القارب”.

وألقى زروق باللوم على السياسيين في تأجيج خطاب الكراهية الدينية.

وأردف “لقد استخدم السياسيون هذه القضية في سياساتهم، والآن لم تعد مهمة، لا نعرف إلى متى سيستمر الوضع لكن الآن لا أحد يفكر في الطائفية”.

وأوضح مفاز إسحاق صاحب شركة لتكنولوجيا المعلومات أن جميع السريلانكيين حاليا “يكافحون ضد المشكلات الاقتصادية، ما نتج عنه توحيد لجميع فئات المجتمع وطوائفه”.

وتابع “أثرت أزمة الوقود والغاز علينا جميعا، لكنها جمعتنا معا لإحداث التغيير وحتى لا يتكرر سوء الإدارة الاقتصادية للبلاد”.

ومع ذلك، يتخوف إسحاق من ألا تستمر هذه الحالة المجتمعية القائمة على الوئام طويلا.

وأوضح رجل الأعمال امتياز بوهاردين أنه في الماضي كانت هناك مشكلات يختص بها المسلمون “لكن الأزمة الاقتصادية الحالية باتت تؤثر على الجميع”.

وقال “الكراهية والمشاعر المعادية للمسلمين هدأت قليلا في الوقت الحالي، لا يمكننا قول أي شيء عن المستقبل، من الصعب التكهن”.

واستطرد “الماضي لم يكن جيدا، والآن تحسنت العلاقة بين طوائف المجتمع ونأمل أن تتحسن الأمور أكثر”.

وتشهد سريلانكا أزمة سياسية واقتصادية تفاقمت باندلاع احتجاجات شعبية واقتحام مواطنين غاضبين لمقر إقامة الرئيس غوتابايا راجاباكسا، ما دفعه للهروب خارج البلاد، في يوليو الجاري.

وتعاني سريلانكا منذ عدة أشهر نقصا حادا في الغذاء والوقود والأدوية، وهي أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلال البلاد عام 1948، بعد أن أدت جائحة كورونا إلى انخفاض كبير في عائدات السياحة والتحويلات المالية من المغتربين.

كما تواجه البلاد المثقلة بالديون أوضاعا اقتصادية ومالية متفاقمة، نتيجة تراجع المداخيل المالية الناجمة عن تأثير الجائحة، وعجز عن الاستيراد لعدم توفر النقد الأجنبي.