النفط الإيراني.. تحديات لطالبان واختبار لواشنطن في ظل الاستقطاب الدولي

علم إيران
تمر حركة طالبان بظروف اقتصادية متدهورة، متأثرة بتواتر الحروب والصراعات في البلاد، إلى جانب تبعات الأزمة المالية التي واجهت العالم جراء انتشار جائحة كورونا و(الحرب الروسية- الأوكرانية).
ويفرض ذاك الوضع تساؤلات حول التأثيرات المحتملة على سير العملية السياسية في أفغانستان، وقدرة طالبان على تلبية الاحتياجات الأساسية لتنظيم شؤون المواطنين، ويأتي النفط كأبرز المتغيرات المحتمل أن تؤثر على طبيعة العلاقات الدولية للحكومة الجديدة بأفغانستان، إذ قررت حكومة طالبان استيراد النفط من إيران للتحكم في أسعاره بالبلاد.
طالبان وتحديات العلاقات الدولية وسط أزمة الوقود
عقدت حكومة طالبان في 23 يوليو 2022 اتفاقًا مع إيران لاستيراد 350 ألف طن من النفط، وصرحت وزارة المالية بأن استيراد النفط من طهران سيبدأ خلال أسابيع من إبرام الاتفاق، ويهدف إلى التحكم في وتيرة الأسعار.
وترتفع أسعار النفط في كابول إذ يبلغ سعر لتر البنزين 99 سنتا، ما يؤثر بدوره على أسعار منتجات أخرى، فمن جانبها أعلنت طالبان توصلها لاتفاق مشترك مع الجانب الإيراني لتسهيل التجارة بين الطرفين، وتسهيل وصول إمدادات المواد البترولية بجانب تشييد خط لأنابيب الغاز.
تفرض أزمة الوقود اختبارًا صعبًا على طالبان، وقد يؤثر على طبيعة علاقتها الدولية، فمن جهة تحتاج الحركة لتخفيف الضغوط الاقتصادية على المواطنين لتتمكن من إحكام قبضتها على الشارع، في الوقت الذي تحتاج فيه لموازنة علاقاتها الخارجية، فإمدادات الطاقة التي ستحصل عليها من طهران تأتي ضمن هذه الموازنات وسط ما قد تتخلله من تحديات مع الجانب الأمريكي أو حتى محاولة للترويج لإمكانية الاعتماد على قوى منافسة في ظل استقطاب عالمي حاد، خلال المرحلة الحالية.
لا تتمتع علاقات طالبان وإيران بالتوافق التام بل يحكمها المصالح المشتركة شأن جميع العلاقات الدولية، ولكن الأبرز في هذا الملف هو خصوصية الطرح، حيث العقائد المختلفة والأهداف التي يسعى إليها الطرفان.
يستمد النظام الإيراني وكذلك طالبان قدرتهما على الحكم من مرجعية دينية تختلف فقهيًّا، ولكنها تحكم أبجديات الانضمام والتعاطف الشعبي معها، ومن ثم فإن التماس بين النظامين يُحكم بمصالح بحنكة تخفف من وطأة الأطماع وبالأخص للإيرانيين تجاه الداخل الأفغاني.
النفط الإيراني..
الوقود وأزمات أخرى تحاصر طالبان
تحاول حركة طالبان الخروج من أزماتها الاقتصادية التي تضاعفت جراء القرار الأمريكي بمصادرة حساباتها في الخارج ومنعها من التصرف في أرصدة أفغانستان إلى جانب قرارات البنك الدولي وصندوق النقد ما يضعف من تقدمها ويقوضها دوليًّا.
ولكن تُظهر الأزمة أبعادًا مختلفة مع مرور الوقت، ففي الوقت الذي ارتأت فيه الولايات المتحدة الأمريكية مصلحة في تقويض طالبان ماليًّا لإخضاعها لأجندتها، تفاعلت الحركة مع قوى أخرى معادية مستغلة الصراعات الدولية لتخلق لذاتها متسعًا جديدًا للتحرك قد يهدد مساعي واشنطن نحو الاستقطاب العالمي الحالي.
وأن علاقة طالبان وإيران ليست وليدة الظرف الأخير ولكنها ممتدة من قبل ذلك، إذ تحرص الحركة على علاقات متوازنة مع طهران، في ظل احتياجات متعددة خلال الوقت الراهن، ويبقى الأهم هو قدرة الحركة على تمرير مصالحها دون الانجراف لتحديات أكبر من حجمها السياسي قد تؤثر على مستقبلها، ومن جهة أخرى يمثل ذلك اختبارًا جديدًا لواشنطن في المنطقة.